تنتشر بشكل خطير بين تلاميذ المتوسطات والثانويات من يحمي مدارسنا من الأسلحة البيضاء؟ تحوّلت (الرجلة) عن معناها الحقيقي بين المراهقين لتصبح عبارة عن حمل السكاكين أو (المواس) كما يطلق عليها بالعامية، مما أدى إلى تسجيل جرائم بين الفينة والأخرى والتي تتراوح بين الجروح وحتى تسجيل وفيات فيما بين التلاميذ على مستوى المدارس، فالأسلحة البيضاء أصبحت اليوم من أدوات التلميذ يأخذها معه إلى مدرسته ليتباهى بقوته دون مراعاة للنتائج الوخيمة لهذه الظاهرة بعد أن تتحول المدرسة إلى حلبة للصراع، يروح ضحيتها كل التلاميذ.. باتت ظاهرة حمل السكاكين أو الأسلحة البيضاء باللفظ القانوني، صورة من صور العنف المدرسي الذي بات ينهش مدارسنا من كل جهة، وصار التلاميذ ينهلون العلم في مواضع غير آمنة حتى أن أولياءهم باتوا يتخوفون من حمل أبنائهم لتلك العادات المشينة أو حتى تعرضهم إلى حوادث هناك. وهو الأمر الذي يؤكد غياب دور الأسرة وانعدام رقابتها تماما اتجاه الأبناء، بحيث تعد الرقابة أمرا ضروريا لتفادي الوقوع في مثل تلك السلوكات التي تشتكي منها المدارس الجزائرية بعد أن اتخذ العنف أبعادا خطيرة، وصار الأطفال مثلهم مثل المنحرفين يلجأون إلى حمل السكاكين بقصد الحماية حسبهم، وكأنهم بوطئهم المدارس يدخلون على حرب بعيدا عن قصد التعلم ونهل مختلف العلوم وأسس التربية القويمة. وتكثر تلك الحوادث أكثر على مستوى المؤسسات التربوية التي تنتشر بالمقاطعات الشعبية التي تجمع بين مختلف الطبقات الاجتماعية، وشاع فيها العنف سواء في الشارع أو في المدارس خصوصا وأن أغلب التلاميذ ينقلون صور العنف من الشارع إلى المدرسة كما يؤكده دوما المختصون في التربية وحتى من الأسرة إلى المدرسة بالنسبة للأولياء الذين يجهلون طرق معاملة أطفالهم ويواجهونهم دوما بالعنف ويزرعون بذرته بداخلهم وينقلونه هم بدورهم إلى المدرسة. طفنا ببعض المدارس والثانويات عبر العاصمة للتقرب من بعض التلاميذ وسماع حقيقة ما يجري على أفواههم، فوقفنا على وقائع تفسر الحالة الكارثية التي وصلت إليها منظومتنا التربوية ككل، ولم يعد الأمر مقتصرا على حمل الأسلحة البيضاء بل حتى المخدرات غزت مدارسنا وباتت تنتشر بين تلامذتنا حتى في الطور الابتدائي. ما سرده علينا تلاميذ من متوسطة بباب الوادي إذ أجمعوا أن الظاهرة هي متفشية بكثرة وأضحت السكاكين ديكورا يطبع الأقسام ويستعملها التلاميذ في حالة العراك فيما بينهم. وأوضحت لنا تلميذة من ذات المتوسطة أنه في مرة وفي حصة اللغة العربية اشتبك تلميذان بالأيادي وتطورت الأمور إلى ما هو أخطر، وراح أحد التلاميذ يخرج سكينا من نوع (كلونداري) من الجيب وأشهره في وجه التلميذ الآخر، وبحضور معلمة اللغة العربية مما أدى إلى حالة هلع بين التلاميذ وتدخل الطاقم الإداري لحسم الموقف. نفس ما بينه عماد تلميذ بالطور الثانوي الذي قال إن الظاهرة تفشت بين التلاميذ وصار التلميذ الذي لا يحمل سكينا غير شجاع ويتعرض في كل مرة إلى الاستفزاز من طرف بعض التلاميذ حتى يضمونه إلى المجموعة بطريقة جبرية ويصبح مثلهم. وتدفع ثمن تلك السيناريوهات المأساوية الفتيات اللواتي تنتابهن حالة من الهلع والخوف بعد مشاهدتهن لتلك المواقف والاشتباكات التي تتطاير فيها السكاكين فوق رؤوس التلاميذ بالساحات والأقسام المدرسية، وموضع تلك المشاهد وللأسف الصروح التربوية التي تحوّلت إلى حلبات حقيقية للصراع، وصارت مظاهر العنف تميزها من كل جانب ليختم هذا وذاك بحمل الأسلحة البيضاء التي صارت آفة تهدد تلاميذ المدارس.