لازال قاطنو البيوت القصديرية بحي بلاطو ببلدية بولوغين، يعيشون التهميش والمعاناة في غياب ضروريات الحياة من ماء وكهرباء وغاز، حيث تعاني 400 عائلة الأمرين في غياب السلطات المحلية التي تجاهلت تواجدهم في منطقة خطرة بإحدى المنحدرات بأعالي العاصمة. ومن أجل نقل معاناة هؤلاء السكان الذين يقطنون الحي منذ أزيد من 30 سنة في نفس الظروف من الحرمان وانعدام شروط الحياة، انتقلت (أخبار اليوم) إلى عين المكان ولدى وصولنا استقبلنا بعض القاطنين بوجوه كلها استياء وعلامات البأس والشقاء والمعاناة بادية عليها، وعند اقتحامنا الحي وجدنا صعوبة كبيرة في الوصول إلى تلك البيوت الهشة الواقعة بمنحدر يهدد حياتهم بسبب انزلاق التربة التي ساهمت بشكل كبير في تأزم أوضاعهم، وعند وصولنا إلى الحي وفي حديثنا مع بعض العائلات التي تقطن الحي رفعوا عبر صفحاتنا شكاويهم وأعربوا عن معاناتهم جراء المأساة التي يعيشونها. وأبدى هؤلاء السكان تخوفهم من حلول فصل الشتاء الذي بات شبح وكابوس أسود على حد تعبيرهم نتيجة تعرضهم لكوارث مادية معتبرة خلال الموسم الماضي بينها انهيار3 سكنات وقضاء السكان ليال بيضاء خوفا من انهيار البيوت فوق رؤوسهم، الأمر الذي جعلهم يدقون ناقوس الخطر ويناشدون السلطات المحلية والولائية على رأسهم رئيس الجمهورية النظر في وضعيتهم المأساوية في أقرب الآجال والرد على انشغالاتهم والعمل على ترحيلهم إلى سكنات لائقة، قبل حلول فصل الشتاء وكذا رفع الغبن عنهم وانتشالهم من حياة الذل والمعاناة التي يتقاسمونها مع الجرذان والحشرات، وتفك عليهم العزلة، خصوصا أن الحي يتواجد في منطقة بعيدة عن مركز المدينة مما يجبرهم على السير على الأقدام لمسافات بعيدة من أجل قضاء حاجياتهم اليومية، بعدما صارت حياتهم داخل البيوت القصديرية لا معنى لها. وطالب هؤلاء السكان السلطات بتسوية وضعيتهم التي طال أمدها رغم مئات الشكاوي بإعادة إسكانهم والعيش في كرامة كباقي الجزائريين، بعد أن أبدوا تخوفهم من انزلاق التربة الذي يهدد أمنهم في حين أبدوا استياءهم من المعاناة اليومية التي يعيشونها وسط ذلك الحي القصديري الذي يعرف فوضى عارمة، مؤكدين أن الوضعية الاجتماعية الكارثية وضعف مداخليهم الشهرية، وفقرهم وعدم امتلاكهم لمأوى يؤويهم ويحميهم من الشارع، تعد من بين الأسباب الرئيسية التي دفعتهم إلى اللجوء إلى هذا المكان لتشييد سكنات فوضوية والاستقرار فيها، تفاديا لوقوهم في مشكلة التشرد، ولكن وحسب ما أكده هؤلاء، فقد تدهورت أمورهم أكثر هو تحول الحي إلى مفرغة عمومية وغياب قنوات الصرف الصحي، هذا ما جعل تأزم حياتهم يتفاقم أكثر، ولدى حديثنا معهم استنكروا بشدة سياسة التهميش والإقصاء المفروضة عليهم من طرف السلطات المحلية التي لم تتدخل لتسوية وضعيتهم السكنية، رغم تقديمهم لتلك السلطات بشكاويهم بعدما تدهورت سكناتهم وصارت غير قابلة للسكن، واستاءت حياتهم وأصبحت لا تطاق. فقد أكد لنا هؤلاء أن حيهم لا يتوفر على ناقل للكهرباء مما يجبرهم على كراء الكهرباء التي يوصلونها بمنازلهم من طرف بعض البيوت المجاورة للحي، بأجرة غالية، وبطريقة فوضوية تهد حياتهم وحياة أطفالهم، كما أضاف هؤلاء القاطنون أن الحي يفتقر إلى شبكة المياه، والغاز. وما زاد من تخوف وقلق السكان هو تلك الأمراض والأوبئة التي تهدد حياتهم وحياة أولادهم، خصوصا أن هؤلاء لا يعرفون مكانا آخر للعب إلا وسط تلك المفرغات والنفايات مما يجعلهم معرضين للأمراض جراء تلك الروائح الكريهة والأوساخ، التي قد تؤدي بحياتهم إلى الموت البطيء. كما أن تلك الأوساخ والقذارة تسببت في عدة أمراض للسكان على غرار الربو والحساسية، ناهيك عن انتشار الحشرات الضارة، ومعاناتهم مع البعوض الذي يحرم عليهم راحة العيش والنوم، كما أن الحي يعرف انتشار الجرذان والثعابين التي تزحف في الغالب إلى داخل البيوت، للتقاسم مع تلك العائلات حياتها، إلى جانب انتشار القوارض والحشرات. وفي الأخير، أعرب السكان عن مدى تخوفهم من حلول فصل الشتاء الذي فيع تتفاقم وضعيتهم المعيشية وتزداد فيه المخاطر سواء من ناحية انجراف المياه والأوحال أو من ناحية انزلاق التربة الذي يهدد بانهيار سكناتهم الهشة وأمام هذه الأوضاع الصعبة والحياة القاسية التي يصارعونها يجدد هؤلاء تدخل والي العاصمة الذي سبق وقطع وعدا بترحيلهم بعد واقعة انهيار ثلاثة مساكن الموسم الفارط، مطالبين بالترحيل إلى سكنات لائقة قبل حلول فصل الشتاء.