تحوّلت الأنترنت من وسيلة تكنولوجية لخدمة المجتمع والمساهمة في ترقية معارفه، إلى وسيلة لنشر الفاحشة، وهذا بسبب شرور بعض الأفراد الذين حوّلوا القيمة الفعلية للأنترنت من التقدم إلى الأمام باتجاه مستقبل مشرق، والعودة إلى الوراء باتجاه العصور الحجرية أين كانت الغريزة هي الغاية الأولى للبشر، ولأن الأنترنت لم تعد حكرا على فئة معينة من الناس، بل أنها متاحة لكل الفئات بلا استثناء، خاصة مع تضاعف مقاهي الأنترنت التي تمنح الفرصة لدخول هذا العالم الافتراضي بكل عوالمه السلبية والإيجابية بمبالغ رمزية ولهذا فإن أغلب مقاهي الأنترنت التي تحوّلت إلى تجارة مربحة خلال هذه السنوات تبقى مكتظة من الصباح إلى المساء، والبعض منها يعمل على مدار اليوم بدون انقطاع، وأغلب الزبائن من المراهقين والقصر الباحثين عن فضاء حر بعيد عن الرقابة مقابل 50 دينارا.. س. بوعلام الله تستقبل مقاهي الأنترنت يوميا مئات من الأفراد صغارا وكبارا، إذ اصبحت ظاهرة الإقبال على هذه المقاهي تستلهم الكثير منهم لدرجة الإدمان عليها، خاصة بالنسبة لهؤلاء العاطلين عن العمل، وفي هذا الشأن نجد الكثير من ملاك هذه الفضاءات يحرصون على أن يكون الإقبال على الأنترنت في حدوده المشروعة وألا تتعدى الشرعية القانونية والأخلاقية. وفي هذا الشأن ارتأينا الخروج إلى الشارع والدخول إلى بعض مقاهي الأنترنت في العاصمة لمحاولة معرفة مدى التزام هذه الأماكن بالرقابة المنصوص عليها ولكن الواقع الذي وجدناه عكس كل التصورات التي كانت لدينا وهو أن أغلب أصحاب تلك المقاهي يطبقون شعارات خاصة بهم من أجل كسب المال لا أكثر، أما ما يحدث وراء شاشات الكومبيوتر فلا يعتبر من شأنهم، يحدث هذا بالرغم من أن جلّ المقاهي في الجزائر مزوّدة ببرنامج خاص من شأنه أن يكشف أيّ موقع ممنوع يمكن أن يدخله المتصفح. اغتنمنا فرصة تواجدنا بالمكان لنتقرب من أصحاب المقاهي لعلنا نجد أجوبة لأسئلتنا، حيث كانت أجوبتهم وآراؤهم مختلفة بشأن موضوع الرقابة، حيث يقول في هذا الصدد سليمان صاحب مقهى أنترنت بحسيبة بن بوعلي إنه لا يرفض أن يدخل أحد الزبائن لهذه المواقع مادام ليس قاصرا، فالأمر يختلف لأن الزبون يدفع من أجل تلقي خدمة، ويضيف أنه ومن خلال الخبرة يعرف الأشخاص الذين يدمنون على المواقع الإباحية بمجرد دخولهم خاصة وأن شاشتهم تتغير ألوانها بمجرد دخولهم لهذه المواقع، ولكن الرأي كان مخالفا تماما بالنسبة ل(عبد العزيز) الذي أكّد لنا أنه يرفض مطلقا فكرة أن يترك الزبائن الذين يرتادون المقهى يطلعون على هذه المواقع الإباحية بمجرد أن يدفعون بضع دنانير لأن ضميره لا يسمح بذلك، ويوافقه زميلة الذي كان برفقته من أجل تقديم المساعدة له عند الحاجة إليها من خلال قوله :(إنني أعمل على حجب هذه المواقع من الأجهزة الخاصة لأنني أرفض أن يتحول (السيبر كافي) إلى محلّ للشواذ الذين لا يملكون لا ضمير ولا مبدأ أخلاقي. ولكن الأمر الذي لفت انتباهنا وأثار دهشتنا هو عدم اقتصار المتصفحين لهذه المواقع على فئة المراهقين والشباب، حيث يزداد الأمر خطورة عندما يصل الأمر بالآباء إلى الاطلاع على هذه المواقع دون خجل أو حياء، في الوقت الذي كان يجدر بهم أن يمارسوا الرقابة على أبنائهم ويعملوا على زرع الوازع الأخلاقي في سلوكهم، غير أن الأمر أصبح يختلف حيث يوجد من كبار السن من يحتاجون إلى الرقابة. هذا ما حدث مع أحد الأشخاص رغم أنه يعلم أن المقهى يحتوى على جهاز للمراقبة حسب ما علمناه من صاحب المقهى الذي أفادنا بذلك من خلال قوله: (عندما أقوم بحجب هذه المواقع يتساءل دون حرج عن الخلل وراء هذا الحجب ويطلب مني أن أقوم بإصلاحه). إذ تعتبر فئة الأطفال من أكثر الفئات تأثرا وتضررا لدى تعرضّها لمثل هذه المواقع، حيث يقصدون مقاهي الأنترنت من أجل التسلية فقط، فتتحول هذه المزحة إلى إدمان يمكن أن يحوّل الطفل الصغير إلى شاذ جنسيا مدمن على تصفّح مواقع إباحية أمام غياب الرقابة اللازمة لحماية هذه البراءة من التحول، حيث يعتبر الفضول أحد أولى الأسباب التي تدفع بهم للدخول إلى هذا العالم دون إدراكهم بخطر الإدمان الحقيقي الذي يترصد بهم، الأمر الذي استوجب حرصا أكبر من قبل الأولياء حتى لا يكون لدينا جيل مريض مستقبلا.