أجمعت الصحف الفرنسية الصادرة أمس الاثنين على “الصدمة” الكبيرة التي خلفتها نتائج الدور الأول من الانتخابات الجهوية التي شهدتها فرنسا الأحد الماضي وحاولت أن تتوقف عند الأسباب التي جعلت من الجبهة الوطنية المتطرفة القوة السياسية الأولى في فرنسا، والإستراتيجية الممكنة أمام الأحزاب السياسية لقطع الطريق عليها في الجولة الثانية المزمع إجراؤها الأحد المقبل.«الصدمة”، “الجبهة الوطنية الخطر الأول في فرنسا”، “الجبهة الوطنية عند أبواب الحكم” .... كانت هذه بعض عناوين الصحف الفرنسية الصادرة أمس الاثنين غداة الفوز الكبير الذي حققه اليمين المتطرف بزعامة مارين لوبان، في الدور الأول من الانتخابات الجهوية التي شهدتها فرنسا الأحد الماضي، حيث حصدت “الجبهة الوطنية” 27.96 بالمئة من أصوات الناخبين، متبوعة باليمين التقليدي 26.89 بالمئة، فيما جاء الحزب الإشتراكي الحاكم في المركز الثالث ب 23.33 بالمئة. صحيفتا “لوفيغارو” و«لومانيتي” عنونتا صفحتيهما الأولتين ب«الصدمة”، التي تلخص وقع هذه النتائج التي وصفتها الجريدتان ب«الكارثية” على الطبقة السياسية الفرنسية، حيث كتبت “لوفيغارو” بأن “صدمة الجبهة الوطنية تحولت إلى شيء مألوف...”، مضيفة “الجبهة الوطنية صارت أول حزب سياسي في فرنسا، لا مجال للشك في ذلك، فالحزب الاشتراكي الحاكم يتلقى خامس صفعة انتخابية منذ بداية العهدة الانتخابية لفرانسوا هولاند”. بالنسبة لصحيفة “لوكوروا” “الصدمة كانت قوية”، ومن المفروض أن تستفيق الأحزاب السياسية بيمينها المعتدل ويسارها بأسرع وقت حتى تعد العدة لدخول المرحلة الثانية من هذه الانتخابات بنفس جديد، لعلها تتمكن من وضع سكة المشهد السياسي الفرنسي على الطريق الصحيح.حاولت الصحف الفرنسية أن تتوقف عند الأسباب التي أدت إلى هذه النتائج غير المسبوقة في انتخابات من هذا النوع. وترى صحيفة “لوباريزيان” أنها ترجمت بشكل أو بآخر “غضب الناخبين” نظرا للأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها شرائح واسعة من الفرنسيين بسبب ارتفاع نسبة البطالة، وفشل الحكومة الحالية في إيجاد مخارج اقتصادية للأزمة.ويضيف كاتب المقال ستيفان ألبوي أنه “لم يكن مستبعدا أن يتصدر حزب الجبهة الوطنية في الشمال وبروفانس ألب كوت دازور” بالجنوب، معتبرا أن “نسبة البطالة” في المنطقتين “تجاوزت بكثير المعدل الوطني”، وكان لسكانها الكثير من الانتظارات تحولت لمجرد “أوهام”. إستراتيجية الدور الثاني تساءلت الصحف الفرنسية عن الإستراتيجية التي تسعى الأحزاب التقليدية لتبنيها في الجولة الثانية من هذه الانتخابات، علما أن الحزب الاشتراكي دعا إلى تقديم لوائح مشتركة مع “الجمهوريون”، وهو ما قوبل بالرفض القطعي من زعيم الحزب الرئيس السابق نيكولا ساركوزي.صحيفة “لوفيغارو” اليمينية، زكت موقف ساركوزي، واعتبرت أن الاندماج مع اليسار في هذه الانتخابات “يعطي الإنطباع للفرنسيين بأن هناك محاولة للحفاظ على مواقع ومكاسب” في الجهات.أما صحيفة “ليبراسيون” ترى أن الصراع يجب أن ينتقل من يسار-يمين إلى يمين- يمين متطرف. وكتب لوران جوفران أن “المنطق الكلاسيكي بشأن العدو الرئيسي يجب أن يفرض نفسه بين اليمين واليمين المتطرف، وكل جمهوري يجب أن يفهم أن الأسوأ في انتظارنا, يجب فعل كل شيء لتفاديه”، يشدد جوفران. وتعتبر صحيفة “لومانيتي” من جهتها، أنه “في المناطق التي يلمس فيها تهديد من قبل حزب “الجبهة الوطنية”، لا يمكن أن يحصل تردد في التصويت ضده” مارين لو بان: “كسبنا ثقة الفرنسيين.. والسر هو التنظيم ووضوح الأهداف” قالت مارين لو بان رئيسة حزب اليمين المتطرف المكستح للانتخابات المحلية في فرنسا والتي أجريت أمس، في لقائها الأحد الماضي لإذاعة “أر تي أل” الفرنسية، أنها في غاية السعادة والفخر بنتيجة الانتخابات قائلة: “هذه النتيجة التي أظهرت نجاح الحزب تعد بمثابة قوة دفع إلى الأمام لصالح الجبهة الوطنية، بشكل لا يصدق”. وأضافت “ السر وراء الفوز الكبير أمس هو أن الجبهة الوطنية حركة منظمة ولها أهداف يعرفها الجميع، واستطعنا كسب الثقة بالمنطق وليس بالزيف، ومستمرون في زيادة ثقة الفرنسيين بنا”. ووفقاً لإذاعة “أر تي ال” الفرنسية، أن المرشحة التي فازت ب%42.64 من أصوات مدينة نور با دي كاليه، أشارت بفخرها الشديد لتحقيق هذه النسبة، قائلة “ منهجية الحزب وما يهدف إليه كفيل لإقناع أعداد كبيرة أخرى، حيث أن هذا التقدم حدث مع المحاولات المستمرة في عرقلتنا”. وقالت الإذاعة الفرنسية، أن الأرقام الكبيرة التي حققتها الجبهة الوطنية أمس، تشير إلى تغلبها على سجلاتها السابقة التي حققتها فى الانتخابات الماضية في أوروبا، كما يعكس أيضاً نجاح الحزب رضاء الشعب الفرنسي عنهم، وشعورهم بالراحة لإدارته الموقف”.