يستعد حزب جبهة التغيير الذي يقوده عبد المجيد مناصرة إلى إعلان مقاطعته للانتخابات المحلية المقررة يوم 29 نوفمبر حسب ما أعلن عنه المكلف بالاتصال لموقع»كل شئ عن الجزائر«، وبهذا تكون جبهة التغيير ثاني حزب بعد العدالة والتنمية تقاطع الاستحقاقات المقبلة. تتقاسم جبهتا التغيير والتنمية جملة من المبررات المعلنة والتي تعتبرها قيادتا الجبهتين كفيلة بمقاطعة الانتخابات المحلية المقررة في 29 نوفمبر القادم، ولعل أبرز هذه المبررات حسبهما »غياب إرادة حقيقية لإجراء انتخابات شفافة وديمقراطية، وعدم توفر الشروط الملائمة للمنافسة النزيهة« مثلما يقولون. وهنا يتساءل المراقبون عن معايير البيئة الملائمة وفق رؤية الجبهتين، خاصة وأن الضمانات التي قدمت في قانون الانتخابات الجديد رحبت بها جل الأحزاب السياسية، سواء ما تعلق بالإشراف القضائي أو تسليم محاضر الفرز على مستوى البلديات والسماح للملاحظين الدوليين بمراقبة العملية الانتخابية وسيرها، علاوة على إسناد مهمة المراقبة للجنة مستقلة تتكون من الأحزاب السياسية المشاركة وتتولى رئاستها بعيدا عن أي تدخل من السلطة. وهو ما يعني أن الضمانات المقدمة وان لم تكن كافية وتلبي رغبات الجبهتين إلا أنها كفيلة بضمان منافسة عادلة بين الأحزاب وفق الإجراءات المنصوص عليها في قانون الانتخابات. في هذا الإطار يقول مراقبون للمشهد السياسي أن كل من رئيس جبهة العدالة والتنمية عبد الله جاب الله وعبد المجيد مناصرة الذين صدمتهما نتائج الانتخابات التشريعية للعاشر من ماي الماضي، فبعد التصريحات المتفائلة بنصر مبين قبيل الانتخابات تفاجأ الرجلان بهزيمة نكراء بعيدة عن كل التوقعات بعدما احتلا ذيل الترتيب في قائمة النتائج المعلنة من قبل المجلس الدستوري، وهو ما عبرا عنه في موقفين منفصلين رافضين نتائج الانتخابات، وقد سارعا كل من جاب الله ومناصرة إلى الانضمام إلى الجبهة السياسية لحماية الديمقراطية التي تشكلت من 16 حزبا سياسيا خسر في الانتخابات، إلا أن صدمتهما كانت أكبر لما وقفا على حقيقة مرة، وهي أن المعارضة لم تصل بعد إلى مستوى التأثير العملي والميداني في الحقل السياسي وتطوراته الدراماتيكية، إذ كانت جل الأحزاب المنضوية تحت لواء الجبهة السياسية مجرد عناوين أو هي بالأحرى مجرد مشاريع لم تكتمل بعد، أما من كان منها جاهزا تنظيميا فقد دخل في أزمة حادة جراء انقلاب نوابه أو إطاراته وتمردهم على قرارات الحزب ومواقفه من الانتخابات أو المشاركة من عدمها في السلطة. إلا أن هذه المعطيات تبقى ناقصة ما لم يتم المرور على القدرة التعبوية لكل من الحركتين، إذ يسجل المراقبون تراجع القواعد الهيكلية للتيار الإسلامي عموما والجبهتين خصوصا بالنظر إلى الأزمات والانقسامات التي عرفتها الأحزاب الإسلامية وبروز العديد من الأحزاب التي تنهل من وعاء التيار الإسلامي وتتقاسم بل وتتنافس على نفس الوعاء الانتخابي، كما أن التحولات التي طرأت على ذهنية المناضل الاسلاماوي جعلت الجبهتين تفقدان القدرة على التعبئة والتجنيد مثلما أبرزته معطيات الانتخابات التشريعية. ووفق هذه الرؤية التي زادت توضيحها أكثر الأزمة الأخيرة التي تعيشها حركة مجتمع السلم وبروز حزب الوزير عمار غول، ودخول التكتل الأخضر في مسار غامض، يبقى موقف كل من مناصرة وجاب الله مجرد موقف تكتيكي لا يرقى إلى مستوى التأثير العملي على مصداقية الانتخابات، فقائمة الأحزاب المشاركة إلى حد الآن تتجاوز الخمسين حزبا، لكن يمكن للجبهتين تسجيل موقف سياسي وإعلامي لا أكثر ولا أقل حسب مراقبين.