يؤكد أساتذة جامعيون أن الحملة الانتخابية لمحليات 29 نوفمبر يكتسيها فتور كبير بسبب “لامبالاة" المواطنين بها إذ لم تعد لهم الثقة في الكثير من المترشحين “لقلة كفاءتهم" و«إ فتقارهم" لبرامج قادرة على إحداث التنمية على المستوى المحلي. دخلت الحملة الانتخابية لمحليات 29 نوفمبر أسبوعها الثاني، على مشهد يحيل على وصف بأنها “أضعف” حملة انتخابية منذ التعددية، وإن لم يقر بذلك قادة الأحزاب في خرجاتهم، إلا ان الواقع لا يشير إلى إقبال الجزائريين على موعد بحجم الانتخابات. و في هذا الصدد يوضح الاستاذ محمد برقوق أن الاحزاب السياسية واجهت” صعوبات” في إيجاد مترشحين لديهم “الكفاءة والقدرة” في تسيير الشؤون المحلية مما أدى بالمواطنين الى عدم إيلاء الاهتمام الذي تستحقه الحملة الانتخابية الخاصة بهذا الاستحقاق الوطني. ويرجع المتحدث “الفتور الكبير”الذي أعترى الحملة منذ إنطلاقها الى “تكرار الافكار و تقديم وعود غير واقعية” التي سئم منها المواطن لاسيما وأن هناك مترشحين سبق لهم ممارسة عهدة في مجالس منتخبة “لم يؤدوا واجبهم ازاء مواطني بلدياتهم” بل بعضهم “محل متابعة قضائية”. فهذه العوامل حسب الاستاذ هي التي دفعت بالمواطن الى “سحب ثقته” من بعض المترشحين على إختلاف إنتماءاتهم الحزبية مشيرا في ذات الوقت الى ان هؤلاء ليس “بمقدورهم وضع خيارات تنموية “ لتقديمها للناخب من حيث كيفية تحريك عجلة التنمية على المستوى الاقليمي. اسبوعان من اليأس وقرابة أسبوعين من مسار حملة، دخلتها “يائسة”، تحاول الأحزاب الرفع من الحركية الانتخابية، في مساعي للملمة ما تبقى من امل في التغيير على المستوى المحلي وما يتصل بالحياة اليومية لمواطنين، كادوا يفتقدون هذه المرة، حتى لطلات مترشحين، اكتفوا بإلصاق صورهم على الجدران وفي الدكاكين ، بينما تبقى اغلب الفضاءات المخصصة لإلصاق اللافتات الانتخابية فارغة، في “تجاوز” تكرر وروده على مكتب لجنة مراقبة الانتخابات وهيأة لجنة الإشراف القضائي، التي بدا انه صعب عليها التحكم في تصرفات مترشحين ومن وراءهم شباب غير قابل للسيطرة ، فامتلأت المحلات التجارية ودكاكين المواد الغذائية ومحلات الأكل الخفيف بما في ذلك محلات “الكرانطيطة و البيتزا “ بصور طالبي منصب “المير” في باب الواد بالعاصمة مثلا، وتكرر المشهد في بلديات ولايات وسط البلاد، في ظاهرة “تجارة المواسم” فمن كان “صانعا للزلابية” في رمضان تحول إلى “موال كباش” قبيل عيد الأضحى، ليصبح قبيل المحليات “مناول” مترشحين، في صفقة إلصاق الملصقات.ولتجاوز مثل هذه العوائق التي جعلت المواطن ينفر من كل من يحاول السعي لتمثيله في المجالس المنتخبة أوضح الاستاذ برقوق أنه ينبغي على الاحزاب السياسية أن تقوم بدورتعبوي لاعادة تكوين مناضليها بما فيهم الراغبون في الترشح من خلال وضع بدائل لترسيخ “الثقافة السياسية”. ويتطلب العمل أيضا ضرورة تطوير آليات الشفافية داخل المجالس الشعبية البلدية خاصة أثناء اجتماعات المداولات لتعقد في جلسات علنية تحت مراقبة المواطنين القاطنين بنفس البلدية . كما ينبغي حسبه تحديث ثقافة المجتمع المدني وجعله شريكا اساسيا في تسيير شؤون الحكم المحلي. ومن جانبه يعتبر الاستاذ عبد العالي رزاقي (جامعي) الحملة الانتخابية “فاشلة” لان المواطن “لم تعد لديه الثقة” في أي شخص لانه يدرك بأن أغلب المترشحين هدفهم الوحيد البحث عن “الامتيازات لتحسين أوضاعهم الخاصة “على حساب التكفل الحقيقي بمتطلبات المواطنين.غياب..ويسجل المتحدث في هذا السياق الغياب التام لصور الاشخاص المنخرطين في الاحزاب المشاركة في الانتخابات المحلية على اللوحات الاشهارية الخاصة بالحملة بإستثناء صور كبار التجار. وبشأن المتابعات القضائية التي تلاحق بعض المنتخبين فيرجعها الاستاذ رزاقي الى” تزويد البلديات بالمال العام كلما أفلست دون أن تكون هناك مراقبة مشددةعلى الكيفية التي يتم بها صرف هذه الاموال”. وعن الوسيلة التي تمكن من القضاء على مثل هذه السلوكات التي أحطت من سمعة كل يسعى للترشح في الانتخابات لدى الرأي العام يرى ذات الاستاذ أنه ينبغي “رفع درجة العقوبة” الى خمس سنوات سجنا على أبسط قضية اختلاس و«إجبار كل منتخب على تقديم تصريح شرفي عن ممتلكاته قبل مباشرة العهدة وبعد إنتهائها”. وتشهد الملصقات الانتخابية، فضائح الكذب العلني يكشف عنه الأصدقاء أو الأقارب عن مترشح قدم تصريحا كاذبا، في سعي إلى الرفع من قيمته في ملصقة انتخابية، أورد فيها انه “جامعي” بينما لا يتعدى مستوى تعليمه “المتوسط”، وهي ظاهرة، تكررت في العديد من البلديات، وتوزعت على مختلف الأحزاب وليس حزبا بعينه، بينما من عرف انه طالب في كلية الحقوق ببن عكنون، منحته الملصقة الانتخابية وظيفة “محامي”، في ظاهرة قديمة بعض الشئ، أما الجديد فيها، أنها صارت عادية جدا في زمن أحزاب وحزيبات لا يهم ممثليها، مبدا المستوى التعليمي بقدر ما يهمهم ملأ القوائم لكنهم يمتثلون لروح الدستور الذي يجعل من كل الجزائريين سواسية.الحاجة إلى الكفاءةويوضح الأستاذ أحمد عظيمي (جامعي) بأن الفتورالذي تشهده الحملة الخاصة بالمحليات سببه الطبقة السياسية التي وصفها بأنها “غير قادرة”على وضع برامج طموحة لتسريع عملية النهوض بقدرات التنمية المحلية وتلبية انشغالات المواطنين في العيش الكريم. ويضيف أن المجالس المحلية اليوم في حاجة ماسة الى”أشخاص أكفاء وقادرين على تسيرها” بما يخدم المصلحة العامة و«ليس الى الذين أشتروا المناصب الاولى في القوائم الانتخابية” ويشير الى أن ملامح تطور أي مجتمع تبدأ من الجماعات المحلية التي تعد “الركيزة الاساسية في بناء دولة حديثة”. وفي هذا السياق يتساءل الاستاذ عظيمي عن الفائدة من الصلاحيات التي منحت لرئيس البلدية إذا ما كان رئيس البلدية “غير كفء” مطالبا بضرورة إخضاع أعضاء المجالس المنتخبة لدورات تكوينية وتشديد المراقبة على كيفية صرف المال العام . غير أن هذه الصلاحيات من دون شك يضيف المتحدث “ستمكن رئيس البلدية الكفء من استغلال قدراته الابداعية لتحريك عجلة التنمية المحلية”.