دعا إمام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة الشيخ الدكتور سعود بن إبراهيم الشريم، المسلمين إلى الثبات على الطاعة، وألا يرجعوا بعد رمضان إلى اقتراف الذنوب والبعد عن الله. وقال الشريم: "الفرص الثمينة ما لفواتها عوَض، وإن انتهازها لدليل جلي على قوة الإرادة النابعة عن عزم موفق، ومن فرح بالباطلة جبُن عن العمل ولا يغرنَّ المرءَ رغباتُه الصالحة مجردة عن العمل؛ فإنّه لن يستفيد منها إلا إذا انتهز كل فرصة سانحة له وعموم الأعمال الصالحة لا تكلف المرء وقتًا طويلاً ما لم يشق على نفسه ويرهقها عسرًا, ولذا فإنّ الميدان سباق والأوقات تنتهك وما فات ما فات إلا بالخلود إلى الكسل، ولا نيل خيرٌ إلا بالجد والعزم وثمرة الأمرين". وأضاف: "إنّ التعب المحصَّل للفضائل راحة في المعنى وراحة المقصِّر في طلبها تعبٌ وشيء يُعاب عليه إنْ كان ثم فهم وإدراك, والدنيا كلها إنما تراد لتُعبَر لا لتعمَّر وسيودَع كل واحد منا قبره لما يقضي طلبه منها، ومن ثم نأسف على فقد ما وجوده أنفع له لحين أن تأسفه، ربما يكون نوع عقوبة عاجلة على تفريطه أن تقول نفس يا حسرة على ما فرطت في جنب الله". وشدّد الشيخ الشريم أنّ ما هذه الدنيا إلا كمائدة شبعُها قصير وجوعها طويل، ومن سلك الطريق الواضح دون فتور أو ملل ورد الماءَ فنهل منه رياه، ومن خالف فقد وقع في التيه ولاتساعه ارتواء، وأنّ شهر رمضان قد انصرم صارت أحوال الناس في رمضان وبعد رمضان ثلاثة أضرُب؛ فضربٌ من الناس ظنوا أنّ الله لا يُعبد إلا في رمضان، ولا يطاع إلا في رمضان، ولا محارم له إلا في رمضان، فبئس القوم هؤلاء الذين لا يعرفون الله إلا في رمضان، وبئس القوم هم إذ لم يربحوا من صومهم إلا الجوع والعطش ولا من صلاتهم إلا التعب والسهر. وتابع يقول: "هناك ضرب ثان من الناس حمّلوا أنفسهم ما لا تطيق، فأثقلوا عليها في العبادة فوق ما أراده الله لهم، وأرغموها دون تلطف، وإنّ مما لاشك فيه أنّ الرواحل إذا قطعت مرحلتين في مرحلة واحدة فهي خليقة بأنّ تقف والطريق الشاق، ينبغي أنّ يقطع بألطف ممكن، ولذا فإنّ أخذ الراحة للجد جِدٌّ، وغوص البحار في طلب الدر صعود له". أما الضرب الثالث: فهم أولئك المؤمنون المنهمون الخائفون الراجون الراغبون الراهبون، الّذين توسطوا يوم تباين آخرون، واعتدلوا يوم شذ مغرورون، فباطنهم كظاهرهم رجال مؤمنون ونساء مؤمنات من عباد رب الشهور كلها؛ فهم يعبدون الله في كل حين ويعلمون أنّ الله اختص رمضان بزيادة فضل وعمل لا يلغي عمل الشهور كلها، ولا يستهين بالعمل في غيره، يعلمون أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم جواد في كل حين، وإنما يزداد جوده في رمضان؛ ولأجل هذا فإنّ هناك عبادات هي من الثوابت الّتي لا تتغير بعد رمضان كالصلاة والزكاة والحج وصوم النوافل والصدقة والدعاء وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر وغير ذلكم كثير إضافة إلى التوبة الّتي هي مطلوبة في كل حين وآن