عاد تلاميذ المدارس إلى مقاعد الدراسة ،وطفت إلى السطح مع عودتهم ظاهرة الدروس الخصوصية ،هذه الأخيرة أصبحت حديث أولياء تلاميذ أقسام الابتدائي بعد أن أقنعوا أنفسهم "مكرهين"أنها أضحت أكثر من ضرورة خاصة بعد الانخفاض المسجل عموما في النتائج المدرسية خلال الفصل الأول من السنة الدراسية الحالية ، هذه الوضعية جعلت الأولياء يسارعون منذ بداية هذا الأسبوع إلى الاستنجاد بالمعلمين من نفس المؤسسة التربوية التي يتمدرس بها أبناءهم أو خارجها من أجل دروس الدعم غير المجانية. منذ نهاية العطلة تزايد الإقبال على الدروس الخصوصية بشكل ملفت للانتباه ، هذه الظاهرة لم تعد مجرد مبادرة عادية أو حل اضطراري يلجأ إليه بعض الأولياء "لإنقاذ" أبناءهم من الرسوب بمساعدتهم على التحصيل الجيد ، بل أصبح أمر لابد منه ولايلجأ إليه أصحاب المستوى الضعيف فقط بل حتى التلاميذ النجباء ،لدرجة أن أصبحت هذه الأخيرة في نظر معظم الأولياء أشبه ب »فرض« لايمكن تركه أو إهماله ، وحتى الأسر الفقيرة نسبيا تسعى جاهدة لتوفير لأبناءها فرص متابعة الدروس الخصوصية . والحقيقة التي لاتخفى على أحد وهي أن الدروس الخصوصية خلال الخمس سنوات الأخيرة عرفت تطورا سريعا وانتشارا واسعا وتحولت إلى " ظاهرة " تقدم على مدار السنة وبعد أن كانت تعرف رواجا أكثر باقتراب امتحانات نهاية الطور المتوسط وأكثرها الثانوي أي المقبلين على اجتياز امتحان شهادة البكالوريا ،لم تعد خلال هذه الايام من السنة الدراسية 2010-2011 مقتصرة على من يحضرون الامتحانات الهامة مثل شهادة البكالوريا لكن أصبحت تشمل حتى تلاميذ الطور الابتدائي ، ابتداء من السنة الأولى ، وبشكل اكبر اولئك المقبلين على شهادة التعليم الابتدائي. ولا يكاد يخلو أي حي من الأحياء بالعاصمة وجود معلم أوأكثر يقدم هذه الدروس الخصوصية، وتعودنا على رؤية بعض الأساتذة يحولون بيوتهم إلى مدارس صغيرة تدرس فيها مختلف المواد المقررة في البرنامج الدراسي، فحتى اللغة العربية أصبحت تعطى فيها دروس التقوية بينما كان الأمر مقتصرا في السابق على دروس مادة الرياضيات . ويقدم هذه الدروس غالبا نفس المعلمين الذين يدرسون التلاميذ في المؤسسة التعليمية، و الذين أصبحوا يستغلون أي مساحة مهما كانت ضيقة من أجل ذلك وغالبا مايتم برمجتها أمسية يوم الثلاثاء أو خلال يومين من الأسبوع ابتداء من الساعة الرابعة مساء إلى الخامسة والنصف . أصبح الكثير من الأولياء مرغمين على تخصيص ميزانية خاصة لأبنائهم لأخذ الدروس الخصوصية والتي تضاف إلى المصاريف اليومية وهذا بهدف نجاح الأبناء لاغير، هذا ما أكدته لنا إحدى الأمهات أمام مدرسة مصطفى خوجة ببن عكنون مؤكدة أنها كانت الى وقت غير بعيد ضد فكرة الدروس الخصوصية بالنسبة لتلاميذ الطور الابتدائي لكن أمام واقع ضعف المستوى الدراسي الذي أكدته نتائج الفصل الأول من السنة الدراسية الحالية ، اضطرتني الظروف إلى الاستنجاد بالدروس الخصوصية سواء بالنسبة لابني الذي يدرس بقسم الخامسة أو شقيقته التي تدرس بقسم الثانية ابتدائي . معلمة بمدرسة مصطفى خوجة ببن عكنون قالت لنا أنها لاحظت منذ نهاية العطلة أن حديث الأولياء أمام باب المدرسة لايخرج عن نطاق الدروس الخصوصية وضرورتها ، لدرجة أن بعضهم أصبحوا يلحون على المعلمين لتدريس أبناءهم حتى ولو كانوا من المعلمين المناوئين لفكرة الدروس الخصوصية . وقد حذربعض الأساتذة والبيداغوجيين المناوئين لفكرة دعم التلميذ بالدروس الخصوصية بالطريقة التي انتشرت بها حاليا، من السكوت أمام هذه الظاهرة التي استفحلت بشكل رهيب على حد تعبيرهم نظرا لما تحمله من اضرار على التلاميذعندما تكون في مرحلة مبكرة، خاصة وأنها تعودهم على الاتكال وتقتل فيهم روح المبادرة لتوظيف أفكارهم وتفجير طاقتهم. أحد أولياء التلاميذ بإحدى ابتدائيات حي السبالة بالعاشور وهو أستاذ ثانوي متقاعد ولديه حفيد يدرس بذات المؤسسة التربوية أكد أن لنا عدد المعلمين الذين يعرضون خدماتهم على تلاميذهم في تزايد مستمر فاق كل التصورات ، مضيفا أن بعض هؤلاء يتعمدون عدم إكمال الدروس داخل الأقسام ودعوة التلاميذ إلى تلقي دروس إضافية بمقابل مالي لايقل عن ال1000دج دينار شهريا بمعدل حصة واحدة فقط في الأسبوع وتساءل محدثنا عن جدوى إعطاء دروس دعم أو خصوصية لتلميذ السنة الأولى ابتدائي وهو في بداية مشواره الدراسي. واصفا ذلك بالأمر المرفوض تماما تربويا . مامن شك أن الكثير من أولياء التلاميذ يرون أن توجه أبنائهم إلى تلقي تلك الدروس يعد شيئا ايجابيا لأنه يساهم في تمكينهم من الحصول على رصيد معرفي يمكنهم من تحسين مستواهم الدراسي وضمان تحقيق نتائج خلال موعد التقويمات والفروض والاختبارات الشهرية والفصلية . والحقيقة التي لاتخفى على أحد وهي أن الدروس الخصوصية في حد ذاتها وبالنسبة لجميع الأطوار الدراسية فقدت بعض ميزاتها بعد أن أصبح الاكتظاظ السمة الأساسية لأقسام الدروس الخصوصية مما يعيد الوضع إلى نقطة الصفر، حيث أنه إذا كان إكتظاظ الأقسام بالمدارس هو أحد أهم الأسباب التي تقف وراء ضعف التحصيل المدرسي لدى الكثير من التلاميذ ، كيف يمكن أن يتحسن الوضع إذا تكرر سيناريو الاكتظاظ وربما بشكل أكبر في الدروس الخصوصية ؟ ومايثير الاستغراب أيضا هو إقدام بعض المعلمين أنفسهم على إجبار ولو بطريقة غير مباشرة تلاميذهم على الالتحاق بالدروس الخصوصية التي يفضلون تسميتها بالدروس الإضافية أو دروس الدعم . فيما وجد بعض الأولياء في الدروس الخصوصية في الطور الابتدائي الحل الأمثل الذي يبعد عنهم "تكسار الراس " ، ويخفف عنهم عناء المتابعة اليومية لتمدرس أبناءهم رغم أنها تثقل كاهلهم لكن لابأس من مسايرة " الموضة " .