يسبب فشل العلاقة الزوجية أيضاً اشتراط السكن الخاص يفاقم العنوسة بعد أن كانت البيوت قبل سنوات تسع لضم أكثر من خمس عرائس أين كانت النية حسنة وسليمة، أضحت البيوت في الوقت الحالي لا تكاد تسع لضم عروس واحدة بناءً على رغبة أهل الزوج تارة وبناءً على طلبات العروس تارة أخرى، بعد أن راحت طلبات بنات اليوم تتمحور كلها حول ضمان الزوج البيت المستقل عن العائلة الكبيرة، وفي ظل تضاءل فرص السكن الفردي والأزمة الحاصلة، انعكس الأمر سلبا وأفرز تأخر سن الزواج بالنسبة للجنسين معا في ظل تلك الشروط التعجيزية التي باتت تشترطها بعض الفتيات لأسباب معينة، فالشاب أضحى بالكاد يقوى على توفير منصب عمل قار ليكون السكن المنفرد حلما بعيد المنال يسهل فقط على ميسوري الحال. مشكل السكن أدى بالكثيرين إلى العزوف عن فكرة الزواج وهو مشكل ثان بعد مشكل العمل، خصوصا وأن أغلب فتيات اليوم صرن يشترطن البيت المستقل عن البيت العائلي لأسباب متعددة منها تفادي الصراعات التي قد تحدث قياسا على بعض التجارب المعاشة، إلى جانب أن البيت المنفرد سيكون أكثر استقلالية للزوجين لبناء حياتهما كيفما يريدان، وصارت بعض الفتيات ترفض حتى المكوث والاستقرار مع والديْ الزوج حتى في غياب الإخوة والأخوات لتجنب (تحمُّل عبئهما) حسب ما أثبته الواقع في الكثير من المرات مما يؤدي إلى نشوب الصراعات وفشل العديد من الزيجات. وقد طغت فكرة البيت المستقل على أغلب الفتيات، وحتى من هضمت الأمر وتقبلته فهي في أغلبها خوفا من فوات قطار الزواج ليس إلا، ومن الأزواج من اتجهوا إلى الكراء كحل أول وأخير في انتظار ساعة الفرج. اقتربنا من بعض المواطنين قصد سبر آرائهم في الموضوع فتباينت بين مؤيد ومعارض لفكرة البيت المستقل، وأجمع البعض أنها من الأمور التعجيزية التي ساهمت بشكل أوسع في تأخر سن الزواج وتفاقم العنوسة، منهم السيد محمد في العقد الرابع، أعزب، والذي التقيناه بساحة أودان وطرحنا عليه الفكرة إذ عبر بالقول (بالفعل فتيات اليوم يطلبن المستحيل بلهثهن وراء البيت المستقبل وإجبار الزوج على ذلك، وتخبُّط الكل في نفس قوقعة المشاكل الاجتماعية تجعل الحلم صعبَ المنال، فالواحد منا بالكاد يقوى على توفير لقمة العيش والعمل، أما السكن الفردي فهو صعب جدا في الوقت الحالي. وختم بالقول أنه يفضل العزوبية بدل الدخول في تلك الصراعات التي تجلب القلق والتوتر. أما السيدة فطومة فقالت إن فتيات اليوم يختلفن عن امرأة الأمس التي كانت تواجه الكثير من الصعاب لأجل الحفاظ على بيتها وعلى العائلة الكبيرة للزوج، وقالت إنها شخصياً عاشت بالبيت الكبير للحمو والحماة وجمع ذلك البيت أربع عرائس اجتمعوا على الحلوة والمرة والشدة والفرج، وترعرع رجال في ذلك البيت وبعد سنوات طويلة استقر كل واحد ببيته، وعادت لتقول إن بعض بنات اليوم يشترطن الحياة السهلة واليسيرة من الأول، حتى أنها على معرفة ببعض من رفضن المكوث مع والدي الزوج في غياب الإخوة والأخوات قصد التهرب من المسؤولية، وهو أمر غير معقول. فالسعادة لا تغلب دوما على الحياة الزوجية ووجب على الفتاة أن تكون مستعدة لمجابهة العديد من العقبات التي