أمَّاه كلما أردت مناداتك... كلما عزمت على مناجاتك... كلما هممت على هذا وذاك خجلت حروفي وتقهقرت إلى خدرها.. استحيت كلماتي وتدحرجت عبارَاتي كتدحرج الكرة في كلِّ مرة وكرَّة.. أمَّاه كلما ناديتك انكسر القلم وعنّفني ونهرني: خفِّض صوتك واستدعي خُلُقَك وأدبَك وأدبَك.. إن الكلمات تخونني.. و العِبَارات مع العَبَرات تسبقني.. رفعت راية الاستسلام وناديت بأعلى صوتي إِنِّي رجل محجام، لأني ما أخاطب إنسيا عاديا ولكن مخلوقا نورانيا، هذه حروف مبعثرة مزجت فيها روحي، كتبتها بحبر الوفاء، على ورق الصفاء.. من أين أبدأ؟ ماذا أقول؟ فلست من الشعراء الفحول.. ماذا أكتب؟ وأنتِ أحب حبيب وأنا لست أنبغ أديب.. لو كتبت بماء العينين على ورق الذهب ما وفَّيت، ولكن أخللت وأنقصت وما عدَلْت وعن طريق الصواب عدلت.. إنَّ في مخاطبتك تضمحل الشهادات، وأرى نفسي بحسي ذاك الطفل المدلَّل، نعم بين عينيك البريئتين، وعند يديك الرحيمتين يتقلص وينقص ويرقص حبل عمري، وأرجع إلى محطة ومرحلة الطفولة.. ففي قاموس البِّر ومعجم الطاعة: القُوَّةُ والفُتُوَّةُ والرُّجُولُةُ والكُهُولَةُ = الطُّفُولَة ما أسعدها من أوقات وأجملها من لحظات حين أُقَبِّل رأسك ويديك، و أَلْثُمُ رجليك.. أمَّاه يجري حبك في دمي ويكبر بين أحضان عظمي ولحمي.. تربعتي على عرش فؤادي، وأخذتِ بلبِّي وقلبي فحنانك جِنَان، وجَنَانُك حَنَان.. تُفَرِّقُنا ظروف الحياة أيَّاما فكأنها مرت أعواما. كلَّما فقدتك لحظات، عشت مرارة اليُتم في حياتك.. سأظل وأبقى العبد وأنت الملكة سأظل وأبقى الأجهل وأنت الأفضل سأظل وأبقى الأصغر وأنت الأكبر في السن والقدر. أمَّاه يا أجمل بسمة، يا أرق كلمة، يا أحلى عبارة، يا أروع حروف، يا أحسن صورة، يا بارعة الشكل.. يا صيغ التفضيل عِي وتجمعي.. يا طيور المدح حلقي وعِبَارات الحُسن ألقي، ويا عَبَارات الحب تدفَّقِي.. يا زهور الشَّوق تفتَّحي، يا بساتين الصفاء، يا جداول النقاء، بورد الود تزيَّنِي.. إنَّها أُمِّي وَكَفَى أبو عبد العزيز منير الجزائري هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته