باتت جنح الضرب والجرح العمدي إلى جانب السب والشتم، من أبرز القضايا المطروحة على مستوى محاكم عنابة رغم اختلاف أطرافها ،أسبابها والغاية من ورائها، غير انها تصب في اتجاه واحد .. من المعروف عن المحاكم أنها تعالج قضايا مهمة وجدية للغاية تتطلب تركيز النيابة لاستيعاب وقائع وخبايا الملف المطروح على طاولتها وعادة ما تكون مرتبطة بالحيازة والمتاجرة بالمخدرات النصب والاحتيال ،السرقة ،استهداف المنازل والمحلات ، الاستيلاء على المركبات ، وكذا القضايا السرية المتعلقة بالأفعال المخلة بالحياء ، الاعتداء على القصر دون سن السادسة عشر والتي تمس العرض ...غير ان محاكمنا اليوم أصبحت مسرحا لأتفه وأبسط القضايا ، حيث اضحت دعاوى الضرب والجرح العمدي الى جانب السب والشتم تتربع على عرشها ، كل ذلك في ظل التزايد غير المسبوق لجرائم الاعتداء بالأسلحة البيضاء وغياب لغة الحوار ،والتي جعلت من العنف والقوة السبيل الوحيد للتواصل بين الكثير من الأشخاص ،حيث عادة ما يدخل الافراد في ملاسنات تنتهي بإشهار الأسلحة البيضاء المحظورة من خناجر وسيوف بمختلف أحجامها وأنواعها ومنه توجيه طعنات قاتلة للخصوم ،يأتي هذا في وقت ينصب فيه اخرون أنفسهم قصاصين دون ضوابط قانونية لاسترداد حقوقهم أو ثأرهم وإطفاء شعلة غضبهم ما يسفر في كل مرة عن إصابة أعداد متفاوتة في صفوف المتشاجرين ، على اثرها ينقلون إلى مصلحة الاستعجالات بالمستشفيات لتلقي الإسعافات ومنه إلى مصلحة الطب الشرعي لإجراء الفحوصات اللازمة وتسلم الشهادات التي تحدد العجز الطبي لرفعها إلى الجهات الأمنية لإثبات الوقائع ومنه متابعة المعتدين ، باعتبار أن الجرائم المرتكبة في حق الأشخاص تشترط لقيامها وجود شهادة طبية محررة من طرف الطبيب الشرعي لأن الشهادة المقدمة من قبل الطبيب الخاص لا يعتد بها من الناحية القانونية..وفي هذا السياق يمكن الاشارة الى ان التقرير الاخير المنجز من قبل القائمين على مصلحة الطب الشرعي بمستشفى ابن رشد الجامعي بعنابة ،كشف عن تسليم ما لا يقل عن الف شهادة طبية لجرحى توافدوا على المصلحة خلال شهر رمضان ويومي عيد الفطر المبارك اثر اصابتهم بجروح متفاوتة الخطورة في اشتباكات دامية بين الشباب بواسطة الأسلحة البيضاء المحظورة من سيوف وخناجر وعصي ،والذين تعرضوا لاعتداءات بليغة ...