* بدأت ألتزم ولله الحمد، وقد التزمت خوفاً من النار، وطمعاً في الجنة فقط، والآن -ولله الحمد- أضفت إليهما شكر الله، فهل بدايتي في الالتزام صحيحة؟. ** الحمد لله رب العالمين حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأصلي وأسلم على خير خلقه وصفوة رسله نبينا محمد وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد: أيها السائل الكريم: أسأل الله تبارك وتعالى أن يثبت قدميك على طريق الالتزام وأن يهدينا وإياك إلى الصراط المستقيم. أيها الأخ الكريم إن منهج القرآن في الدعوة إلى الطاعة والصد عن المعصية يقوم على الترغيب والترهيب، فتارة تجد الآيات ترغب وتحبب، وتارة أخرى تجدها تهدد وتتوعد، على سبيل المثال قول الله تبارك وتعالى في سورة الحجر آية رقم 49: (نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) ثم توعد في الآية التي تليها وقال: (وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ). منهج يتعامل مع طبيعة النفس البشرية، فالنفس تعمل وتجد إذا ما أحست أن هناك نفعا وثوابا من وراء هذا العمل، وأن النفس إذا لم تجد زاجرا ولا رادعا فإنها تفتر عن العمل وتكسل عن فعل الخير، ومن أجل هذا خلق الله الجنة والنار، خلق الجنة ومنَّ بها المؤمنين ووعدهم إياها حتى إذا ما سلك السالكُ طريق الطاعة رأى في نهايته بريق الجنة جدَّ في السير وأسرع الخطى إليها، وخلق الله سبحانه وتعالى النار وهدد بها العصاة وجعلها جزاء من خالف أمره حتى إذا ما همَّ الإنسان أن يطأ بقدميه أرض المعصية وجد لفح النار فعاد سريعا إلى رشده وصوابه إذا كان من أهل الرشد والصواب، فما أنت عليه أيها الأخ الكريم، وما التزمت على أساسه إنما هو الطبيعي، وهو الذي ينبغي أن يكون عليه كل الناس أن يلتزم بمنهج الله طمعا فيما عند الله، وأن تكف عما نهى الله عنه خوفا من عقاب الله تبارك وتعالى. وأما من تدرج في مدارج السالكين، وارتقى في منازل السائرين حتى أصبح يعبد الله ويطيع الله لا خوفا من عقاب ولا طمعا في ثواب، وإنما يحب الله لأنه هو الله المنعم عليه والمتفضل لأنه هو الله المستحقّ بالعبادة، وأن أفضاله ونعمه وآله لا يمكن أبدا أن تُقابل بالجحود والعصيان والنكران، فإن هذه درجة عالية ومقام رفيع نسأل الله أن يوصلنا إليه، وأن يبلغنا إياه، فاطمئن أخي الحبيب في أنك تسير على الطريق الصحيح وفق منهج القرآن بإذن الله تعالى ونسأل الله أن يثبتنا ويثبتك على طاعته سبحانه وتعالى. أخي الكريم أحسب أن في هذا القدر الكفاية، وأسأل الله تبارك وتعالى أن يرشدك إلى طريق الخير والصواب في كل وقت، وأن يثبت قلبك على دينه، وأن يصرف قلبك على طاعته وأن يصلح لنا جميعا أحوالنا إنه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) وعلى آله وصحبه ومن والاه. والحمد لله رب العالمين.