تحولت شوارع و جسور قسنطينة إلى مراحيض عمومية شوهت جمال المدينة ، و باتت تهدد الوضع الإيكولوجي و البيئي و الصحي لهذه الولاية التي تعرف كثافة سكانية عالية ، في ظل غياب العمل التوعوي والتحسيسي للجمعيات البيئية التي اقتصر دورها في محاربةالأكياس البلاستيكية. لقد انتشرت ظاهرة التبول في الشارع في مدينة قسنطينة بشكل كبير ومخجل للغاية و أصبحت شوارع قسنطينة وجسورها وكذا مساحاتها الخضراء الفضاء الذي يفضل فيه البعض قضاء حاجاتهم الطبيعية ، وأصبحت هذه الظاهرة تشكل كارثة إيكولوجية تهدد المحيط البيئي للمدينة، و تضع المواطن القسنطيني في مواقف محرجة لا يجد خلالها طريقة يغض بها بصره وهو يرى رجال وشباب تجردوا من ثوب الحياء في أوضاع مخجلة تحت الجسورو الأعمدة الكهربائية وحتى عند جذوع الأشجار أمام مرأى الجميع بما في ذلك الأمن العمومي دون ضابط أخلاقي أو قانوني، وربما يمكننا أن نعتبر سلوكات هذه الأشخاص وصلت حد الحيوانية إذا ما علمنا أن بعض الحيوان يختار مكانا خفيا لقضاء حاجته الطبيعية بعيدا عن الأنظار. الأسباب التي أدت إلى تفشي هذه الظاهرة عديدة ومتعددة منها غياب العدد الكافي للمراحيض العمومية بولاية قسنطينة و غياب قانون خاص يردع هؤلاء من أجل الحفاظ على صحة المواطن وجمال المدينة، فولاية قسنطينة التي تجاوز عدد سكانها المليون فضلا عن الكم الهائل من الزوار الذين يدخلوها يوميا تعيش أزمة فيما يتعلق " بالمراحيض العمومية" خاصة على مستوى بلدياتها الكبيرة كالخروب و قسنطينة، فعلى مستوى مدينة الخروب مثلا لا يوجد سوى مرحاض واحد وهو ذلك المتواجد بحي 1039 مسكن وهو المحاذي للمحكمة إلا أنه "مغلق" منذ سنوات، أما ببلدية قسنطينة فيوجد أربعة مراحيض موزعة عبر الأماكن التالية: شارع العربي بن مهيدي، شارع عبان رمضان الجهة العليا مقابل مقر الدرك الوطني، وآخر بمدخل جسر باب القنطرة، ومرحاض بوسط المدينة داخل دنيا الطرائف. وما تجدر الإشارة إليه أن هذه المراحيض الثلاثة الأولى يتجنب المواطنين استعمالها حتى الرجال بسبب وجودها في أماكن معزولة تجعل المقبل عليها يتراجع عن دخولها خوفا من الاعتداءات سواء كانت جسدية أو جنسية، ما عدا المرحاض الموجود بدنيا الطرائف وسط المدينة والذي يشهد إقبالا كبيرا من قبل المواطنين الر جال و النساء على حد سواء، سيما وأنه يتوسط المدينة، ويسعى القائمين عليه وهم إطارات جامعية على تهيئته وتوفير كل الضروريات من ( الماء، الصابون، مكيف هوائي وتزيين المكان بباقات من الورد والنباتات)، وأصبح يعرف بمرحاض "العائلات"، إلا أنه ومع المشاريع الفندقية التي انطلقت أشغالها بوسط المدينة أصدرت السلطات المحلية قرار يقضي بهدم دنيا الطرائف بما فيها المرحاض. انعدام هذه المرافق جعل المواطن يختار أي مكان ليقضي فيه حاجته الطبيعية، تحت الأشجار، تحت الجسور وحتى على حافة المحاصيل الزراعية في الطرق السريعة، وتحولت هذه المناطق إلى مراحيض عمومية دون أن تفكر السلطات المحلية في إيجاد الحلول للقضاء على الظاهرة التي أصحت تشكل كارثة إيكولوجية تهدد المحيط البيئي للمدينة وجمالها وتؤثر على صحة المواطن. ومن المناطق التي تنتشر فيها هذه الظاهرة اللاأخلاقية الجسر المطل على حي حسان بوجنانة، جسر سيدي راشد، و قد شهدت هذه المنطقة الكثير من مثل هذه التصرفات سيما وأنها تستقبل يوميا العديد من تجار "الشيفون" والأواني القديمة وقطع غيار المواد الكهرومنزلية ( ساعات، راديو، تلفزيون وما إلى ذلك) وكانت فضاء لتجول الشواذ والمنحرفين ومتعاطي الكحول و المخدرات فعرفت العديد من السرقات والاعتداءات شوهت بذلك صورة المدينة خاصة عند مرور السياح عبر جسر سيدي راشد ويرون الوضع الكارثي الذي وصلت إليه الولاية، لكن السلطات المحلية لم تفكر في أي مرة من القيام بمبادرة لتطهير هذه المنطقة، كما نجد هذه الظاهرة منتشرة عبر الطريق السريع الرابط بين قسنطينةوالخروب حيث جعل سائقي السيارات من حافتي الطريق فضاء لقضاء حاجاتهم الطبيعية، مما أدى إلى انتشار الروائح الكريهة التي يستنشقها المواطن عند المرور بهذه المناطق أو الجسور خاصة بمنطقة الكورنيش باتجاه المستشفى الجامعي ابن باديس، والكهوف ومنه الكهف المؤدي إلى كلية العلوم الطبية ( الشالي)، الغريب في الأمر أن مثل هذه السلوكات تحدث أمام مرأى الجميع خاصة إذا علمنا أن مادة البول تحمل مواد سامة و ميكروبات ولنتصور الكميات التي تستقبلها الأشجار من هذه المادة السامة ومدى تأثيره على الغطاء النباتي، خاصة و الدراسات الطبية تؤكد أن الفحص المجهري للبول قد يظهر بعض الكائنات الدقيقة التي تصيب المسالك البولية مثل بويضات البلهارسيا في حالة الإصابة بالبلهارسيا، دون أن ننسى ظاهرة البصاق على الأرض، وقد سبق وأن أصدرت إحدى الدول الآسيوية قانونا خاصا يعاقب كل من يبصق على الأرض بدفعه غرامة مالية قدرها 05 أورو، كما أصدرت مدينة كولونيا في ألمانيا قرارا يقضي بدفع غرامة كبيرة لمن يتبول علانية، وذلك لمنع تكرار الفوضى في المدينة، ماعدا في الجزائر فلم تصدر قوانين ردعية لمعاقبة كل من يتبول علانية أمام الخلق ويلحق الضرر بالبيئة، وهنا يدخل دور الجمعيات البيئية في تحسيس المواطن بخطورة الوضع من كل جوانبه الأخلاقية، الصحية والبيئية، وذلك بتنظيم أيام دراسية تحسيسية حول ظاهرة التبول في الشارع ولا يقتصر نشاطها حول الأكياس البلاستيكية أو غرس الأشجار، والسؤال الذي يطرح نفسه ماذا يعني غرس شجرة إذا تحولت الى مرحاض عمومي و هنا نشير إلى أن العديد من المرضى لا يجدون مكانا لقضاء حاجاتهم الطبيعية عندما تجبرهم الظروف خاصة مرضى المسالك البولية أو الذين يصابون بالإسهال، وهذا يتطلب من السلطات المحلية وعلى رأسها والي قسنطينة في اتخاذ الإجراءات اللازمة لوضع حدا نهائيا لهذه الظواهر الشاذة وتكسير هذا الطابو، وهنا يكمن دور المساجد أيضا في توعية المواطن و تلقينه السلوك الحسن.