تشهد العديد من مراكز البريد بولاية بومرداس منذ الأسبوع المنصرم وتزامنا مع حلول الشهر الكريم حالة غير مسبوقة من الفوضى وطوابير بشرية طويلة منذ الساعات الأولى من النّهار تصطفّ أمام أبواب المراكز أو أمام آلات السحب الآلي، هذه الظاهرة السلبية انتشرت بصورة سريعة وتتسبّب في جلّ الأوقات في حدوث مناوشات تصل أحيانا إلى شجارات عنيفة. تتكرّر هذه الظاهرة عادة خلال شهر رمضان الكريم، أين تعرف عديد المراكز وعلى رأسها مقرّ البريد المركزي بالولاية اكتظاظا كبيرا نتيجة التوافد الكبير لزبائن المؤسسة لسحب مرتباتهم المتأخّرة، خصوصا وأن الكثير من موظّفي بعض القطاعات تمّ صرف رواتبهم في أيّام متقاربة، إضافة إلى أنها تزامنت مع حلول شهر رمضان الكريم، الأمر الذي خلق حالة من الاكتظاظ والزحام أمام مراكز البريد. حيث لم ينفع عدد الشبابيك المفتوحة في استيعاب العدد الكبير من الزبائن الذين هم بحاجة إلى رواتبهم في أقرب الآجال خلال هذه الفترة أين تنتعش الأسواق وتكثر الطلبات، إلاّ أنهم غالبا ما يعودون دون سحب مرتباتهم. وممّا زاد من متاعب زبائن مؤسسة بريد الجزائر بالولاية نقص السيولة المالية الممنوحة لها من قِبل البنك المركزي الجزائري، حيث وجدت نفسها عاجزة عن الاستجابة لطلبات زبائنها نهاية الأسبوع الماضي، خصوصا وأن العديد من الموظّفين تمّ صرف رواتبهم في فترة قصيرة، الأمر الذي أدّى إلى حدوث حالات من التزاحم والطوابير الطويلة أمام مراكز البريد المنتشرة عبر تراب الولاية. مراكز البريد المنتشرة على مستوى تراب الولاية، على غرار بغلية، دلس وبرج منايل هي الأخرى يشتكي زبائنها من تردّي الخدمات جرّاء تعطّل أجهزة الحاسوب وانعدام السيولة المالية، ما أصبح يحول دون تمكّنهم من القيام بعملية الاستعلام عن الرّصيد أو سحب مبالغ مالية من رصيد حساباتهم الجارية البريدية مع حلول شهر رمضان الكريم. وخلال الجولة الاستطلاعية التي قادت (أخبار اليوم) إلى عدد من هذه المراكز أكّد المواطنون أنه منذ أسبوع والمراكز البريدية في عطلة مفروضة عليهم بعد تعرّض أجهزة الكمبيوتر لأعطاب، ما دفع أعوان البريد إلى التحجّج بهذا الأمر دون إصلاح الخلل. أضف إلى هذا المشكل عراقيل أخرى تحوّلت مؤخّرا إلى هاجس يؤرّق حياة الزبائن، وعلى سبيل المثال تأخّر الصكوك البريدية، حيث أكّدت لنا سيّدة تعمل في قطاع الصحّة أنها منذ خمسة أشهر لم تتلقّ أيّ ردّ حول الطلب الذي أرسلته إلى المديرية، وهي مجبرة حاليا على الاستعانة بصكوك النجدة للاستعلام عن رصيدها أو إجراء السحب. وفي الإطار نفسه صرّح أحد الزبائن: (لم أتمكّن على امتداد عدّة أيّام من سحب راتبي الشهري، فكلّما توجّهت إلى مركز البريد أصطدم بانعدام التغطية، وكذلك عدم وجود السيولة المادية وأضطرّ إلى التنقّل إلى الملحقة البريدية ببلديات أخرى). وفي مجمل تصريحاتهم أكّد الزبائن أن سحب أموالهم أصبح أمرا صعبا حتى أن البطاقات الالكترونية التي بحوزتهم لم تصبح صالحة للاستعمال بسبب انتهاء مدّة صلاحياتها. على صعيد آخر، تشهد مختلف مراكز البريد نقصا في الخدمات بسبب انعدام بعض الوثائق والمطبوعات، من بينها الحوالات الخاصّة بتحويل الأموال عن طريق البريد، بالإضافة إلى إشعارات الإرسال والاستلام الخاصّة بالبريد المستعجل والمضمون، هذا إلى جانب التأخّر في تسليم الطرود البريدية ومختلف الرسائل عن أصحابها. كما وجد أصحاب المعاشات صعوبات بالغة في سحب مستحقّاتهم الزهيدة، حيث يتردّدون على مختلف مراكز البريد ليومين أو ثلاثة أيّام متتالي قبل أن يحصلوا على مرتباتهم، لا سيّما وأن آلات السحب الموضوعة خارج المكاتب أصبحت خارج مجال الخدمة لغياب الشبكة أو لغياب السيولة المالية. كما يشتكي زبائن مؤسسة بريد الجزائر ببومرداس من تأخّر وصول دفاتر الشيكات التي تصل لدى البعض منهم بعد ثلاثة أشهر بعد تكرار الطلبات كون عملية إعداد وإنجاز هذه الصكوك تتمّ في مركز الجزائر العاصمة، الأمر الذي أجبر زبائن المؤسسة على الاستعانة بصكوك الإنقاذ. وفي ظلّ هذه الأوضاع يطالب المواطنون وخاصّة زبائن القطاع منهم بتدخّل الوصاية من أجل رفع الغبن عنهم بتحسين مستوى الخدمات في المراكز البريدية وتزويدهم بأجهزة حاسوب جديدة.