طالبت فعاليات المجتمع المدني الوزير الأول، عبد المالك سلال، بحجب المواقع الإباحية كونها أضحت أخطر عدو يهدّد كيان النشء، سيما وقد عرف الإقبال على هذه المواقع تزايدا مذهلا، جمهورها جنسين من مختلف الشرائح الاجتماعية بمن فيهم الأطفال والقصر الذين أصبح الكثير منهم مدمن على هذه المواقع الإباحية التي تتفنن في عرض الخطوط الحمراء التي تمس القيم، الأخلاق والمبادئ، ناهيك عن كونها أكبر المحرمات التي حذّر منها المولى، عز وعلا ورسوله، وأصبحت هذه المواقع الأكثر طلبا بين متصفحي الشبكة العنكبوتية خاصة وأنها تمكّن المتصفح من الدخول في أي وقت كان وبكل حرية. وقد دق مختصون ناقوس الخطر نتيجة الإنتشار الرهيب لهذه المواقع من جهة، وتنامي جمهورها من جهة أخرى، ما أعاق محاربة هذه الآفة الدخيلة على المجتمع الجزائري، ويشكّل الإقبال على المواقع الإباحية بابا لولوج جرائم عديدة حتى داخل أسوار الأسرة كالخيانة، الطلاق، لتأخذ الظاهرة بعدا أخطر بمجرد أن تحولت إلى مجال جديد للاستثمار في المجال الإباحي، ولدى طرح «السياسي» للظاهرة على مختصين في محاولة لكشف النقاب عنها، تأكد أن حجب المواقع الإباحية يعد الحل الوحيد لكبح جماح إنتشارها أكثر فأكثر، فهل ستقوم السلطات المعنية بحظر المواقع الإباحية في خطوة جريئة لاجتثاث هذه الآفة؟. وفي حديث جمعنا مع بعض ربات البيوت، أكدت بعضهن على خطورة الظاهرة في حين تجاهلت أخريات تبعات الآفة على الإطلاق، وفي ذات الإطار، تؤكد سيدة أن زوجها مدمن على مشاهدة المواقع الإباحية لدرجة أنه يستغل أطول وقت ممكن في الإبحار في هذه المواقع، وأكدت عدة سيدات قابلناهن أن فلذات أكبادهن أصبحوا مدمنين على المواقع الإباحية. عرعار: «80 بالمئة من المراهقين مدمنون على المواقع المخلة بالحياء» أشار رئيس الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل "ندى"، عبد الرحمن عرعار، أن أغلب القضايا المسجلة تتعلق بالإعتداءات الجنسية المبنية على النزعة الجنسية التي نمتها الأنترنت ووسائل الإعلام الأخرى خاصة وأن هذه الأخيرة تبدأ بعلاقات تنتهي بإنتهاكات جنسية، حيث سجلت نسبة 80 بالمائة لمراهقين مواضبين على دخول المواقع الإباحية في ظل إنعدام المراقبة والوقاية العائلية التي وصفها رئيس شبكة الدفاع عن حقوق الطفل بالمغيبة عمليا، في حين سجلت مبادرات لعائلات لم تفقه كيفية التعامل مع الوضع، وتطرق عرعار إلى قضية التشريع الخاص بقانون يحمي الأطفال من هذه المواقع وأوجب عرعار تشريعا يحمي الطفولة من هذه الظاهرة التي أثّرت على العائلات وساهمت في نشر التفكك والحواجز النفسية والاجتماعية نتيجة اللاحوار واللاتشاور حيث خلّفت مشاكل اجتماعية جديدة كهروب الأطفال والإعتداءات الجنسية والطلاق، بحسب ما ذهب إليه عرعار، موجبا تقوية العائلة الجزائرية في مرافقة أبنائها.
عبيدات: «لابد من نشر الوقاية ومعالجة الظاهرة من الجذور» وكشف الخبير الدولي في الوقاية الاجتماعية ورئيس المنظمة الوطنية لجمعيات رعاية الشباب، عبد الكريم عبيدات، أن ظاهرة إقبال الأفراد على المواقع الإباحية راجع لاستقالة العائلة عن أدوارها التربوية لاسيما استقالة الأب، وفي سياق ذي صلة، تطرق إلى بعض التصرفات السلبية التي تلقنها الأمهات لأطفالهن كمرافقة الذكور إلى الحمامات النسوية، الأعراس والمجالس النسوية، إلباس الطفل ملابس الفتاة ما يحدث إزدواجية في نفسية الطفل وهي التصرفات المؤدية إلى إنحراف الطفل فيما بعد، ووصف الخبير الدولي الإقبال على المواقع الإباحية ب«المرض»، خصوصا وأن الظاهرة بدأت في الإنتشار، وخلُص الخبير إلى وجوب إعادة النظر في الخارطة السوسيولوجية للتكفل بالشباب الذي يعاني تبعات الآفات الاجتماعية، مؤكدا على ضرورة نشر الوقاية لمعالجة الظاهرة من الجذور لأن الوقاية خير من العلاج، يضيف عبيدات. «أجيالنا»: «يجب أن يتدخل الوسط الأسري التربوي» وفي ذات الإطار، وجّهت حميدة زايدة، رئيسة الجمعية الولائية «أجيالنا» دعوة من خلال منبر «المشوار السياسي» لعدم تصفح المواقع الإباحية لما تثيره من غرائز وشهوات لدى المراهق الذي يعيش حالة لا توازن في الحياة النفسية، الجسدية والجنسية خاصة وأن الشاب يبحث عن الإثارة الجسدية من محيطه المعيش، مضيفة أنه لابد من تدخل الوسط الأسري والتربوي من أجل تلقين المراهق تربية جنسية سليمة، فإذا ما تلقاها عبر المواقع الإباحية التي لا تمتلك أي ضوابط وقوانين، قد ينهج الشاب طريق الشذوذ والتربية الجنسية الخاطئة وعواقبها الوخيمة تؤدي إلى الإنحراف، كتوجه الفتاة إلى الدعارة وتعاطي المخدرات والسيدا، بحسب تقديرات رئيسة جمعية «أجيالنا». دعدوش.. ناشط جمعوي وإعلامي: «الإباحية أكبر خطر على المجتمعات» أكد وائل دعدوش، الأمين العام ل«الجمعية الوطنية للتضامن والقضاء على المشاكل الاجتماعية»، أن هذه السموم هي أكبر خطر على المجتمع الجزائري وعلى المجتمعات العربية والإسلامية، لأنها صمّمت خصيصا لتحطيم الفرد والمجتمع، للابتعاد عن بناء الوطن والتفكير في العلم، وهي بالدرجة الأولى مخططات صهيونية، فأكبر الممولين والمصممين لمثل هذه المواقع هم صهاينة، وهذه المواقع باتت اليوم خطرا حتى على المجتمعات الغربية، حيث أقر مسؤول عسكري أمريكي، أن 70 بالمائة من المجندين في صفوف الجيش الأمريكي فقدوا القدرة على ممارسة نشاطاتهم التدريبية بسبب هذه المواقع. «ونحن بدورنا كجمعية وطنية للتضامن والقضاء على المشاكل الاجتماعية، نطالب وزير البريد وتكنولوجيات الاتصال موسى بن حمادي، والوزير الأول، عبد المالك سلال، باتخاذ قرارات عاجلة لكبح هذه المواقع، أما فيما يخص بعض الأصوات التي تصنّف تصفح المواقع في خانة الحريات الشخصية، فلا بد أن أشير إلى أنه لسنا ضد الحريات الشخصية للأفراد، ولكن في نفس القوت نحن ضد تكريس الإباحية في المجتمعات، ولا يجب أن نسقط في مستنقع جهات تستعمل الشعار الرنان وهو الحرية لتدمير الشباب والدول العربية والإسلامية بالأخص، وفي نفس الوقت، نحن كجمعية نحمّل البرلمان المسؤولية الكاملة لعدم مناقشته لمثل هذه المواضيع والمشاكل، وندعوه لسن قوانين لحظر هذه المواقع، ونحن كلنا ثقة في الدولة الجزائرية للاستجابة لهذه المطالب التي تخدم المجتمع والوطن في آن واحد، لأنها عودتنا على عدم تأخرها في اتخاذ قرارات لخدمة الشباب والمجتمع بصفة عامة». مسير مقهى أنترنت: «فرض رقابة على الأجهزة تمكنّنا من معرفة المواقع وحتى توقيفها» وسعيا منا للإلمام بجميع جوانب الموضوع، توجب علينا دخول بعض مقاهي الأنترنت والمكوث فيها لزمن، حتى نقف على الظاهرة عن كثب، وبالرغم من إختلاف الأشخاص المترددين على هذه الفضاءات وإختلاف تصريحات مسيري مقاهي الأنترنت الذين قابلناهم، إخترنا تزويد تحقيقنا برأي واحد بما أن أغلب المسيرين إعتبروا أن تصفح رواد هذا الفضاء لمواقع مختلفة هو حرية شخصية لا يتدخل في شأنها المسير، إلا أن أحد مسيري مقاهي الأنترنت، الذي إلتقيناه بمحله في ضواحي العاصمة، أكد ل«السياسي»، أنه شخصيا يمنع دخول القصر إلى محله، كما يفرض رقابة على كل أجهزة الإعلام الآلي من خلال تقنية logiciel التي تمكّنه من الإطلاع على المواقع التي يزورها رواده وبإمكانه توقيف تشغيل بثها في الحين، وعن نوعية رواد المقهى أوبالأحرى نوعية مدمني المواقع الإباحية، فقد أكد مسير المقهى أن أغلب زواره عزاب ملتحون في حين تناقص عدد زوار هذه المواقع في الفترات الأخيرة، بسبب تقنية logiciel التي تكشف الموقع المزار مقارنة بالفترات الأولى التي عرفت فيها الأنترنت شعبية واسعة، يضيف مسير المقهى. مختصة في التنمية البشرية: «من يربي من؟» من جهتها، إعتبرت المختصة في التنمية البشرية والمحللة الاجتماعية ومفتشة التربية، الأستاذة زهرة فاسي، أن المواقع الإباحية تعد الطريق المختصر للفساد الأخلاقي في المجتمع، حيث إنتشر الإقبال عليها بظهور الأنترنت، وأضافت أن الأنترنت هو نعمة قبل أن يكون نقمة، غير أن العيب يكمن في كيفية التعامل مع الأنترنت، بحسب الأستاذة فاسي. وعن الإقبال على هذه المواقع، فقد أكدت أنها سجلت زيارات لها من طرف المراهقين بدافع الفضول وحب الإستطلاع، مردفة أنه بحكم طبيعتهم كمراهقين يتميزون بجانب عاطفي مرهف أدى بهم إلى ما يسمى بالإدمان عليها وهذا ما أظهر تصرفات غير أخلاقية في الشوارع وبين الأسر نتجت عنها الإعتداءات الجنسية بين القصر والإعتدات الجنسية بين الأهل والإخوة، مضيفة أن المحاكم الجزائرية تعج بعدة قضايا من هذا القبيل إلى جانب أن هذه المواقع أصبحت أهم أسباب خراب البيوت، التشتت العائلي والطلاق والخيانة الزوجية، تضيف المختصة، مؤكدة على غياب قدوة لمحاربة الظاهرة بحكم أن شريحة معتبرة من الكبار يقبلون على هذه المواقع دون إنقطاع، وبشأن المراقبة المنزلية للأطفال التي تفرضها بعض العائلات، كشفت أنها تفشل بمجرد أن يجد الطفل الحرية التامة في مشاهدة هذه المواقع في مقاهي الأنترنت، وسهولة حصول الأطفال على الأفلام المخلة بالحياء بما ان الأقراص المضغوطة المخلة بالحياء تباع علنا ودون أية مراقبة، وتساءلت: أين هي القدوة بما أن هناك الكثير من الراشدين هم مدمنون على هذه المواقع؟ ونفت المختصة وجود أية إجراءات لكبح هذه الآفة. محام: «لابد من استحداث منظومة قانونية تكبح الظاهرة» وأكد الأستاذ محمد عيساوي، محام معتمد لدى المجلس، أن المشرع الجزائري قد أصدر قوانين تتعلق بالجرائم الأخلاقية، غير أن هناك عدة جرائم تفتقر إلى نص صريح يكفل المعاقبة كجريمة المواقع الإباحية، مضيفا أن جرائم المواقع الإباحية تعيش غياب إطار قانوني يعاقب مرتكبيها سيما وأن القانون يعجز عن معاقبة ممارسي العلاقة الجنسية تحت عاملي الرضا والأهلية، وفيما يتعلق بالمواقع الإباحية، فقد أفاد المحامي غياب إطار قانوني للمعاقبة بإعتبارها تساهم في الفساد الأخلاقي في المجتمع لإنعدام نص قانوني فيما يتعلق بإنشاء المواقع الإباحية عبر الأنترنت. وفي السياق، برر المحامي بروز ظاهرة الإستثمار في مجال الإباحية بفعل دخول غرباء للجزائر لينشطوا في مجال تصوير الأفلام الإباحية لفضائيات متخصصة في المجال، وطالب المحامي بإستحداث منظومة قانونية تكبح هذه الظاهرة المروجة للفساد، والمسببة لأضرار جمّة كفيلة بحماية المجتمع من الفساد الأخلاقي. وأفاد المحامي أن شرطة الآداب متواجدة في صفوف الأمن، إلا أنه يتوجب تفعيل هذا الجهاز لمحاربة الجرائم الأخلاقية ومعاقبة مجرمي الأخلاق، وفيما يخص المشرع الجزائري، فقد أكد المحامي عيساوي أن القانون يصنف الترويج للأفلام الإباحية في خانة الجنح المسيئة للأخلاق والآداب العامة وتتراوح عقوبتها في المادة 333 مكرر من قانون العقوبات من شهرين إلى سنتين سجنا نافذا لكل من صنع أو حاز أو وزع أو شرع في تداول الصور المخلة بالحياء، مؤكدا أن المحاكم سجلت عددا متزايدا من قضايا الترويج للصور، الأفلام الإباحية في الهواتف النقالة وتسويق أقراص مضغوطة بتهم ترويج صور وأفلام تمس بالحياء العام. لجنة إفتاء العاصمة: «دعوة صريحة لفعل الفواحش وتحريك الشهوات» وعن الحكم الشرعي للإقبال على المواقع الإباحية، فقد أكد الأستاذ زين الدين العربي، عضو لجنة إفتاء العاصمة وإمام مسجد القصبة ل«السياسي»، أنه لا يجوز النظر إليها أو البحث فيها لعدة أسباب أدرجها العلماء والفقهاء في الإعانة على المعصية خاصة وأنها معصية في حد ذاتها لقول الله تعالى: «وتعاونوا على البر والتقوى ولا تتعاونوا على الإثم والعدوان»، مضيفا أن هذه المواقع تمكّن من النظر إلى النساء والفتيات وعوراتهن في حين أمرنا الله بغض البصر لقوله، تعالى «وقل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا من فروجهم»، وقال عن النساء «وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن»، بما أن هذه الأخيرة فيها دعوة صريحة لفعل الفواحش وتحريك الشهوات لقول الله، تعالى: «ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا»، إلى جانب كون هذه المواقع دعوة صريحة لقتل الحياء والحشمة بين الرجال والنساء. وأكد الإمام أن الإسلام قد ضبط الشهوة وأرشدنا إلى بدائل وحلول مباحة منها الزواج وفق قول الرسول، صلى الله عليه وسلم «تزوجوا الولود الودود، فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة»، ومن خلال صفحات الجريدة، وجّه عضو لجنة إفتاء العاصمة رسالة لقطاع الإعلام، بما أن أعظم الحروب في العالم الإسلامي هي حروب إعلامية إلكترونية أو الغزو الإعلامي والإلكتروني، كما وجّه رسالة إلى المسؤولين لكبح هذه المواقع، لأنها مسؤولية كبيرة يحاسب عنها المرء يوم القيامة، كما طالب الأستاذ زين الدين بمنع المواقع الإباحية ومراقبة أصحابها، ووجّه إمام مسجد القصبة دعوة لخطباء المساجد والدعاة والعلماء ورجال التربية والسلوك لمواجهة هذا الشر والذنب العظيم للمواقع الإباحية، ناصحا الآباء والأمهات والأوصياء بضرورة مراقبة الأجهزة الإلكترونية. دول أوروبية تتحرك.. ودول إسلامية صامتة رغم الكوارث الأخلاقية للمواقع الإباحية والتي ألمت بالمجتمعات ككل والمجتمعات العربية الإسلامية على وجه الخصوص، إلا أن حظرها لازال محتشما لدى الكثير من الدول، وتعد إيسلندا أول دولة غربية قامت بحجب المواقع الإباحية لتليها دول أخرى كالصين، وشرعت دولة إندونيسيا في حظر المواقع الإباحية خلال شهر رمضان المعظم، لتنتقل موجة القضاء على مواقع الفسوق في دول إسلامية كالسعودية، الإمارات، السودان، الأردن، وتستعد السلطات البريطانية لإغلاق المواقع الإباحية لديها. وقالت صحيفة الأوبزرفر ذائعة الصيت، أن هناك توقعات بأن تحذو بريطانيا حذو أيسلندا وتحظر الأفلام الإباحية فى الشبكة العنكبوتية. الاحتلال الإسرائيلي ممول ومروج المواقع الإباحية في العالم يمنعها عن الجنود الاحتلال الإسرائيلي ممول ومروج المواقع الإباحية في العالم يمنعها عن جنوده، ويفرض اشتراكات غالية جدا على متصفحي المواقع، في الوقت الذي يسعى إلى ترويجه إلى الدول الأخرى، وتساءل الكثير من الاختصاصيين في علم الاجتماع كيف لمصمم ومروج هذه المواقع يمول ويمنع المواقع الإباحية عن جنوده ومواطنيه؟