بقلم: عبد القادر حمداوي يختلف جيل اليوم عن جيل الأمس لأن الظروف تغيرت كثيرا في مختلف الاتجاهات، صعبت المعيشة وظهر شبح البطالة وقلت فرص العمل، أصبح العالم شبه قرية صغيرة، انحطت القيم الإسلامية، وتراجع عمل الآباء والأمهات مع الأبناء، والتعامل المفيد والموجه بأساليب تربوية.. الوضع حاليا يتسم بالغموض فالعمل مع الأبناء مضطرب وغير مستقر، وذلك في ضوء التغيرات البنائية التي حدثت في القرن الواحد والعشرين فقد زادت الضغوط التي يتعرض لها الأبناء. إننا نرى اليوم معظم الشباب يرتدون كل يوم ثوبا جديدا..كل يوم بشخصية مختلفة..لا يستقرون على حال.. إن السبب الرئيس لمشاكل الشباب يرجع إلى عوامل خارجية عن المنزل. أكد أحد الآباء أنه بذل قصارى جهده من أجل راحة الأبناء وكذلك الأم ولكن إذا نظرنا إلى الحقيقة فإننا نجد عوامل متواصلة ومتشابكة يعاني منها الأبناء، وعندما يزداد الضغط على الأبناء والسيطرة يتم العصيان والتمرد والخروج إلى حياة فاسدة يكيف الشاب نفسه حسبما يراه هو دون ضوابط أو نظام. فلابد من التوجيه والتوعية كي يكون الأبناء قادرين على التكيف الصحيح مع المجتمع الذي يعيشون فيه. ولقد ثبت من خلال الدراسات العلمية أن معظم مشاكل الأبناء سببها التربية الخاطئة أثناء مرحلة الطفولة كالتعامل والتدليل المطلق من الوالدين أو اللجوء إلى القسوة والشدة، والجهل التام بطريقة التعامل مع الأبناء. والسؤال المطروح: لماذا هذا الاختلاف بين أبناء اليوم وأبناء الأمس؟ فأبناء الأمس كانت تحوطهم العناية والتوجيه، والحنان والعطف. كانت انحرافاتهم محدودة، وكان الجو العائلي يطوف عليه الحنان والتعاون، فالأسرة تدخر كل ما يحتاجه الأبناء، تحظى وتتزين بها المائدة، وتعتمد على طريقة العائلة المتماسكة بالعادات والتقاليد والقيم، وتتمسك بأولادها، فالأم تحنو عليهم وترعاهم كالعصافير في العش، وهذا تماما ما يختلف فيه الجو الذي عاش فيه أبناء الأمس..كله أمان واطمئنان واستقرار. فالذي يدرس في المدارس يتأكد من أنه سيجد عملا محترما عند تخرجه، فيتنافس المتنافسون في اختيار التخصص الذي يريده ويحبه، فالحياة بالأمس كانت سهلة هادئة.. لا حوادث مرور ولا تزاحم ولا ضوضاء تثير الأعصاب. أما اليوم فالكل تغير حتى ظروف المعيشة أصبحت الحياة قاسية.. أصبح الأبناء ينظرون للحياة نظرة متشائمة ولابد أن نضع في واقعنا المعيش الطرق السليمة لأن لكل زمان خلقه التي تتماشى معه، حتى التجارب التي مررنا بها لا يمكن أن تطبق حاليا معهم لأن التلاؤم مع الوقت الحاضر وظروفه تختلف. صادفت شابا في طريقي إلى المسجد يلام من قبل الجالسين معه وقفت أتأمل الأمر من قبل البعض، تدخلت وقلت: ينبغي منا جميعا أن نفهم المرحلة والوضع الحالي ونفسية هؤلاء والعوامل التي تؤثر فيهم. إذا توصلنا إلى حقيقة الأمر كان علينا من السهل أن نوجه الأبناء حسب حقيقة معيشتهم وكيف نفهمهم ونتعامل معهم بكل المراحل التي يمرون بها.