رغم أنه لم يشهد نفس مصير عدد من الرؤساء العرب المخلوعين ممّن تمَّ جهل مكان تواجدهم لأيّام، ورغم أن الكثير من مؤيّديه وأنصاره لا زالوا يستعمرون الشوارع مطالبين بعودته، إلاّ أنه لا أحد يدري على وجه التحديد أين يوجد الرئيس المصري المنقلب عليه محمد مرسي بعد أن تضاربت الأنباء بخصوص مكان إقامته، بين حديث يقول إنه تحت الإقامة الجبرية بالحرس الجمهوري وآخر يشدّد على أنه موجود في القصر الرئاسي. في كلّ الأحوال يبدو أن العسكر (يحتجزون) مرسي دون أن يوجّهوا له اتّهاما رسميا أو يقدّموه للقضاء، وإذا كان جهاد الحداد المتحدّث الرّسمي داخل جماعة الإخوان المسلمين قد أعلن في وقت سابق أن مرسي يوجد قيد الإقامة الجبرية مع فريقه في مبنى تابع للجيش، فإن التأكيد على أيّ المباني تمَّ احتجاز الرئيس فيها يبقى إلى حدّ الآن لغزا. هكذا حاولت جريدة (الغارديان) البريطانية لملمة التفصيل الأخيرة من رئاسة مرسي وما رافقها من تطوّرات، وقالت في مقال تحليلي لها إن عبد الفتّاح السيسي، وزير الدفاع، طلب من مرسي قبل إمهاله 48 ساعة لحلّ الخلافات أن يتنحّى بإرادته، وهو ما سيوفّر له حصانة من أيّ محاكمة قد يتعرّض لها في المستقبل، بل يُمْكنه أن يختار دولا معيّنة كتركيا وليبيا للعيش فيها بعيدا عن مصر، إلاّ أن مرسي كان رافضا للفكرة وكان يرى أن شرعية الانتخابات تؤيّد موقفه رغم أنه دخل في نزاع مع كلّ مؤسسات الدولة كالقضاء والأزهر والكنائس، ثمّ الجيش المصري والشرطة، بل حتى مؤسسة المخابرات كانت على خلاف حقيقي مع رجل الإخوان المسلمين. الصحيفة البريطانية الواسعة الانتشار رأت كذلك أن حتى قيادات من داخل جماعة الرئيس اعترفت بأن نهايته قريبة قبل أن تخرج المعارضة بأسبوع في مظاهراتها الكبيرة بالنّظر إلى المشاكل الكبيرة التي يعانيها مرسي في تسيير قطاعات اقتصادية حيوية، وأن السيسي ورئيس الوزراء السابق هشام قنديل تباحثا في الأيّام الأخيرة مع مرسي لحلّ الأزمة، إلاّ أن هذا الأخير بقي حريصا على منصب الرئيس. أمّا صحيفة (نيويورك تايمز) فقد تحدّثت عن أن مرسي يمكن أن يكون موجودا في نادي ضبّاط الحرس الجمهوري القريب من قصر الرئاسة. وكانت آخر مرّة تَمكّن العالم من مشاهدة مرسي فيها هي ذلك الفيديو الذي تمّ تنزيله على (اليوتوب)، والذي يندّد فيه من مكتبه باستيلاء الجيش على السلطة، قبل أن تنقطع جميع اتّصالاته وأخباره.