لازالت أزمة الحليب متواصلة عبر أحياء من العاصمة على الرغم من طي الحديث عنها، بحيث يجد المواطنون أنفسهم مجبرين على التنقل هنا وهناك في رحلة بحث شاقة عن أكياس الحليب فيما توجه البعض منهم إلى مساحيق الحليب التي عرفت ارتفاعا هي الأخرى في الوقت الذي لا يفي محتواها الضئيل بغرض أفراد العائلة وينفذ في لمح البصر، حتى أن محدودية دخل بعض الأسر جعلها لا تقوى على اقتناء مساحيق الحليب بالنظر إلى ارتفاع ثمنها الذي يصل إلى 320 دينار. نسيمة خباجة استمرت ندرة الحليب عبر العديد من المقاطعات الذي بات فيها المشكل يؤرق الجميع لاسيما وأن الحليب هو مادة أساسية تحتاج إليها الأسر دوما، بحيث شغلت الندرة بال العديد من المواطنين بعد أن جفت أفواه أطفالهم من قطرات الحليب بسبب التوزيع الذي عرف اضطرابا في الكثير من النواحي العاصمية، وهو ما لم يهضمه أغلب المواطنين وجعلهم في مواجهة مشقة توفير الحليب لأسرهم مهما كانت الظروف، فيما انسحب البعض منهم من تلك المأساة الروتينية بتوجههم إلى اقتناء مسحوق الحليب الذي ارتفعت أسعاره في الفترة الأخيرة حتى أنها لا تلائم القدرة الشرائية للكثيرين، بالإضافة إلى نفاد المحتوى في لمح البصر. ففي هذا الجانب ترى ربات البيوت أن أكياس الحليب أكثر اقتصادية من تلك المساحيق. اقتربنا من بعض المواطنين فأجمعوا أنهم يعانون كثيرا من أزمة الحليب التي لا يظفرون بأكياسه بعد خروج ساعات الفجر، وعليهم بالنهوض باكرا لأجل جلبه لأطفالهم لاسيما وأنه مادة أساسية على مستوى كل أسرة جزائرية، كما دهش البعض بإقرانه بمواد أخرى من طرف أصحاب المحلات للتخلص منها وإجبار المشتري على اقتنائها دون رغبته. أحد المواطنين قال إن أزمة الحليب صارت الكابوس الذي يؤرق الجميع، إذ يجبر على مغادرة بيته فجرا للصلاة ولأجل اقتناء أكياس من الحليب التي يحددها بعض التجار بكيسين فقط، ومنهم حتى من يجبر الزبون على أخذ مواد أخرى مع الحليب بغرض ترويجها على غرار الهلاليات (الكرواسون) وحتى الخبز إلى غيرها من المواد وهي قوانين خاصة أملاها بعض التجار على الزبائن في ظل أزمة الحليب. أما سيدة أخرى أم لأطفال فقالت إنها ملت من سيناريو الحليب الذي لم ينته بعد خصوصا وأن أطفالها صغار يطلبون الحليب في كل وقت، الأمر الذي أدخلها في ورطة وأجبرها على التوجه إلى مسحوق الحليب الذي لا يفي بالغرض في أغلب الأحيان على الرغم من غلائه مقارنة مع الحليب الذي تتوافق أسعاره مع دخل الأسر البسيطة. ويبقى الحليب تلك المادة الأساسية التي طال أمد غيابها في هذه المرة عن الأسر التي تعيش على الأعصاب خصوصا مع القوانين الغريبة التي فرضها بعض التجار بغية ترويج سلع أخرى وفرضها على البسطاء الذين هم بالكاد سمحت لهم ظروفهم المادية التزود بأكياس من الحليب يسدون بها رمق أطفالهم.