أزاح قطار المشاعر أكثر من 70 ألف حافلة كانت تستخدم في نقل الحجاج بين المشاعر المقدسة ضاقت بها الطرق، ودفعت نحو 25 بالمائة من حجاج بيت الله الحرام إلى التنقل بين المشاعر مشيا على الأقدام، لتفادي المكوث ساعات طويلة في المركبات، في الوقت الذي تستغرق فيه النفرة من عرفات إلى مزدلفة مابين 6 إلى 8 ساعات، وقد تصل إلى 10 ساعات في بعض الأحوال، الأمر الذي كان يتطلب وقفة جادة لتسهيل مهمة الحجيج في أداء مناسكهم، وهو ما حدث بالفعل بعد دخول قطار المشاعر إلى العمل ، ليحدث نقلة نوعية في سير الحركة أثناء موسم الحج. كانت البداية مع النقل الترددي بالحافلات بين كل من عرفة ومزدلفة ومنى، وهو الحل الأولي الذي لجأت إليه المملكة السعودية لحل مشكلة الازدحام وتأخر وصول الحجاج إلى المشاعر »عرفة – مزدلفة – منى« ونفذت منه ثلاث مراحل، إلا أن سلبياته سرعان ما بدأت في الظهور حيث ازدحمت الشوارع وظلت الطاقة الاستيعابية للترددية محدودة، وكان من أبرز السلبيات فقدان الشوارع بكاملها، بحيث لا يمكن استخدامها من المشاة وفقا لدراسة أجرتها وزارة الشؤون البلدية والقروية بممثلة بوكيل الوزارة رئيس الإدارة المركزية للمشروعات التطويرية المهندس الدكتور حبيب بن مصطفى زين العابدين. وحسب ما نقلته صحيفة »الوطن« السعودية فإنه كان لزاما التحرك سريعا لعلاج هذه المشكلة بعد أن ثبتت صعوبة نقل نحو 3 ملايين حاج عبر الوسائل التقليدية واستخدام نحو 70 ألف حافلة ومركبة في وقت محدود للغاية، حيث لم تعد الطرقات تتسع لها، وخصوصا مع ضيق عرض الممر بين عرفات، مزدلفة، منى، وضيق الوقت المتاح للنقل ضمن الحدود الزمنية الشرعية، علاوة على كونها قضية نقل غير مسبوقة في أي من بلدان العالم، وفي أي من الأوقات. وأضافت ذات الصحيفة أنه عند هذه المرحلة، حضر »القطار السريع« ليمثل دور المنقذ في هذه الإشكالية، ليتم إجراء دراسة تبين من خلالها أن القطار المرتفع أو داخل النفق سيوفر الشوارع للمشاة والطوارئ والخدمات، بينما سيتمكن من نقل 60 إلى 80 ألف شخص في الساعة للخط الواحد مقابل 10 آلاف شخص في الساعة للخط الواحد هي قدرة الحافلات. ولم يسلم مشروع القطار من اختلاف الخبراء حول جدوى استعماله في النقل بين المشاعر وتأخر التنفيذ والدراسة الجدية، إلا أن الدراسة توصلت أخيرا إلى أن القطار المرتفع عن الأرض يعد وسيلة فعالة مرادفة أو مكملة للنقل الترددي بالحافلات، وتقرر إنشاء ثلاثة خطوط من القطارات من منى إلى عرفات ومن عرفات إلى مزدلفة ومنى، ومستقبلا إلى الحرم لحل مشكلة النقل من وإلى المشاعر، وتبين فيما بعد أن القطار السريع هو الأجدى وربما الوسيلة الوحيدة لتقابل تزايد الحجاج في المستقبل. وحقق قطار المشاعر رقما قياسيا من حيث الطاقة الاستيعابية، حيث سيتخطى القطار أعلى طاقة استيعابية معروفة في العالم، عبر نقل 72 ألف مسافر في الساعة، على أساس أربعة أشخاص في المتر الواحد، في الوقت الذي لا تزيد فيه تلك الطاقة في دولتي الصين واليابان عن 56 ألف مسافر بالساعة، كما يعمل القطار على حسن استغلال الأراضي المتاحة، ولا يسلب أي أرض من الممرات المتاحة والحرجة، نظراً لبنائه بشكل مرتفع في وسط جزيرة الشوارع المتاحة. وعلاوة على ذلك يُخفّض مترو المشاعر الحاجة لمزيد من مواقف السيارات، خاصة في ظل عدم وجود مواقف كافية في كل من منى وعرفات ومزدلفة. وبلغة الأرقام فإنه يخفض الحاجة إلى مواقف ل30 ألف حافلة صغيرة أو 10 آلاف حافلة كبيرة في يوم عرفات فقط، مما يعني الاستغناء عن المساحة المطلوبة لإيقاف هذه السيارات والمقدرة بحوالي 900 ألف متر مربع، يمكن الاستفادة منها بدلاً عن ذلك لإسكان 450 ألف حاج في مزدلفة وعرفات. وسيخفف قطار المشاعر من مشكلات التلوث التي تؤثر على صحة الحجيج، وسيؤدي استعمال القطار إلى تخفيض حوالي 30 طنا من الغازات الضارة وعلى وجه الخصوص ثاني أكسيد الكربون في أسبوع الحج، وذلك بناء على أساس سرعة الحافلات والمكيفات التي بها وتشغيل محركاتها بين آونة وأخرى، حيث تتحرك الحافلات ببطء أقل من 5 كم/ساعة بينما المترو يتحرك بسرعة 30 كم/ساعة.