رغم مرور ما يقارب الشهرين على الدخول المدرسي، إلا أن بعض المؤسسات التربوية بمختلف أطوارها لم تعرف بعد طريقها إلى الإستقرار، بسبب الكثير من المشاكل التي تتخبط فيها، منها مشكل الاكتظاظ، ناهيك عن النقص المسجل في أساتذة المواد العلمية، مما اضطر الأولياء إلى الاستنجاد بالدروس الخصوصية حتى لا تضيع السنة الدراسية على أبناءهم. المتأمل في أحوال التلاميذ، والمتتبع لما يحدث بالعديد من المؤسسات التربوية عندنا لا يملك سوى الضرب كف على كف، لما آلت إليه وضعية التعليم عندنا، فلم يعد الأمر يتعلق، بحرمان التلاميذ من الوجبة المدرسية، والتدفئة في أيام البرودة، أو حتى نقص الإمكانيات. وقد لوحظ حقا وجود تناقضات صارخة بين ما يردده في كل سنة المسؤولين على القطاع، خاصة فيما يتعلق بفتح هياكل جديدة وملحقات وتوسيع المؤسسات التربوية ببناء أقسام جديدة ، وتوفير جميع وسائل العمل وتزويد هذه المؤسسات التعليمية بأجهزة الإعلام الآلي وبين الواقع الحقيقي لهذه المؤسسات التربوية التي يفتقد بعضها إلى أدنى شروط العمل. وإذا كان هذا حال مدارس العاصمة فكيف هو الأمر بالنسبة للمؤسسات التربوية المتواجدة بالمناطق النائية ؟؟ هذه بعض انطباعات أولياء التلاميذ الذين كشفوا لنا عن انشغالاتهم عن ظروف تمدرس أبناءهم، الأمر الذي يرون أنه سيؤثر لا محالة في تحصيلهم الدراسي . نقص أساتذة بعض المواد الأساسية على غرار الرياضيات، مشكل يطرح نفسه بقوة هذه السنة، حيث لا يزال تلاميذ بعض ثانويات العاصمة دون أساتذة، على غرار ثانوية العاشور بغرب العاصمة وزعموم بالجزائر الوسطى، رغم مرور ما يقارب الشهرين على انطلاق السنة الدراسية ..هذه الوضعية حتمت على الأولياء الاستنجاد بالدروس الخصوصية، التي أصبحت أمرا محتوما وأكثر من ضرورة، يكثر الإقبال عليها خلال هذه السنة الدراسية، ليس لمساعدة التلاميذ على الفهم والتحصيل الجيد، بل لاستدراك ما فاتهم من دروس حتى لا تضيع عليهم السنة الدراسية. وحسب بعض أولياء التلاميذ الذين تحدثنا إليهم في الموضوع فإن الدروس الخصوصية أصبحت أكثر من ضرورة، بعد أن استنزفوا كل الطرق والحلول، حيث أن مدراء هذه الثانويات لا يكلفون أنفسهم حتى عناء استقبال الأولياء وشرح الوضع، ما بالك بالبحث عن الحلول الممكنة لتفادي تضييع السنة أمام التلاميذ يضيف هؤلاء. نقص أساتذة المواد الأساسية وكذا مشكل الاكتظاظ في الأقسام الذي يحول دون التحصيل الجيد للكثير من التلاميذ ، جعلا من سوق الدروس الخصوصية هذه الأيام بمختلف أطوارها تنتعشا وحتى وان أصبحت خلال السنوات الأخيرة تقدم على مدار السنة فإنها تعرف رواجا كبيرا خلال هذه السنة أكثر. ويقدم هذه الدروس غالبا نفس أساتذة التلاميذ في المؤسسة التعليمية، ولم تعد مقتصرة على من يحضرون الامتحانات الهامة لكن أصبحت تشمل كل السنوات التعليمية الأخرى. وأصبح العديد من الأولياء مرغمين على تخصيص ميزانية خاصة، لأبنائهم لأخذ الدروس الخصوصية والتي تضاف إلى المصاريف اليومية وهذا بهدف نجاح الأبناء لا غير، فكما أكد عليه المواطن (شريف.ش) "أخصص كل شهر ما يعادل 6000 دج من أجل دروس أبنائي الثلاثة، أعرف أن هذا كثير لكن عندما تعود بالفائدة عليهم فهذا لا يهم، بقدر ما يهمني نجاح أبنائي في الدراسة". تقول (نادية.ب) أم لخمسة أطفال: »لدي بنت في الطور المتوسط السنة الثانية وإبن في الثانوية السنة الثانية أيضا، وكلاهما يتلقيان دروسا تدعيمية في مختلف المواد، بالنسبة لي هي أفضل طريقة حتى يتمكنوا من الحصول على نتائج أحسن«، ولما استفسرنا هذه السيدة لماذا تفضل هذه الطريقة أجابت: »ما يتلقاه الأبناء في المدرسة ليس كافيا، بسبب كثافة البرنامج المقرر، ودروس المدرسة تبقى نظرية فقط، ولابد من التطبيق الذي تمنحه الدروس الخصوصية«. (ن.م) أستاذة متقاعدة كانت تدرس مادة الرياضيات تقول أنها تقدم خبرتها في هذه المادة منذ سنوات من أجل التلاميذ الذين يقصدون بيتها نظرا للطريقة المميزة التي تلقن بها هذه المادة وتؤكد: "أنا متقاعدة منذ عام ونصف واعتدت على العمل وبالتالي فاستقبالي للتلاميذ داخل بيتي يجعلني دائما في نفس أجواء العمل، من جهة أخرى يسمح لي بسد حاجاتي باكتساب بعض المال". وأكدت لنا ولية تلميذ يدرس بثانوية العاشور بقسم السنة الثانية، أنها اضطرت إلى اللجوء إلى الدروس الخصوصية فيما يتعلق بمادتي الفيزياء والرياضيات، بعد أن طال انتظارها لأن توفر إدارة المؤسسة التربوية أساتذة في المادتين ، رغم أن الرياضيات والفيزياء مادتين أساسيتين بالنسبة لشعبة علوم الطبيعة والحياة، »ابني يدرس كل مادة لدى أستاذ معين مقابل مبلغ 2000 دج شهريا لكل مادة . والشيء المؤكد أن الكثير من التلاميذ وبجميع الأطوار الدراسية قرروا إتباع الدروس الخصوصية منذ بداية السنة ويعلِّل معظمهم ذلك بمرور بعض الأساتذة على شرح الدروس مرور الكرام خاصة في تلك المواد العويصة التي تتطلب الشرح المفصَّل والدقيق كمادة الرياضيات والفيزياء بالنسبة للشعب العلمية .