تتوسط قلعة أربيل الشهيرة عاصمة إقليم كردستان العراق وتحيط بها أسواق المدينة التجارية. وهي من أبرز المعالم الأثرية والتاريخية في شمال العراق، وتراكمت آثارها فوق بعضها حتى ارتفعت تدريجيا فوق مستوى السهل المحيط بها. ويختلف المتخصصون والمهتمون حول أسباب ارتفاع القلعة، فهناك من يرى أنها طبيعية ولم يطرأ عليها تغيير في حين يرى آخرون أن الارتفاع تراكمي. في هذا السياق يقول صبحي المندلاوي المتخصص في مجال الآثار (إن طبقات السكن في قلعة أربيل، تبدأ من السومري والأكدي في الطبقات السفلى، فضلاً عن العصور الحجرية منتهية بالأدوار الإسلامية والعثمانية). ويقول إن فترة السكن الحاضرة تبدأ من الأدوار البابلية والآشورية مرورا بالعهود الفارسية واليونانية والساسانية وانتهاء بالعهود الإسلامية، مضيفا أن القلعة في وصفها الحالي لا يمكن أن تعطيها أي تاريخ سياسي وعسكري وحضاري محدد بصورة علمية وتاريخية رصينة، عازيا ذلك إلى عدم إجراء التنقيبات العلمية فيها إلى وقت قريب، وأن أكثر المعلومات عن القلعة جاءت من الكتابات المسمارية التي وجدت خارجها. لكن مدير دائرة آثار أربيل الأسبق ومستشار وزارة ثقافة إقليم كردستان حاليا كنعان المفتي، يتحدث عن استخدام أجهزة السونار بالتعاون مع وزارة الصناعة في الإقليم عام 2002، لمعرفة تعاقب الحضارات في القلعة. وأوضح أنه تم اختيار ثلاثة مواقع داخل القلعة في ذلك التاريخ، وبعد إرسال ذبذبات كهرومغناطيسية إلى باطن الأرض تبين أن الحقب التاريخية متفاوتة في تلك المواقع وتمر بما بين 22 و36 حضارة متعاقبة قبل الوصول إلى العصر الحديث. وأضاف المفتي أنه في عام 1980 جرت عملية مسح ميداني لعدد سكان قلعة أربيل وعائدية بيوتها وتبين أنه يعيش فيها عشرة آلاف شخص، وأن فيها 506 بيوت تملكها الدولة منها 162 بيت لبلدية أربيل و19 بيتا لوزارة الأوقاف والشؤون الدينية في الإقليم و52 بيتا لدائرة آثار أربيل. ويمضي قائلا إن هذه الإحصائيات محصورة بما هو مشغول وموجود داخل سور القلعة الدائري. وتبرز ثروة قلعة أربيل في حجم البيوت التراثية والمعالم الإسلامية التي لا تزال قائمة فيها إلى الآن، ولاسيما جامع القلعة الكبير الذي يعود تاريخ بنائه إلى عصر الأتابكة. ويقول البروفيسور هاشم الموسوي إن في القلعة حوالي 600 بيت ذي طابع شرقي وإن قسما منها ما زال باقيا، أما القسم الآخر فهو متهدم. ويضيف أن أغلبها يتألف من طابق واحد وبعضها من طابقين وخاصة بيوت الأغوات، وتوجد في وسط الدار فسحة واسعة تسمى (الحوش) وفي أطرافها تبنى الغرف وفي بعض البيوت كانت بجانب الحوش حديقة تزرع فيها غالبا أشجار البرتقال والتين والعنب. وكان بعض المساكن أحيانا بمساحة أقل من 100 متر مربع وقليل منها شيد على مساحة 300 متر مربع، علمًا بأن مواد البناء كانت من الطابوق والطين أو من الطابوق والجص، وأحيانا تم استعمال الإسمنت في البناء. ويمضي الموسوي إلى القول إنه غالبًًا ما كانت تعيش عائلة أو أكثر في دار واحدة حسب سعة الدار والحالة المعاشية لتلك العوائل، قبل أن تصدر حكومة إقليم كردستان العراق قرارا بإخلاء القلعة من سكانها بعد تعويضهم لتبدأ مرحلة الترميم، كما تم الاتفاق عليه في المؤتمر العلمي الأول لصيانة القلعة تمهيدا لإدراجها على لائحة التراث العالمي. إلى ذلك يؤكد رئيس المفوضية العليا لترميم قلعة أربيل الدكتور دارا يعقوبي أن القلعة قد دخلت لائحة التراث العالمي المؤقت، وذلك لأهميتها التاريخية وأن العمل جار وفق الخطة المرسومة لتأهيلها كي تكون ضمن لائحة التراث العالمي الدائم بالتنسيق والتعاون مع منظمة اليونسكو، وكشف عن البعد التاريخي للقلعة الذي يعود إلى ستة آلاف سنة تقريبا. يذكر أن موقع القلعة قد تم اختياره لأهميته الإستراتيجية من الناحية العسكرية والتجارية، مما أعطاها أهمية تعبوية على مدى العصور. ومنذ بدء الاستيطان فيها إلى الوقت الحاضر ارتفعت القلعة عن مستوى سطح البحر بنحو 415 متر وعن الأرض المحيطة بها بنحو 25 مترا. وهي تقع على هضبة سهل أربيل التي ترتفع عن مستوى سطح البحر بحوالي 390 متر.