السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته أما بعد: سيدتي نور، مشكلتي محيرة فعلا ولا أعرف كيف أتصرف إزاءها، لهذا بعثت إليك لعلك تعينني في إيجاد الحل المناسب. أنا سيدة متزوجة وأم لأربعة أبناء، أكبرهم في الثامنة عشرة من العمر، المشكلة بدأت منذ سنة عندما جاء صديق ابني البكر الذي يماثله في العمر للإقامة معنا مؤقتا، وعلمت أن سبب حضوره خلاف نشب بينه وبين زوج والدته، كما عرفت ظروفه الأسرية، فوالده متوفى منذ عشر سنوات، وتزوجت أمه بعد وفاة والده بسنة، ففقد حنان الأب والأم معا، والدته حولت جل اهتمامها لزوجها وحياتها الجديدة، بينما هو أصبح يعاني من قسوة زوج أمه ومعاملته السيئة له حتى انتقلت هذه القسوة إلى أمه، فأصبحت هي الأخرى تعامله بكل جفاء وكأنه هم في حياتها، وجدت أنه بحاجة إلى الحنان، فتعاملت معه مثلما أتعامل مع أولادي. أغدقت عليه حناني وعطفي باعتباره يتيما وبعد شهرين من إقامته معنا واقتراب موعد عودته إلى منزل أهله أصابه الحزن والكآبة، ولم أفهم أسباب حزنه الحقيقية، فقررت أن يعمل معي في المحل الذي أملكه ففرح لهذا القرار بشدة، وشعرت بأن قراري كان صائبا. كان يتقن العمل بشكل جيد، لكنه دائما شارد الذهن والتفكير، ما دفعني للحديث معه في هذا الأمر، كانت إجابته مفاجئة وقاسية، قال إنني أحبك ولم أحب غيرك، وأتمنى لو يطلقك زوجك لأتزوجك أنت. صدمتني إجابته، حاولت استيعاب الموقف، وقلت له: إنني مثل والدتك وأنت تعلم أنك في عمر ابني وأني أعاملك مثله، فكانت إجابته أشد من الجواب الأول حين قال لي، وماذا يضر إذا كنت في عمر أمي، فأنا أحبك وصادق في شعوري، تمالكت نفسي، ولا أدري ماذا أفعل معه؟ هل أطرده من المحل، علما أنّني أشفق عليه. سيدتي نور أخشى أن يدفعه الحرمان المادي والمعنوي إلى الانحراف والإجرام والسرقة، ويعلم الله أنّني أعتبره مثل ابني وأشفق عليه من الظروف المحيطة به. ز/ العاصمة الرد: سيدتي؛ هذا الفتى مراهق يعيش ثورة نفسية، فهو يبحث عن ذاته وعن الانتماء وعن اعتراف المجتمع بقيمته، وهو بذلك لا يشذ عن أي مراهق آخر إلا في شدة هذه المشاعر، لكونه فاقد لمصدر الحنان الأول المتمثل في أبيه المتوفى، وفقدانه لحنان الأم وقسوة زوج أمه معه. حنانك وعطفك ومعاملتك اللطيفة وجد فيها كل ما يبحث عنه، إذ وجد عندك الأمان والاعتراف بأهميته وقيمته، وشعر بالانتماء إليك تحديدا ولم يتبق من متطلباته، إلا أن تحبيه كرجل. أمّا كيفية التعامل معه، فيجب أن تنقلي عمله في المحل إلى عمل آخر، وإذا لا يمكنك ذلك لا بد أن تغيري لغتك معه إلى لغة الأم مع ابنها، كأن تناديه تعال يا ماما أو ساعدني يا بني. أقترح عليك سيدتي بأن تستشيري مختصا نفسانيا، والأفضل أن يذهب إليه ولعدة جلسات كي تقنعه بطريقة علمية أن مشاعره مؤقتة وأنها ستتبدل مع الأيام، لأنّ نصائحك أنت لن تلقى عنده أذنا مصغية، يجب أيضا أن تتصلي بأمه سرا، و اطلبي منها أن توليه اهتماما وتشعريه بمحبتها وحنانها دون الإفصاح عن قصته معك. ردت نور