صحيح أن نفس الإنسان ضعيفة، وأنّ إيمانه قد لا يكون بالقوة التي يقدر بها على كبح جماح شهواته، لكننا نجد أشخاصا أحيانا يتعدون الخطوط الحمراء المسطرة لهم، وتصبح تصرفاتهم ليست طيشا فقط، بل جرائم شنعاء· هذا ما يفعله بعض الأزواج الذين ورغم أنهم ينعمون في بيوتهم بكل ما يتمناه كل رجل من زوجة ومن تكوين أسرة، إلاّ أنك تجدهم مع ذلك لا يتوانون عن خيانة زوجاتهم، وبدون سبب كذلك، حيث يتركون بيوتهم ويتجهون للسهر مع الساقطات، والارتماء في أحضانهن، ويتركون خلفهم نساء يندبن حظهن، وربما أبناء لا يفهمون ولا يستوعبون تلك التصرفات التي يأتيها آباؤهم، وقد لايدركون حتى ما يدور حولهم· حظينا بعيّنات لأطفال عاشوا في أسر متفككة، وكان فيها الأب المنتهك الوحيد لحقوق أفرادها، ومنهم علي، والذي يبلغ من العمر 20 سنة، والذي عاش في اضطراب إلى أن انفصل والداه عن بعضهما، فانتهت المشاكل على الأقل، وعم الهدوء في البيت، يقول علي: حاولت مرارا أن أفهم تصرفات أبي اتجاه أمي، ولمّ كان يترك البيت ليصاحب بنات الليل؟ فلم أفهم خاصة وأنّ أمي كانت لا تقصر في شيء من أمور الأسرة، وكانت تعتني بزوجها وبنا، وقد رأيتها لا ترتاح إلاّ إذا ارتاح أبي، لكن لم يكن جزاؤها إلاّ الإهمال والنكران، وكنت أفكر في أننا كنا سنكون أسرة سعيدة لو أنّ والدي لم يتحوّل إلى شخص يركض وراء شهواته، حتى أنّ الكثير من أصدقائي كانوا يخبرونني عن تصرفاته وعن مصاحبته للنساء· أما سهيلة والتي لم تتجاوز الرابعة عشرة من العمر فقد صارت واعية بكل شيء منذ صغرها، حتى أنها وعندما شاهدت تصرفات والدها هي الأخرى، والذي كان يهمل ويحتقر ويسيء إلى أمها وإليها، ولاهمّ له إلاّ مع من سيقضي ليلته، عندما شاهدت سهيلة ذلك كله سألت أمها فيما إذا كانت مقصّرة كزوجة مع والدها، فأكدت لها أنها لم تفعل شيئا من ذلك، وأنها تحاول دائما أن تملأ أي فراغ عاطفي يمكن أن يحس به، أو يجعله يهجر البيت، لكنه في النهاية لم يقدّر ذلك، وفضل أن يتمسك بعاداته السيئة· ولا يعلم بعض الآباء الذي لايملكون أدنى إحساس بالمسؤولية أنهم بتصرفات تلك لايسيؤون إلى زوجاتهم فحسب، بل إلى أبنائهم وإلى المجتمع ككل، وأنهم يهدمون الأخلاق ويحطمون أسرا كونوها بأنفسهم ودمروها بحمقهم وركضهم وراء شهواتهم الزائلة·