أكد الأستاذ مخلوف عزيب أن خمسين سنة من الاستقلال سمحت بمضاعفة الوفرة الغذائية ب7.5 مرات نتيجة مضاعفة الانتاج الفلاحي ب4.5 مرات عما كانت عليه في 1962، مشيرا إلى أن التنمية الفلاحية التي شرعت فيها الجزائر منذ الاستقلال مرت عبر مراحل أساسية بدءا من الثورة الزراعية، إصلاح اقتصاد الدولة، المخطط الوطني للتنمية الفلاحية والتجديد الفلاحي والريفي، حيث اعتبر أن التطور في قطاع الفلاحة يعود إلى تنفيذ برامج التنمية، التأطير والتسيير. أوضح الأستاذ عزيب في محاضرته التي ألقاها خلال الجامعة الصيفية لحزب جبهة التحرير الوطني تحت عنوان »الفلاحة من 1962 إلى 2012« أن القطاع الفلاحي كان أكثر حساسية بعد الاستقلال باعتباره قطاع رئيسي للبلاد، الدورة البيولوجية للفلاحة والجوع والبطالة المتفشيان في الجزائر خلال تلك الفترة، مؤكدا أنه بعد الهجرة الجماعية للمستوطنين تم تسيير المزارع الفلاحية من طرف الجزائريين في شكل لجان تسيير متكونة من العمال الفلاحيين القدماء أو المجاهدين، حيث تم اعتماد هذه الممارسة من طرف الحكومة المؤقتة وتم تعميمها شهر أكتوبر على كل أراضي المعمرين. وتطرق المحاضر إلى الصعوبات التي كانت في تلك الفترة والنتائج المحققة، مشيرا إلى أنها أعطت مردودية أحسن من متوسط المردود بإنتاج 21 مليون قنطار مقابل 18 مليون متوسط إنتاج العشرية الأخيرة، حيث أكد أن الحرية المكتسبة ضمنت للجزائريين الحق في العيش بكرامة ما يستدعي بدون شك الزيادة في الاحتياجات الغذائية لشعب يعيش تحت عتبة الفقر، كما أوضح بأن النشاط الفلاحي الذي يبدأ من عمل الأرض تحت تسويق المنتوجات يتطلب الربط بين مجموعة من الوظائف وبإشراك العديد من الشركاء المتعاملين من أجل الوصول إلى إحداث تنظيم مثالي. وشدد الأستاذ عزيب على أن المهمة كانت جد صعبة ولم تكن فقط قضية استئناف النشاط الفلاحي وإنما أيضا إعادة تنشيط كل التنظيمات ومؤسسات الخدمات وغيرها من الهياكل الأساسية التي ترافق الأنشطة الفلاحية، مشيرا من جهة أخرى إلى أن الفضاء الغابي كان كله محروقا ولم يتبق سوى 3 مليون هكتار في 1962، حيث شرعت الدولة الجزائرية في معركة البناء انطلاقا من وضعية جد كارثية. واستدل المحاضر بأرقام حول وضعية القطاع في 1962، حيث كانت التغذية تحت معدل الفقر ونسبة التمدرس أقل من 10 بالمائة، كما كان متوسط دخل الجزائري 16 ألف فرنك سنويا في الوقت الذي كان 82% من الجزائريين يعيشون في المناطق الريفية، مضيفا بأن التنمية الريفية مرت حسب الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لأربع مراحل رئيسية، ويتعلق الأمر بالثورة الزراعية التي امتدت من 1962 إلى 1979، ثم إصلاح إقتصاد الدولة ما بين 1979 و1999، ثم المخطط الوطني للتنمية الريفية ما بين سنتي 2000 و2008 لتأتي المرحلة الرابعة والمتمثلة في التجديد الفلاحي والريفي التي شرع في تطبيقها سنة 2008. كما تحدث المحاضر عن أهم الإجراءات التي تم اتخاذها لتطوير القطاع الفلاحي بالجزائر بداية من إنشاء مؤسسات التأمين والتمويل عن طريق منح القروض وتغطية الاستثمارات بتأمينات لائقة، كما تم أيضا وضع تعاونيات الخدمات تعمل على إعادة تنشيط وإنشاء تعاونيات جديدة استجابة للعودة الاقتصادية للقطاع، حيث تم استحداث 1091 تعاونية فلاحية، مؤكدا أنه بعد 50 سنة من الاستقلال تمت مضاعفة الوفرة الغذائية ب7.5 مرات نتيجة لمضاعفة الانتاج الفلاحي ب4.5 مرات عما كانت عليه سنة 1962، مشيرا إلى أنه رغم الانفجار الديمغرافي فإن ما تم إنجازه من جهود في مجالات التأطير والتسيير واكتساب الخبرة هو أهم.