بعد تعزيز أسطولها البحري في المتوسط واشنطن تُبدي جاهزيتها للخيار العسكري بسوريا أكد وزير الدفاع الأمريكي تشاك هيغل أمس الأحد، أن البنتاغون مستعد للخيار العسكري بسوريا في حال تلقى أمرا من الرئيس باراك أوباما بذلك، ردا على الهجوم الكيمياوي الذي قالت المعارضة السورية إنه استهدف قبل أيام منطقة الغوطة بريف دمشق وأوقع مئات القتلى، بينما تضغط عواصم غربية على دمشق للسماح بوصول خبراء للمنطقة المستهدفة. وقال هيغل في تصريحات لصحفيين رافقوه إلى ماليزيا -التي يزورها ضمن جولة في جنوب شرق آسيا- إن أوباما طلب من وزارة الدفاع إعداد خيارات لجميع الحالات الطارئة، مضيفا أن الوزارة أعدت تلك الخيارات، وأنها مستعدة للقيام بأي خيار إذا قرر أوباما -القائد الأعلى للقوات المسلحة الأمريكية- استخدامه. وفي تصريحات أخرى عقب اجتماعه في كوالالمبور بنظيره الماليزي هشام الدين حسين، أشار الوزير الأمريكي إلى أن بلاده بصدد جمع مزيد من المعلومات بشأن الهجوم الكيمياوي في سوريا، وقال إن الرد الأمريكي سيكون واضحا بعد جمع مزيد من المعلومات. وتقول واشنطن ولندن وباريس إن هناك علامات متزايدة على أن القوات السورية شنت هجوما كيمياويا على الغوطتين الشرقية والغربية فجر الأربعاء الماضي، وإن ذلك -إذا تأكد بشكل قاطع- يستدعي ردا قويا. وقال إعلاميون في واشنطن إن اتصالات أوباما مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون وقادة آخرين، فضلا عن تعزيز الأسطول الحربي الأمريكي في البحر المتوسط، مؤشرات على عمل عسكري محتمل ضد سوريا. وأشاروا إلى أن واشنطن تبدو جادة هذه المرة بسبب بشاعة ما حدث في سوريا، ولأن مصداقية أوباما على المحك بعدما قال مرارا من قبل إن استخدام السلاح الكيمياوي في سوريا خط أحمر. وحذر وزير الإعلام السوري عمران الزعبي مساء أول أمس من أن توجيه ضربات عسكرية ضد بلاده (لن يكون نزهة)، كما حذرت إيران من تدخل عسكري في هذا البلد. وأكدت منظمة أطباء بلا حدود أنها رصدت عوارض مواد كيمياوية سامة على جثامين أكثر من 300 سوري، مشيرة إلى أن 3600 ظهرت عليهم العوارض نفسها. وتقول المعارضة السورية إن أكثر من 1400 شخص بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء قتلوا وأصيب نحو عشرة آلاف آخرين جراء الهجوم الكيمياوي. وكان مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكي قال إن بلاده عززت قطعها البحرية في البحر المتوسط بمدمرة رابعة مجهزة بصواريخ (كروز)، وذلك بسبب تطورات الأوضاع في سوريا. من جهته، قال وزير الدفاع الأمريكي إن وزارته تحشد قوات تحسبا لأي خيار يتخذه أوباما ضد سوريا. وقال مراقبون في واشنطن إن معظم المحللين يعتقدون أن الضربات الأمريكية المحتملة ستكون بواسطة صواريخ "كروز" من المتوسط. وأضافوا أن الاستعدادات الأمريكية لضربات عسكرية محتملة ضد سوريا ليست وليدة اللحظة، وإنما كانت تتم بالتوازي مع التطورات العسكرية هناك. وقال أوباما يوم الجمعة إن الوقت يقترب بشأن اتخاذ رد محدد على (الأعمال الوحشية) من قبل النظام السوري. وكانت مصادر إسرائيلية قالت إنها تعتقد أن واشنطن تتجه للقيام بعمل عسكري في سوريا قد يقتصر على ضربات صاروخية، مشيرة إلى وجود تعاون استخباري إسرائيلي أمريكي وثيق. وتنفي دمشق استخدام سلاح كيمياوي، بل اتهمت قوات المعارضة باستخدامه في حي جوبر بدمشق، وهو ما نفته المعارضة بشدة. من جانبه طالب رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض أحمد الجربا بتدخل دولي فوري لوقف حملة النظام السوري العسكرية، وقال إن ما تم القيام به دوليا وإقليميا لا يرقى إلى مستوى الأحداث. 60 بالمائة من الأمريكيين يعارضون التدخل بسوريا وفي الموضوع ذاته أظهر استطلاع مشترك أجرته وكالة أنباء رويترز وشركة الأبحاث إيبسوس أن الأمريكيين يعارضون بشدة التدخل في الأزمة السورية، ويعتقدون أنه يجب على واشنطن عدم التدخل حتى إذا تأكدت تقارير استخدام الحكومة السورية الأسلحة الكيمياوية لمهاجمة المدنيين. وقال نحو 60 بالمائة من الأمريكيين الذين شملهم الاستطلاع إنه يجب على واشنطن عدم التدخل في سوريا، في حين قال 9 بالمائة فقط إنه يجب على الرئيس باراك أوباما القيام بعمل. ووجد استطلاع رويترز/إيبسوس الذي جرى في الفترة من 19 إلى 23 أوت أن 25 بالمائة من الأمريكيين سيؤيدون التدخل الأمريكي إذا استخدمت قوات النظام السوري الأسلحة الكيمياوية لمهاجمة المدنيين، في حين أبدى 46 بالمائة اعتراضهم على ذلك. ويمثل هذا تراجعا في تأييد قيام الولاياتالمتحدة بتحرك منذ 13 أوت عندما وجدت استطلاعات لرويترز/إيبسوس أن 30.2 بالمائة من الأمريكيين أيدوا التدخل في سوريا إذا استخدمت أسلحة كيمياوية، في حين أبدى 41.6 بالمائة اعتراضهم على ذلك. وتشير النتائج إلى أنه إذا قرر أوباما القيام بعمل عسكري ضد نظام الأسد فإنه سيفعل ذلك رغم المعارضة الثابتة لرأي عام أمريكي يشعر بقلق بعد حرب استمرت أكثر من عشر سنوات في كل من العراق وأفغانستان.