مسرحية محاكمته تنتهي بفضيحة "الفرعون" مبارك خارج السجن غادر الرئيس المصري المخلوع محمد حسني مبارك سجن طرة جنوبالقاهرة عصر الخميس على متن طائرة مجهّزة طبّيا إلى مقرّ إقامته الجبرية بعد اعتقال دام 28 شهرا، إثر صدور قرار من النّائب العام بالإفراج عنه بعد مسرحية كبيرة سمّيت (محاكمة مبارك) انتهت بفضيحة الإفراج عنه رغم كلّ ما حصل في زمن حكمه. كان التلفزيون المصري قد قال إن طائرة هليكوبتر مجهّزة طبّيا وصلت الخميس إلى سجن لنقل مبارك إلى مقرّ الإقامة الجبرية بعد إخلاء سبيله في آخر القضايا التي احتجز بسببها. وصدر قرار من نائب الحاكم العسكري المصري بتحديد إقامة مبارك بعد أن مهّد قرار محكمة بإخلاء سبيله لخروجه من السجن. يذكر أنه حتى الساعة الثانية ونصف من بعد ظهر الخميس سادت المنطقة المركزية بمنطقة سجون طرة حالة من الترقّب في انتظار شهادة صحّة الإفراج عن الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك. وكان قد قال مسؤول إن النّائب العام المصري أمر يوم الخميس بالإفراج عن الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك تنفيذا لقرار محكمة صدر بإخلاء سبيله في آخر قضية كان محتجزا على ذمّتها، حسب وكالة (رويترز). وقالت الحكومة إن مبارك سيوضع قيد الإقامة الجبرية بعد خروجه من السجن، وقد صدر القرار القضائي بإخلاء سبيل مبارك يوم الأربعاء. كرونولوجيا "مسرحية" محاكمة مبارك ففي فيفري 2011: أمر النّائب العام بالتحفّظ على أموال مبارك وأفراد أسرته ومنعهم من السفر في ضوء تحقيقات بشأن ارتكابهم جرائم استيلاء على مال عام، وهو ما نفاه مبارك. في شهر أفريل من العام ذاته أمر النّائب العام باستدعاء مبارك للتحقيق معه بشأن جرائم قتل المتظاهرين السلميين، والتحقيق مع نجليه علاء وجمال بتهم استغلال النفوذ. وبعد ثلاثة أيّام من الشهر ذاته أصدر النّائب العام قرارا بحبس مبارك ونجليه احتياطيا لمدّة 15 يوما، تدهورت بعدها حالة مبارك الصحّية وقرّرت النيابة آنذاك أن يكون تنفيذ قرار حبسه الاحتياطي بمستشفى شرم الشيخ الدولي مؤقّتا إلى حين توقيع الكشف الطبّي عليه. وفي نهاية شهر ماي قرّر النّائب العام إحالة الرئيس مبارك ونجليه إلى محكمة الجنايات. أمّا في أوت 2011 فقد بدأت أولى جلسات محاكمة مبارك التي عرفت إعلاميا بمحاكمة القرن، حين دخل قفص الاتّهام لأوّل مرّة محمولا على سرير طبّي، وقرّرت المحكمة في ختام الجلسة إيداع مبارك مستشفى المركز الطبّي العالمي التابع للقوات المسلحة. وفي جانفي 2012 طالبت النيابة العامّة في ختام مرافعتها بتوقيع عقوبة الإعدام شنقا على مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي عن وقائع قتل متظاهرين سلميين. وفي جوان من العام ذاته عاقبت محكمة جنايات القاهرة مبارك ووزير داخليته بالسجن المؤبّد وبرّأت مساعدي العادلي الستّة وبرّأت مبارك في قضية تصدير الغاز إلى إسرائيل بأسعار زهيدة، وأمر النّائب العام بنقل مبارك إلى سجن طرة لتنفيذ الحكم الصادر بإدانته بالسجن المؤبّد. في جانفي 2013: قضت محكمة النقض بإلغاء كافّة الأحكام الصادرة بالبراءة والإدانة في قضية مبارك وأمرت بإعادة محاكمة جميع المتّهمين من جديد، وذلك بعد قَبولها طعن النيابة العامّة وطعن الدفاع عن مبارك والعادلي. وفي أفريل من ذات العام أمر النّائب العام بحبس مبارك لمدّة 15 يوما على ذمّة التحقيق معه في قضية اتّهامه بالاستيلاء على المال العام للقصور الرئاسية. وعقب أيّام من الشهر ذاته عُقدت الجلسة الأولى لإعادة المحاكمة وشملت كلاّ من مبارك ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي ومساعديه الستّة عن وقائع قتل المتظاهرين السلميين أثناء ثورة جانفي وإشاعة الفوضى وإحداث فراغ أمني في البلاد. وقبل أيّام أخلت محكمة جنايات القاهرة سبيل مبارك من قضية الفساد المعروفة إعلاميا (بقضية القصور الرئاسية) وأعادتها للنيابة العامّة لضمّ متّهمين جدد، مع استمرار حبسه في إطار قضية فساد أخرى معروفة باسم هدايا الأهرام). وفي 21 أوت 2013 قضت محكمة استئناف القاهرة بإطلاق مبارك في قضية (هدايا الاهرام)، آخر القضايا التي كان محبوسا على ذمّتها. "6 أفريل": "الإفراج عن مبارك صفعة على وجه الثوار" علّقت حركه (شباب 6 أفريل) الجبهة الديمقراطية على قرار إخلاء سبيل مبارك بأنه بمثابه صدمة للثوار والشعب المصرى أجمع وانتكاسة وصفعة على وجه الثورة، مؤكّدة أنه كان يجب أن يحاكم مبارك محاكمة ثورية على كمّ الجرائم التي ارتكبت في عهده، وأيضا أثناء ال 18 يوما من الثورة. وقال أحمد بسيوني مدير المكتب الإعلامي وعضو والمكتب السياسي لحركة (شباب 6 أفريل) الجبهه الديمقراطية إن (المخلوع أصبح الآن حرّا لأنه منذ البداية كان خطأ كبيرا محاكمته بقوانين كان يتولّى عملية تفصيلها، فبالفعل النّائب العام السابق ساعد على طمس الأدلّة ضده وندفع الثمن نحن الآن)، وأضاف أن ما حدث اليوم يعدّ ردّ فعل طبيعى لعدم إصدار قانون العدالة الانتقالية وجاء نتيجة طبيعية لمخالفة القانون وتجاوز فترة الحبس الاحتياطى على ذمّة بعض القضايا ونتيجة لتدليس البعض وتخازل البعض الآخر كما حدث في فترة حكم المجلس العسكري السابق برئاسة المشير طنطاوي، والتي أعقبتها فترة حكم جماعة الإخوان المسلمين، ولابد من إصدار قانون للعدالة الانتقالية، وقتها سيحاكم مبارك محاكمة عادلة وسينال عقابه العادل. الإفراج عن مبارك في صالح السيسي تحت عنوان (تحوّل دراماتيكي في المشهد المصري)، رأت صحيفة (واشنطن بوست) الأمريكية أن التحرّك المدوّي بإطلاق سراح الرئيس المخلوع حسني مبارك من السجن بعد الإطاحة بنظامه في انتفاضة جانفي 2011 يصبّ في صالح القائد المغوار الفريق أوّل عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع والإنتاج الحربي المصري، ومحور الأحداث في مصر. وأوضحت الصحيفة أن خروج الرئيس الأسبق مبارك من السجن جعل الكثير من المصريين الذي انتفضوا مرّتين خلال عامين في حيرة من أمرهم، مؤكّدة أنهم سيتّجهون صوب المؤسسة العسكرية ويدعّموها أكثر وأكثر خوفًا من أمرين، إمّا عودة الإخوان المسلمين إلى السلطة مجدّدا أو عودة النّظام السابق وعودة الاستبداد والفساد، ممّا يجعل الجيش هو الملاذ الآمن للعديد من المصريين. ونقلت الصحيفة عن حسن حسني، 32 عاما وصاحب مقهى، قوله: (لقد هلّلت كثيرًا بعد انتفاضة 2011 التي أسقطت الديكتاتور الذي حكم البلاد بقبضة حديدية، وبعد عام أدليت بصوتي للرئيس محمد مرسي آملا في أن يسيطر على الأوضاع ويصلح البلاد والمؤسسات، لكن عندما فشل تحوّلت ككثير من المصريين إلى دعم الجيش للإطاحة به. والآن بعد عودة المخلوع مبارك لا نريد أن يعود الفساد والاستبداد، لذا يجب أن نواصل دعمنا للجيش). وأضافت الصحيفة أن السؤال الذي حيّر غير المصريين هو: كيف يمكن لبلد ثار ضد نظام استبدادي منذ أقلّ من ثلاث سنوات أن يحتضن الآن حكما عسكريا مسلّحا؟ وأشارت الصحيفة إلى أن مساحة واسعة من المصريين دعّموا تدخّل الجيش، بل يساندون حملة الجيش القمعية ضد الإخوان المسلمين ولا يرون مانعًا في العنف الذي خلّف مقتل أكثر من 1000 مدني خلال الأسبوع الماضي. ولفتت الصحيفة إلى أن التحوّل الجذري في الرّأي العام المصري تمّ التأكيد عليه عندما تمّ إطلاق سراح مبارك أمس الخميس، مشيرة إلى أن الجيش استطاع أن يقنع المصريين بأن سيطرته على زمام الأمور في البلاد هو ضربة قوية لإنقاذ البلاد من الإرهاب.