هل من المنطق أن يصل هوس بعض الأشقاء في تونس حد الخوف على مستقبل ثورتهم من الجزائر، وهل من المنطق أن ينجر بعض الأشقاء التونسيين نحو أطروحات يشتم منها رائحة التآمر على الجزائر من بعض القوى الإقليمية والعربية التي تريد من تونس أن تلعب دورا مشبوها تحضيرا ربما لجر الجزائر مستقبلا إلى مستنقع ما يسمى ب »الربيع العربي«. لقد وجد سفير الجزائربتونس عبد القادر حجار نفسه مجبرا في الحوار الذي خص به إحدى اليوميات عندنا للرد على بعض وجوه المعارضة في تونس التي حاولت توريط الجزائر في الشأن الداخلي لتونس وتحدثت، على خلفية الحلول المقترحة لإنهاء حالة الاحتقان في تونس، عن تدخل جزائري في القرار التونسي السيد، وبطبيعة الحال فإن هذه الاتهامات لم تكن مؤسسة، ولم تستند على أي شيء سوى على لقاءات جمعت مسؤولين تونسيين بسفير الجزائر، وكأن بعض القوى داخل تونس، وأغلبها في دول الجوار وعند بعض أعراب الخليج، لم تصدق أن تأتيها الفرصة هكذا ودون سابق إنذار لتنهال على الجزائر وتحاول توريطها في قيادة ثورة مضادة لثورة الياسمين. لقد سبق لزعيم حركة النهضة راشد الغنوشي أن صرح قائلا: » إننا ننتظر ما ينتظره الأخ من أخيه (...)، ننتظر دعماً أمنياً واقتصادياً وإعلامياً من الجزائر«، ولم تنتظر الجزائر بأن يطلب الغنوشي هذا الدعم بل قدمته للتونسيين أثناء ثورتهم التي لم تتدخل فيها وتركت التونسيين يعالجون مشاكلهم بأنفسهم ويسطرون مصيرهم ويقودون بأنفسهم ثورة التحرر من الاستبداد والتجبر، ولن ينسى الغنوشي بطبيعة الحال الجزائر التي كانت ملاذه أيام بطش وتنكيل الهارب بن علي، ولو لجأ الغنوشي إلى بعض الأعراب الذين يزايدون على غيرهم اليوم بالثورات الديمقراطية التي لا يفقهون أبجدياتها، لرد على وجهه فيسلم لجلاديه ليفعلوا به ما يشاؤون. الذين يحاولون اليوم الإيقاعÅ بين الجزائروتونس لم يتقبلوا أن يثور الأشقاء في تونس ضد بن علي، وتنجح ثورتهم ضد الاستبداد، وتشق ديمقراطيتهم الفتية طريقها نحو المستقبل من دون أن يتآمروا على الجزائر باسم تصدير ما يسمى ب »الربيع العربي«، فتونس لم تقبل أن تلعب دور الغادر حتى إبان ثورتها ولم تتورط في أي سيناريو موريب ضدها، وأما إذا أراد البعض معرفة السبب الذي جعل الجزائريين يقفون بكل جوارحهمÅ مع الشعب التونسي وهو يواجه بصدور عارية جلاديه ويخوض ثورته ضد بن علي ونظامه، فما عليه إلا العودة إلى طبيعة ثورة الياسمين مقارنة ببعض »ثورات العرب الأخرى« ضد الاستبداد. لقد اعتمد التونسيون على أنفسهم وقادوا ثورة سلمية ولم يهددوا أي أحد لا أثناء ولا بعد ثورتهم، خلافا لمن قام بلعب أدوار »الكومبارس« في حرب قامت بها فرنسا والحلف الأطلسي ومولها بعض عرب الخليج، »ثورة« بدا وكأنها موجهة ضد أمن الجزائر واستقرارها، ويكفي العودة فقط إلى للاتهامات الجنونية التي وجهت للجزائر آنذاك. نعود إلى الاتهامات الموجهة من قبل البعض للجزائر، فزعيم حركة النهضة برأ الجزائر بشكل واضح من سعيها لإجهاض الثورة في تونس، وهذا تعقيبا على تصريحات له سابقة قال فيها إن دولاً عربية تسعى لإفشال ثورة الياسمين، ويبقى أن نسأل من يحاول إدخال تونس في متاهات الحرب الأهلية، وهل هناك رغبة في معاقبة تونس لرفضها أداء دور الوسيط في الفتنة التي يراد لها أن تنتقل من سوريا إلى الجزائر؟.