تواضع النبي عليه الصلاة والسلام: سيدنا عمر دخل على سيدنا رسول الله، وقد اضطجع على حصير، وأثر الحصير على جنينه الشريف، أو على خده، فبكى عمر، قال: يا عمر ماذا يبكيك؟ قال: رسول الله ينام على الحصير وكسرى ملك الفرس ينام على الحرير، قال: (يا عمر إنما هي نبوة وليست ملكاً)، أنا لست ملكاً، إنما هي نبوة وليست ملكاً. (هون عليك فإني ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد بمكة)، ابن ماجه عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ. تواضعه عجيب، كان النبي عليه الصلاة والسلام في سفر وأرادوا أن يعالجوا شاةً، فقال أحدهم: عليّ ذبحها يا رسول الله، فقال الثاني: وعليّ سلخها، وقال الثالث: عليّ طبخها، فقال عليه الصلاة والسلام: (وعليّ جمع الحطب، فقالوا: نكفيك ذلك يا رسول الله، قال: (أعلم أنكم تكفوني، ولكن الله يكره أن يرى عبده متميزاً على أقرانه). وفاء النبي عليه الصلاة والسلام: لما فتح مكة ودعاه سادتها ليبيت عندهم، فقال لهم: (انصبوا لي خيمة عند بيت خديجة)، ليعلم العالم كله أن هذه المرأة التي في القبر هي شريكته في النصر. ما هذا الوفاء! معه زوجة شابة في ريعان الشباب، فضجرت من كثرة ذكره لخديجة، خديجة في سن أمه عندما تزوجها كانت في سن الأربعين، هو في الخامسة والعشرين، وعنده فتاة في ريعان الشباب قالت له مرة: ألم يبدلك الله خيراً منها؟ قال: لا والله لا والله لا والله، ما هذا الوفاء؟ عفو النبي عليه الصلاة والسلام: عندما فتح مكة، من في مكة؟ مكة التي أخرجته، مكة التي ائتمرت على قتله، مكة التي نكلت بأصحابه، مكة التي حاربته ثلاثة حروب، بدر، وأحد، والخندق، مكة التي تفننت بقتل أصحابه، ما تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم، قال: (فاذهبوا فأنتم الطلقاء). هذا العفو، يوم دانت له الجزيرة العربية من أقصاها إلى أقصاها، صعد المنبر واستقبل الناس باكياً وقال: من كنت أخذت له مالاً فهذا مالي فليأخذ منه، ومن كنت جلدت له ظهراً فهذا ظهري فليقتدْ منه، ومن كنت شتمتُ له عرضاً فهذا عرضي، ولا يخشى الشحناء، فإنها ليست من شأني، ولا من طبيعتي. معرفة شمائل النبي فرض عين على كل مسلم: هذا الإنسان العظيم، هذا الذي بلغ سدرة المنتهى، هذا هو المخلوق الأول، هذا سيد الأنبياء والمرسلين، هذا سيد ولد آدم، أيعقل أن لا نعرفه؟ أيعقل أن لا ندرس شمائله، كمالاته، صدقوا ولا أبالغ إن معرفة شمائل النبي عليه الصلاة والسلام، فرض عين على كل مسلم، لأنه قدوة لنا والدليل: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً)، سورة الأحزاب الآية: 21. أدلة على ضرورة معرفة شمائل النبي: أيها الأخوة، من الأدلة على ضرورة معرفة شمائل النبي قول الله عز وجل: (وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ)، سورة هود الآية: 120. إذا كان قلب سيد الخلق وحبيب الحق يزداد يقيناً بسماع قصة نبي دونه فلأن يمتلئ قلبنا إيماناً وتألقاً بمعرفة سيرة سيد الأنبياء من باب أولى، هناك آية حينما تقرأها لا شك أنه يقشعر بدنك: (وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ)، سورة الحجرات الآية: 7، هو فينا، هو معنا، سنته بين أيدينا، أحاديثه بين أيدينا، مواقفه بين أيدينا، سيرته بين أيدينا، كمالاته بين أيدينا: (وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ) .../ ... انتهى