اللجوء إلى التبني وكفالة الأطفال، لا يزال يعرف عزوفا كبيرا بين العائلات الجزائرية، فرغم أن حالات العقم تضاعفت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة بالنظر إلى عدة عوامل صحية واجتماعية، إلا أن عملية الكفالة تبقى حلا غير وارد لدى العديد من الأزواج، فمن جهة العقد الاجتماعية ومن جهة العقد الإدارية التي تطيل عملية الكفالة تصل في بعض الأحيان إلى سنتين من الانتظار.. س. بوحامد يفضل العديد من الأزواج الذين يعانون من مشاكل في الإنجاب، اللجوء إلى مختلف الحلول الواردة أمامهم، مع عدم التفكير في خوض تجربة كفالة طفل يتيم، فهم يختارون التوجه إلى العيادات الخاصة وصب كل مدخراتهم التي تصل إلى 30 مليون للعملية التي نسبة نجاحها لا تكون مؤكدة، بل أن منهم من يكررون العملية لعدة مرات، بصب الملايين في كل مرة في حسابات القطاع الخاص، ومغامرين بآخر أمل ضئيل، رغم وجود حل ذو جانبين يكون في صالح الأزواج، فمن جهة الحصول على نعمة الأمومة والأبوة ولو عن طريق الكفالة، وأيضا كفالة اليتيم والتي لها جزاء كبيرا في الدنيا والآخرة.. وتكشف آخر الإحصائيات من وزارة التضامن الوطني، أن عدد الأطفال من أزواج غير شرعيين وصل إلى 2208 طفل، ووصل عدد الأطفال الذين تكفّل بهم من قبل عائلات جزائرية إلى 1242 طفل، من بينهم 144 طفل تم التكفل بهم من قبل عائلات جزائرية مقيمة بفرنسا. التبني والكفالة هو حل لجأت إليه زهيدة، بعد أن فشل الطب في منحها نعمة الأمومة، وبعد صراع طويل مع الأهل، خاصة أهل الزوج، اتجهت نحو البحث عن طفل يتيم تكفله وتمنحه حنانها، وحسبها فإنها لم تعرف أن الأمور تطول بهذا الشكل، فلقد اتخذت الإجراءات وقتا طويلا، إلا أن استقبالها لطفلتها التي اختيرت من بين ضحايا الإرهاب، أنساها كل المتاعب الإدارية التي واجهتها خلال عملية الكفالة.. أما آمال فهي متزوجة منذ 17 سنة، ولم تنعم هي الأخرى بالأمومة، إلا أنها ما تزال تبحث عن حل لمشكلتها عبر العيادات الخاصة، بسبب رفض زوجها وعائلته فكرة الكفالة.. وبين الرفض والقبول بين الأزواج في الجزائر لفكرة الكفالة التي تتيح لهم فرصة الإحسان إلى اليتيم وكذا الحصول على نعمة الأمومة والأبوة، بعد أن تعذر ذلك طبيعيا، فإن الجزائر تحاول مناقشة موضوع الكفالة والتبني، من خلال عرض تجربتها، في إطار ملتقى دولي يومي 14 و 15 نوفمبر بالحمامات (تونس) حول موضوع (مرافقة العائلات المتبنية)، (التبني والكفالة خبرات مقارنة). ويمثل الجزائر في هذا الملتقى الذي ينظمه المعهد الوطني التونسي لحماية الطفولة بوزارة الشؤون الاجتماعية رئيس مجلس مؤسسة زرغين-زردازي لترقية وحماية حقوق الطفل السيد محمد الشريف زرقين والباحثة بمركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية بدرة متسم ميموني. وسيقدم السيد زرقين عرضا خلال الجلسة المخصصة (للتبني والكفالة بين الحقوق والممارسات) حول موضوع (تثمين آليات الكفالة) في حين تقدم الجامعية متسم ميموني خلال تدخلها في جلسة (مؤسسة الكفالة والتبني) عرضا حول موضوع (تقييم الكفالة بالجزائر). ومن جهة أخرى تدور نقاشات الملتقى الذي ينظم بالتعاون مع مكتب صندوق الأممالمتحدة من أجل الطفولة (اليونيسيف) بتونس حول مواضيع مختلفة ذات صلة مباشرة بحقوق وممارسات التبني والكفالة بالمغرب العربي والعالم العربي. ومن بين المواضيع التي سيتطرق إليها الباحثون والجامعيون والحقوقيون من مختلف الجنسيات (الرغبة في طفل في إطار طلب التبني والكفالة) و (عندما تتكلم وسائل الإعلام عن التبني حالة الحصص الاجتماعية التلفزيونية بتونس) و (الأبوية وغياب العلاقات المبكرة) و (أدوات مرافقة العائلات المتبنية)، وتتوج أشغال الملتقى بخارطة طريق حول تثمين آليات التبني والكفالة. ومن المقرر أن يدعم هذا الملتقى موضوع الكفالة في الجزائر ومنحه بعدا أكثر واقعية، مع التأكيد على وجوب مرافقة العائلات المتبنية من أجل تسهيل عملية التكفل وضمان علاقة متوازنة بين الطرفين..