»فقدنا صديق الجميع، فقدنا الضمير الحي، فقدنا الحكيم والمرجع في حلّ الأزمات، كان الضمير المتيقظ الذي لا يهادن، مواقفه قدّرها الخصوم قبل الأصدقاء...« بهذه العبارات استهل الدكتور علي بن محمد ووزير التربية الأسبق حديثه وهو يستذكر مواقف المجاهد والمناضل الفذّ الراحل عبد الحميد مهري في ذكرى وفاته الأولى. أبرز الدكتور علي بن محمد لدى نزوله ضيفا على منتدى »صوت الأحرار « خصال الراحل المجاهد والمناضل عبد الحميد مهري، مستذكرا مناقب الرجل ومواقفه الوطنية في جميع مراحل حياته قائلا »مهري كان ضمير الأمة، كان الحكيم وكان يقصده الجميع عندما تقع الأزمات«، مشيرا في سياق حديثه أنّ التاريخ سجل لمهري مواقفا كثيرة قدّرها خصومه قبل أصدقائه. وعاد الدكتور بن محمد وهو يسرد ذكرياته التي عايشها مع الراحل عبد الحميد مهري إلى سنوات خلت، حين كشف له المرحوم وثيقة كان يحوزها بخصوص طلب تقدم به الزعماء الثلاثة لأول حكومة جزائرية مؤقتة »كريم بلقاسم، بوصوف وبن طوبال« خلال ثورة التحرير الكبرى لتقديم مشروع حول التعليم الحكومي، ولمّا أتمها، لم يضف إليها من قبل زعماء الحكومة المؤقتة سوى اسم عبد الحميد مهري، معتبرا أنه كان »مرجعا فكريا بكل المقاييس«. وأردف وزير التربية الأسبق والصديق الحميم للراحل مهري وهو يخوض في سيرته التي حملت في طياتها الكثير من المواقف الوطنية والأفكار السياسية النيرة أنه كان ضمير الأمة الحي وكان حارسا أمينا لهذا الضمير، فكان في آخر سنوات حياته التي كرسها خدمة للبلاد والعباد، يكتب لرئيس الجمهورية وينشر في الصحف كلما اقتضت الضرورة وكلّما كان الموقف أو الوضع يقتضي منه أن يدلي برأيه فيه، ليشير علي بن محمد الذي تطرق لنبذة من حياة الراحل أنه »مثّل الضمير الحيّ للأمة« منذ بداياته الأولى مناضلا بالحركة الوطنية ومرورا بتزعمه حزب جبهة التحرير الوطني وإلى غاية وفاته. وأشار ضيف تحرير »صوت الأحرار« أن المجاهد الراحل مهري عرف بالصلابة في مواقفه، إلا انه كان يسمع للرأي الأخر ولم يعرف عنه لا شتيمة ولا تجريحا في الآخرين فكان يرد على منتقديه وخصومه بكلمات تتسم بالحكمة وببعد نظر، مضيفا أن فكره كان يحمل أسلوبا مشوقا وهو ما تجلى خلال قيادته لحزب جبهة التحرير الوطني في عز الأزمة الأمنية التي عاشتها الجزائر في تسعينيات القرن الماضي، حيث كان يسمع للجميع وباختصار كان ضميرا متيقظا لايهادن، »يحاور ويقنع«، في صورة رسمت المعاني السامية للديمقراطية.