ضرورة التعريف بالقضية الصحراوية والمرافعة عن الحقوق المشروعة    العدوان الصهيوني على غزة : استمرار الإبادة الوحشية خصوصا في الشمال "إهانة للإنسانية وللقوانين الدولية"    مجلس الأمة: رئيس لجنة الشؤون الخارجية يستقبل وفدا عن لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بمجلس الشورى الإيراني    كرة القدم/كان-2024 للسيدات (الجزائر): "القرعة كانت مناسبة"    الكاياك/الكانوي والبارا-كانوي - البطولة العربية 2024: تتويج الجزائر باللقب العربي    المهرجان الثقافي الدولي للكتاب والأدب والشعر بورقلة: إبراز دور الوسائط الرقمية في تطوير أدب الطفل    مجلس الوزراء: رئيس الجمهورية يسدي أوامر وتوجيهات لأعضاء الحكومة الجديدة    تمتد إلى غاية 25 ديسمبر.. تسجيلات امتحاني شهادتي التعليم المتوسط والبكالوريا تنطلق هذا الثلاثاء    "رواد الأعمال الشباب، رهان الجزائر المنتصرة" محور يوم دراسي بالعاصمة    الخبير محمد الشريف ضروي : لقاء الجزائر بداية عهد جديد ضمن مسار وحراك سكان الريف    غرس 70 شجرة رمزياً في العاصمة    صهاينة باريس يتكالبون على الجزائر    مشروع القانون الجديد للسوق المالي قيد الدراسة    عرقاب يستقبل وفدا عن الشبكة البرلمانية للشباب    يرى بأن المنتخب الوطني بحاجة لأصحاب الخبرة : بيتكوفيتش يحدد مصير حاج موسى وبوعناني مع "الخضر".. !    حوادث المرور: وفاة 2894 شخصا عبر الوطن خلال التسعة اشهر الاولى من 2024    تركيب كواشف الغاز بولايتي ورقلة وتوقرت    شرطة القرارة تحسّس    رئيس الجمهورية يوقع على قانون المالية لسنة 2025    اختتام الطبعة ال14 للمهرجان الدولي للمنمنمات وفن الزخرفة : تتويج الفائزين وتكريم لجنة التحكيم وضيفة الشرف    صليحة نعيجة تعرض ديوانها الشعري أنوريكسيا    ينظم يومي 10 و11 ديسمبر.. ملتقى المدونات اللغوية الحاسوبية ورقمنة الموروث الثقافي للحفاظ على الهوية الوطنية    افتتاح الطبعة ال20 من الصالون الدولي للأشغال العمومية : إمضاء خمس مذكرات تفاهم بين شركات وهيئات ومخابر عمومية    الجزائر العاصمة : دخول نفقين حيز الخدمة ببئر مراد رايس    تبسة: افتتاح الطبعة الثالثة من الأيام السينمائية الوطنية للفيلم القصير "سيني تيفاست"    مذكرتي الاعتقال بحق مسؤولين صهيونيين: بوليفيا تدعو إلى الالتزام بقرار المحكمة الجنائية        الألعاب الإفريقية العسكرية: الجزائرتتوج بالذهبية على حساب الكاميرون 1-0    "كوب 29": التوصل إلى اتفاق بقيمة 300 مليار دولار لمواجهة تداعيات تغير المناخ    مولودية وهران تسقط في فخ التعادل    مولوجي ترافق الفرق المختصة    قرعة استثنائية للحج    المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي عائلة الفقيد    المخزن يمعن في "تجريم" مناهضي التطبيع    التعبئة الوطنية لمواجهة أبواق التاريخ الأليم لفرنسا    الجزائر مستهدفة نتيجة مواقفها الثابتة    مخطط التسيير المندمج للمناطق الساحلية بسكيكدة    حجز 4 كلغ من الكيف المعالج بزرالدة    45 مليار لتجسيد 35 مشروعا تنمويا خلال 2025    دخول وحدة إنتاج الأنابيب ببطيوة حيز الخدمة قبل نهاية 2024    دورة للتأهيل الجامعي بداية من 3 ديسمبر المقبل    الشروع في أشغال الحفر ومخطط مروري لتحويل السير    نيوكاستل الإنجليزي يصر على ضم إبراهيم مازة    إنقاذ امرأة سقطت في البحر    "السريالي المعتوه".. محاولة لتقفي العالم من منظور خرق    ملتقى "سردية الشعر الجزائري المعاصر من الحس الجمالي إلى الحس الصوفي"    السباعي الجزائري في المنعرج الأخير من التدريبات    مباراة التأكيد للبجاويين    حادث مرور خطير بأولاد عاشور    دعوى قضائية ضد كمال داود    وزارة الداخلية: إطلاق حملة وطنية تحسيسية لمرافقة عملية تثبيت كواشف أحادي أكسيد الكربون    سايحي يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    التأكيد على ضرورة تحسين الخدمات الصحية بالجنوب    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



" الجزائر الجديدة " تتغلغل في تفاصيل المشهد الجديد في تونس

تونس بين عهد بائد غير مأسوف عليه وخذلان ثورة فشلت في تحقيق تطلعات الشعب
مغارة " علي بابا " في قصر " سيدي الظريف " الرئاسي .. أو العودة للزمن الأندلسي
ليلى بن علي تتوشح ستة قناطير من الذهب والألماس وسيارات فارهة ل " الزين " والعائلة
هل نفذ الجيش انقلابا على بن علي وقطر تجنّد التونسيين للحرب في سوريا؟
قصة مدونة " الفايسبوك " التي فجرت فضيحة " الشيراتون غايت " وزعزعت عرش الغنوشي
تونس هي " الجمهورية " الوحيدة في العالم العربي بعد سوريا التي لم تعرف خلال سنوات استقلالها الا رئيسين وثالث مؤقتا، فعقود الديكتاتورية والتسلط وخنق الأنفاس وجدت فيما عرف ببوابة " الربيع العربي " المنفذ الذي تقذف منها حمم الكبت والحرمان، سيما وان البلد ليس بذلك الذي تنقصه الكوادر والكفاءات المبدعة في مختلف الميادين، ولأن التنفيس وقع في ظرف قياسي فان القذف يتم في ظرف قياسي أيضا، وعليه لا غرابة اذا صعدت الى الواجهة مختلف التيارات السياسية والفكرية والايديولوجية، فمن يسار حمة الهمامي ومية الجريبي، الى علمانية الباجي قايد السبسبي، واخوانية الغنوشي، وسلفية التحرير، يتصاعد مؤشر الجدل وينحدر نحو الفوضى، بحثا عن أجوبة لأسئلة تبقى معلقة لحد الآن لدى التونسيين والعرب عموما.
ويكون الانتعاش الذي تشهده الساحة الاعلامية والفكرية، وتحرر النشر من رقابة بن علي، القناة الرئيسية لمكسب الحرية، رغم أن نزوعا نحو الانزلاق وتصفية الحسابات يهدد ثورة " الياسمين " بالتحول الى أشواك لادغة، فالأكشاك والمكتبات تعززت بمختلف المنشورات الصحفية التي تتاسبق في فن الاستقصاء والتحري، من أجل تعرية ما تسميه ببؤر الفساد و"بارونات " النفوذ، فكل صباح تطالعك عشرات الصحف اليومية والأسبوعية، بعشرات الفضائح والملفات التي كانت في خانة المسكوت عنه في زمن بن علي، الى جانب انتعاش نشاط النشر والتأليف، حيث تصدرت كتب ما بعد الثورة واجهات دور النشر والمكتبات لتكسر كل " الطابوهات "، بعدما كانت حرام بائن على التونسيين، فظهر لأول مرة " الممنوع " من النشر، ولم تعد الجمارك التونسية وأمن الحدود عائقا في وجه أي مؤلف يستورد من الخارج، بما فيها المؤيدة للتطرف الديني والسلفية الجهادية ومختلف التيارات المحاصرة حتى في أوطانها.
تونس التي بدأت تستعيد بريقها السياسي بعد نكبة موسم العام 2011 ، حيث كشفت أرقام رسمية صدرت خلال الأيام الماضية، عن ارتفاع رواد تونس خلال الموسم المنصرم بنسبة 25 بالمائة، وبدأت معها عروس المتوسط تستعيد مكانتها تدريجيا كواجهة سياحية مفضلة لدى الكثير من سياح المنطقة والعالم. ويتجلى ذلك من خلال احتفالات رأس السنة التي استقطبت أعدادا غفيرة من السياح، سيما الجزائريين والليبيين الذين غزوا تونس بالمناسبة. ويظهر للعيان أن تيارين فكريين يتحديان بعضهما البعض ويتنازعان مستقبل تونس، ففيما أحضر الأول وائل جسار وباسكال مشعلاني.. وغيرهما لاحياء حفلات المناسبة في فنادق الحمامات وسوسة، قام الثاني بنسخ بيانات غصت بها جدران العاصمة تحرم الاحتفال بالمناسبة وتنهي عن تقليد اليهود والنصارى.
الأولوية يجب أن توجه للجزائريين والليبيين وليس ل " صعاليك " أوروبا
وظهر من حركة المطار والبوابات البرية أن للسائح الجزائري والليبي ثقل كبير في أبرز الأنشطة الاقتصادية التونسية، وان كان لهما خصوصيتهما في السلوك العام وعفويتها، فانهما يبقيان أثرى المصادر التي تدر العملة الصعبة على التونسيين، بسبب ترفهما وكرمهما في الانفاق، ولا يهمهما ان تدهورت عملتهما في السوق الموازية، كما هو الأمر للدينار الجزائري الذي انحدر الى 12000 ألف دينار مقابل 100 دينار تونسي، بعدما كان في حدود 7000 آلاف فقط. بينما يبقى السائح الأوروبي شحيحا ومكلفا في توفير الخدمات، ومصدر غير قابل ل " البقششة " فكل شيئ يتم في صفقات تفاوضية بين الوكالات السياحية، وخارج ذلك من المستحيل افتكاك دولار واحد اضافي من جيب السائح الأوروبي. ويذكر اطار ليبي ) م- ه ): " أنا أقيم في لندن وكثير التنقل بين الكثير من العواصم، أبرز ملاحظة لي أن قاصدي تونس هم طبقات جد متواضعة في بلدانهم، ولذلك لا يمكن أن تعول تونس على هؤلاء لاستقطاب العملة الصعبة، فبعشرين أورو لليوم يكلف ذلك السائح ليلة في خمسة نجوم بتكاليفها من ماء وكهرباء وخدمات ونقل ونبيذ "، ويضيف: " على تونس أن تهتم بالسائح الليبي والجزائري، لأنهما كريمان وينفقان بلا حسيب.. اعلم أنني لم أصادف في يوم ما أي من هؤلاء السياح في لندن مثلا، لأنهم فقراء ولا يستطيعون حتى زيارة عواصمهم، انهم " صعاليك " أوروبا يستغلون بشرتهم البيضاء لابتزاز السياحة التونسية ".
وان كانت حياة التونسيين قد نزعت نحو الفوضى، بسبب هلامية الفاصل بين حرية الذات وحرية الآخرين ومكبوتات عقود كاملة من الزمن، فان المرحلة الانتقالية تكاد تمسح المشهد بلمسة اللون الضبابي على الوضع العام، فبين عهد سياسي مضى غير مأسوف عليه، وبين حرية تنزع للفوضى أكثر منها للمسؤولية، تظهر تحديات تعقد الحياة اليومية، وغلاء فاحش للأسعار، وخطابات مزعجة للتيارات السياسية والفكرية التي تتنازع الشارع التونسي، يقول عسكري سابق في الجيش التونسي: " مصيبتنا ومصيبة تونس، في ليلى وفي عائلة الطرابلسية.. انا كنت في الجيش وأعرف أن بن علي في سنواته الأولى، كان مخلصا ووفيا لشعبه وبلده، لقد كان يفاجئ الجميع بزيارات غير معلنة مسبقا، فأدخل الانضباط والمسؤولية في المؤسسات والمسؤولين، لكن وبعد زواجه من " الحلاقة " وتغلغل أفراد عائلتها في محيطه تحكموا في كل شيئ، حتى في قوت التونسيين، وها نحن ندفع الثمن، الكل صار يتكلم والكل صار يحكم والكل صار يناقش مستقبل التوانسة، ربي يجيرنا ".
واليوم اذ هي تودع سنتين على ثورة " الياسمين " أو انتفاضة الفقراء ضد مظالم نظام بن علي، فان أخشى ما يخشاه التونسيون أن يكون قد " انضحك " عليهم، بالاطاحة بما هو سيئ لكن القادم لم يكن أحسن منه، وأخشى ما يخشونه أيضا هو الانزلاق في مرتع هم في غنى عنه، ولذلك قال لي زميل تونسي في المهنة ( ع- س): " أحمل وصيتي الى الاشقاء في الجزائر بأن لا ينجروا الى لعبة " الربيع " فالفصول لم تعد طبيعية والثورة هي " كذبة "، فقلت له: " اطمئن صديقي لنا من التجربة ما يغنينا عن الوقوع مجددا فأكتوبر الذي صنعناه في 1988 بأيادي جزائرية خالصة سواء كانت عفوية أو مدبرة، الا أننا دفعنا الثمن غاليا، فكيف يكون الحال عندكم لقدر الله، وقطط العالم تترصد كل صغيرة في تونس وفي غير تونس".
سنتان مرت على سقوط نظام بن علي، وشهور تفصل التونسيين عن طي صفحات المراحل الانتقالية المتعبة والهشة، وليس بالغريب اذا عاد العلماينون الى الواجهة، أمام فشل اسلاميو النهضة في ضمان الانتقال السلس للشرعية الشعبية، وتحقيق شعارات الثورة في العدالة الاجتماعية والتنمية القاعدية والشغل والصحة. ولعل أبرز ما يؤرق التونسيين أن استفهامات عديدة تطرح نفسها بقوة الآن حول خفايا وأسرار الثورة لتزداد رؤية المواطن ضبابية خاصة أمام الدور الحقيقي الذي لعبه الجيش، خاصة وانه خرج منها في صورة البطل لتمسكه بالحياد في الصراع الذي جمع أفراد عموم الشعب في مواجهة حكام القصر، ليجر معه الطرح القائل بأن الأمر كان عبارة عن انقلاب نفذه الجيش ضد بن علي، وهو الطرح الذي ورد في كتاب ليلى الطرابلسي.
من أين أتى " القناصة " وكيف اختفوا وأين هم الآن؟
وحتى القناصة الذين اعتلوا البنايات والعمارات أثناء الأحداث مستهدفين أرواح الشباب التونسي، اختفوا في لمح البصر، مبقين وراءهم على لغز محير استعصى على الحكومات المتعاقبة منذ سقوط بن علي، ايجاد الجواب الشافي لعائلات الضحايا، فمن أين أتوا ومن اتى بهم، وكيف غادروا في لمح البصر؟ كلها أسئلة لا زالت تؤرق الشارع التونسي، وترجح فرضية " اليد الخفية " التي سارعت لتعفين الأجواء تمهيدا لتوجيه رياح " الربيع العربي " الى الوجهة التي تريدها ووفق الأجندة التي يسطرها هؤلاء من أجل تنفيذ سياسة التفكيك والتشتيت في العالم العربي.
التونسيون الذين يعتبرون أنفسهم هم أصحاب الشرف في تصدير " الربيع العربي " الى مصر وليبيا واليمن وسوريا، وهم من غيروا وجه العالم العربي، يجزمون أنهم أطاحوا بنظام الاستبداد والتسلط، وتنفسوا نسائم الحرية، لكن ذات الثورة " خذلتهم "، لأنها حملت لهم حكومة يصفونها ب " الفاشلة " والحاملة لبعض أوصاف النظام السابق، فالحريات لا تمطر لا ذهبا ولا فضة، ويتساءل سائق سيارة أجرة ما معنى أن تكون بطالا وبلا سكن ولا تأمين صحي وبلا مستقبل وأنت حر؟، أجبته: " حينها تصبح مادة قابلة للتجنيد في أي مجال أو تيار.. لا تهم قناعاتك، والمهم هو الخبز"، ولم أدر ان فهم صاحبي رسالتي حول دور التطرف في تجنيد البطالين " والفارغين شغل "، للأغراض المعروفة؟.
ويرى بعض من النخبة التونسية أن ما يتسرب الآن يشير الى أن ثورة " الياسمين " لم تكن لا عفوية ولا تلقائية، وهناك من التلميحات ما يرجح فرضية تورط بعض الأطراف العربية والغربية التي استغلت اشتعال الفتيل الأول للثورة لتصب عليه الزيت ثم تتولى توجيهها، وعليه يدعو هؤلاء الى ضرورة الانكباب الفعلي والجاد لفك هذه الطلاسم واطلاع الرأي العام على ما حدث بالضبط، ويتساءل كاتب صحفي أنه اذا انتظر التونسيون نصف قرن من أجل معرفة ما حصل بين بورقيبة وآخر البايات، ثم بين بن علي وبوروقيبة، فانهم الآن ليسوا مستعدين لقضاء نفس المدة من أجل معرفة ما حصل بين 17 ديسمبر و14 جانفي؟.
30 مليار لسيارة " الميباخ " التي أهداها القذافي لبن علي
صرحت السيدة محجوب المشرفة العامة على قصر الرئاسي " سيدي الظريف "، أن مكتب الرئيس بن علي لم يكن يسمح لأي أحد بالدخول اليه، لتدحض من روجوا لكون الممتلكات التي عثر عليها هناك، هي سيناريو " مفبرك "، حيث استقدمت الأموال والمصوغات من البنك التونسي. اوأضافت أنها كانت تشك في أنه يحتوي على خزانة سرية الى جانب الخزائن الواضحة للعيان، وفعلا لما دخل أعضاء لجنة تقصي الحقائق الى المكتب الذي غلفت جميع جدرانه بالخشب الرفيع وعلقت في سقفه " ثريا " عملاقة في وسطها عين وظن كل من رآها لأول وهلة أنها كاميرا مراقبة، لكنه اتضح فيما بعد أنها أداة تحكم في خزانة مدمجة في أحد أركان المكتب، وبعد التدقيق والبحث المطول وجد أعضاء اللجنة خزانة مصفحة عملاقة وراء أحد جدران المكتب، وذلك في حضور الأمن الرئاسي وقد كتب على الخزانة ثلاثة حروف بالفرنسية، واتضح أن تلك الحروف تدل على الشركة التي صنعت الخزانة، وليتم فتحها كان لابد من الاستعانة بخبرة الشركة المذكورة، وفعلا تم ارسال خبير الى القصر وظل يحاول فتحها مدة أربعة ساعات، وعندما فتح باب الخزانة كانت المفاجأة كبيرة ولم يرق لمخيلة أي من كان حاضرا في القصر حجم الأموال والمصوغات الثمينة التي كانت في خزانة " علي بابا ".
وعند ذاك سارع أعضاء لجنة تقصي الحقائق، الى الاتصال بالخزينة العمومية والبنك المركزي التونسي من أجل ايفاد اطارات ومعدات حساب الأموال المعثور عليها، وهي العملية التي تمت بحضور اطارات الأمن الرئاسي ومسؤولي البنك والخزينة العمومية، وتم توثيقها بالصوت والصورة والقلم، حسب مصدر مسؤول من قصر " سيدي الظريف "، وأكدت السيدة محجوب أن ما تم العثور عليه في القصر المذكور أن ما عثر عليه شيئ يفوق الخيال، وأكدت أن اللجنة لم تعثر في قصر " قرطاج " أية ملفات هامة تؤدي الى المزيد من المعلومات والحقائق حول الرئيس بن علي وحاشيته، وأضافت أن بن علي لم يكن يقضي في " قرطاج " الا أوقاتا محدودة، ثم يسارع الى قصر " سيدي الظريف " خاصة بعد ولادة نجله.
ويبقى حجز وتجميع تركة بن علي وآل الطرابلسي، الاهتمام الأول للتونسيين، كما يشكل مادة دسمة لمختلف وسائل الاعلام، سيما بعد اكتشاف الأموال الطائلة في قصر " سيدي الظريف "، وكذا المصوغات الثمينة التي كانت تتزين بها ليلى بن علي، وتبقى الروايات المسربة من عملية الحجز والتجميع تثير الجدل والدهشة لدى عموم التونسيين، سيما وأنها تعود بمخيلاتهم الى عصور الملوك والأمراء الذين كانوا يكنزون الأموال والذهب بالقناطير المقنطرة، أوكأنها روايات مهربة من العصر العباسي أو مماليك الأندلس، وليس من رئيس دولة وزوجته وحاشيتهما في تونس القرن الواحد والعشرين، حيث تتوشح ليلى الطرابلسي بأساور تقدر بالملايير، والباقي أتخمت مدخراتهم حسابات البنوك الأوروبية والسويسرية.
شخصيات أثرياء عرب وأوروبيون لاقتناء محجوزات بن علي آل الطرابلسي
في البداية لم يكن من السهل تجميع كل تلك المنقولات التي احتواها المعرض، خاصة منها السيارات التي كانت عملية استرجاعها محفوفة بالمخاطر على رأي مصادر مطلعة على الملف، ولولا اصرار المكلفين بالمهمة لتمكن العديد من المقربين من عائلة بن علي وأصهاره، من اخفاء تلك السيارات والمنقولات، ولا يستبعد أن تكون هناك المزيد منها لم يقع احتجازها بسبب سحب صلاحية العملية من الهيئة المكلفة، بالرغم أن المعرض شمل كل شيئ من ممتلكات عائلة بن وربما لم يستثن منها الا " الملابس الداخلية " لليلى والزين، ويصاب الزائر للمعرض بالذهول والصدمة، وتتخالجه عدة مشاعر بين مرارة على عمق الهوة بين الحاكم والشعوب في أوطاننا العربية، وبين أسف على الكريم اذا ذل في قومه، وصار صفحة مفتوحة للعموم والغوغاء.
ويذكر أن معرض بيع الممتلكات المحجوزة للرئيس السابق يضم 22 سيارة فارهة، من ضمن 148 سيارة، أبرزها تلك التي تسمى ب " الميباخ " والتي قدمها له العقيد الراحل معمر القذافي، وقد حدد سعرها الافتتاحي بما يقدر بأكثر من 30 مليار سنتيم جزائري، ولا يستبعد أن يرفع ثمنها الى ضعفين أو ثلاثة أضعاف عند عملية المزايدة، وقد تقدمت العديد من الشخصيات بعروض لاقتناء السيارات المذكورة سيما " الميباخ "، و أبرزهم " جان تود "، رئيس مستودعات فراري انترناسيونال، ووكيل دنهيل في لندن المدعو " المطبقاني "، وكذا أحد أعضاء أسرة السلطان قابوس حاكم دولة عمان، وشخص آخر وصف ب " المهم جدا " من القصر الملكي المغربي، بالاضافة الى العديد من رجال الأعمال التونسيين وأصحاب الشركات الكبرى وعدد من السماسرة.
هذا بالاضافة الى ذلك، يضم معرض المحجوزات قطعا ثمينة جدا من مصوغات ليلى بن علي، كذلك الطقم من الألماس الذي يقدر وزنه ب 550 غرام، وقدر سعره الافتتاحي بما قدر 15 مليار سنتيم جزائري، وعلم من محيط القائمين على العملية أن أحد أثرياء الخليج مهتم بشراء هذا الطقم، علاوة على كبار تجار مصوغات المعادن الثمينة في العالم وتونس على غرار المدعو " شوبار " الذي قام شخصيا بتصنيع الكثير من القطع والمصوغات المحجوزة ويريد اعادة شرائها، خاصة منها الساعات المرصعة، والأطقم الفاخرة، وخاتم خطوبة بنت الرئيس " حليمة "، حسب ذات المصادر، التي أكدت أن وزن المحجوزات من الأطقم والمصوغات التي تعود ملكيتها لليلى الطرابلسي يقدر ب 748 كلغ..!!!
هذا علاوة على كميات أخرى من مختلف الأغراض والألبسة وأدوات الزينة والتحف والزرابي والهواتف والحواسيب وشاشات التفاز.. وغيرها، والتي تعود لعائلة الرئيس بن علي وزوجته ليلى، وقدر عددها ب 12 ألف قطعة، من جملة 30 ألف قطعة ستباع لاحقا، كذلك المعطف المصنوع من الكشمير الذي قدر سعره حوالي 50 مليون سنتيم جزائري، وتذكر- المصادر- أن تسعين بالمائة من تلك الأغراض غير مستعملة، وقد لوحظ اقبال كبير على اقتناء تلك الأغراض مما أدخل الشك لدى المنظمين حول كون القيمة المالية المطلوبة لا تمثل القيمة الحقيقية لتلك الأغراض والقطع.
وقد تكبد البعض قطع مسافات طويلة من أوروبا الى تونس من أجل اقتناء بعض من أغراض ليلى الطرابلسي نكاية فيها و" تشفيا " في المرأة الحديدية السابقة، ويذكر البعض أن بعض السيدات اللائي كن على خصام مع ليلى بسبب خلافات معينة، قدمن من مختلف العواصم والمدن الأوروبية من أجل شراء بعض الأشياء من المعرض، لجبر خواطرهن مما يصفونه بظلم وجور ليلى عليهن. ويقول عضو لجنة تقصي الحقائق، عماد بالخامسة: " على المشككين في العمل الذي قامت به اللجنة أن يتوجهوا للقضاء لاثبات عكس ما توصلنا اليه "، وأكد أن اللجنة المختلطة عثرت على أشياء كثيرة، منها أوراق شخصية لبن علي، وعائلته، الى جانب شهادات ملكية وأرقام حسابات بنكية، منها رقم الحساب الخاص بليلى بن علي في البنك اللبناني- الكندي والذي يحتوي على ما يقدر ب 100 مليار سنتيم جزائري، بالاضافة الى خزائن أخرى من أحجام مختلفة وأظرفة بها مبالغ مالية، ومن أغرب ما جاء على لسان- المتحدث- أن أجنحة القصر حملت تناقضات صارخة كالعثور على قارورات الخمر والمخدرات، ومصاحف القرآن وصور كثيرة لليلى بن علي.
سيدات قدمن من أقاصي العواصم والمدن الاوروبية للتشفي في ليلى الطرابلسية
جهود الحكومة التونسية في معركة استرجاع مملتكات العهد البائد مضنية ولم تحقق لحد الآن نتائج ملموسة، خاصة في ظل النجاحات المحققة من طرف الثورة المضادة، ونفوذ التجمعيين والأقرباء منه في حركة " نداء تونس " التي يتزعمها الوزير الأول في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، فالذي استرجع عمليا لحد بحسب مصادر اعلامية محلية، هو الطائرة الرئاسية التي كانت جاثمة في كندا، ومنزل و28 مليون دولار كانت مودعة في حسابات مصرفية ببيروت، بينما تقدر ذات المصادر مقدار الأموال والممتلكات والعقارات التي كانت بحوزة عائلة بن علي وأصهاره بملايير الدولارات، حيث زالت محجوزة لدى العديد من البنوك والمصارف العربية والأوروبية متواجدة في 12 بلدا، منها بريطانيا وأمريكا وفرنسا ولبنان.
وصرح وزير العدل التونسي في حكومة النهضة أن العديد من الدول العربية لا زالت تتردد في الرد على مطالب حكومته في حجز ممتلكات بن علي والمقربين منه، رغم استكمال جميع الاجراءات والتدابير المطلوبة، وكشف الوزير أن هناك بلدا شقيقا لم يذكره بالاسم لا زال يرفض ارجاع الأموال المجمدة، وتذكر مصادر أخرى أن الحكومة استطاعت استرجاع عددا من العقارات الثابتة والمنقولة داخل الجمهورية وقدرتها 268 عقارا مسجلا باسم العائلة، ويتم التقصي في 300 عقار آخر، بالاضافة الى 25 ألف من المنقولات في قصر سيدي الظريف، و168 سيارة فاخرة، منها سيارة الميباخ، الى جانب 170 مساهمة في شركات وهمية مختلفة لتهريب الأموال نحو الخارج، وعشرات المحلات وما يناهز 120 مليار دينار تونسي، عبارة عن مبالغ منزلة في حسابات جارية وأصول نقدية وسيولة، وأربعة يخوت وأربعة دراجات مائية، وأصلين تجاريين هامين بالضاحية الشمالية للعاصمة.
فضيحة " شيراتون غايت ".. الفة الرياحي تهز عرش صهر الغنوشي
ثورة " الياسمين " التي تأججت على صفحات شبكات التواصل الاجتماعي تواصل مسيرتها المعززة بمكاسب حرية التعبير والديمقراطية، وسجلت المدونة " ألفة الرياحي " سابقة أولى في تونس والعالم العربي، بتفجيرها لقنبلة من العيار الثقيل في وجه اخوان تونس الذين يسيرون الشأن الانتقالي، ويكون ضحيتها صهر الرجل الأول في حركة النهضة، ووزير الخارجية، رفيق عبد السلام، المرجح جدا أن يغادر طاقم حمادي الجبالي، في التغيير الجزئي المرتقب خلال الايام القليلة القادمة، وذلك على خلفية الفضيحة التي هزت أركانه، فبالوثائق والبيانات تؤكد " ألفة " أن رفيق خان زوجته مع امراة متزوجة وتشتغل في أحد مستشفيات العاصمة، وتقيم بحي المروج، ويستعمل نفوذه في تبديد أموال الدولة، بعدما كشفت الفواتير التي تدفعها وزارة الخارجية، من أجل غرفة الوزير والمرأة المذكورة في فندق شيراتون تونس والمقدرة يوميا بحوالي ثلاثة ملايين سنتيم جزائري.
وتصر " ألفة الرياحي "، على ضرورة مباشرة السلطة لفتح تحقيق في القضية، وتعبر عن استعداداها للذهاب بعيدا في الملف، كما تهدد برفع دعوى للقضاء التونسي من أجل التحرك لكشف تفاصيل القضية. واطلاع الرأي العام التونسي على حقيقة المليون دولار الصيني الذي صب في حساب وزارة الخارجية، بدل حساب الخزينة العمومية، لكن الحكومة تكون قد سبقتها للمسألة معتبرة نفسها ضحية شخصية تحركها خيوط سياسية محضة، وتعتبر رفيق عبد السلام، مستهدفا من طرف عدة جهات سياسية غريمة، وتشير الى حزب الرئيس محمد المرزوقي، وعبرت عن تضامنها مع الوزير صهر الرجل الأول في حركة النهضة الاخوانية، وعبرت في بيان تناقلته بعض الصحف التونسية، وقوفها في وجه " حملات التشويه وافتعال الاشاعات واستباق الأحداث قبل التحقق من مضامينها "، ودخل الغنوشي على الخط حيث تقول مصادر تونسية أنه تناول القضية في خطبة الجمعة الماضية، حيث تحدث عن حكم الشرع الاسلامي في من ينشر الاشاعة والأكاذيب عن الناس، وعمن يشن حملات التشكيك في صفوف المسلمين بغية تمزيق صفوفهم، وأضاف: " أن الشرع الاسلامي يعاقب من يتهم الناس بالباطل بثمانين جلدة، مستشهدا بعدد من آيات القرآن الكريم.
وهناك من ذهب الى أبعد من ذلك، وقال أن الفضيحة " المفبركة "، وهي تصفية حسابات لتيارات ترفض الانتماء العربي الاسلامي لتونس، وتريد الانتقام من رفيق عبد السلام، على زيارته التاريخية لقطاع غزة بعد الاعتداء الاسرائيلي على القطاع في الأسابيع الأخيرة، وهو ما اعتبر موقفا تاريخيا لتونس، وان كان هو فوق قوتها وامكانياتها الاستراتيحية في الصراع العربي- الاسرائيلي، ولذلك يضيف هؤلاء: " رفيق عبد السلام وحكومة النهضة تدفع ثمن ذلك الموقف، وألفة الرياحي تريد الشهرة بدعم من دوائر خفية، والا كيف تسرب وثائق رسمية تملكها ادارة رسمية لمجرد مدونة على " الفايسبوك "، ان لم يكن هناك شيئا يدبر بليل لاستهداف استقرار وسمعة الحكومة. ويذهب في نفس الطرح صحفي تونسي ) ط – ق ): " النهضة لم تأت من المريخ، هي خيار عبر عنه التونسيين، وعلى الجميع احترام مبادئ الديمقراطية، وخيارات الناس.. العلمانيون واليساريون الذين يملؤون الدنيا صخبا وأصابوا رؤوسنا بالصداع ليس لهم أي امتداد شعبي، وعليهم بالاستعداد للإستحقاقات القادمة لتجريب حظهم.. انا لست من النهضة لكنني أدعوهم لترك النهضة وشأنها وعليهم أن ينالوا ثقة التوانسة أولا وبعدها سيكون الجميع في صفهم اذا ابدى النهضويون أية نية في اقصاء ارادة الشعب او التفرد بالسلطة ".
لعبة الحلفاء لقصقصة الأجنحة وصناعة التوازنات
لئن استغلت حركة النهضة رغبة محمد المرزوقي، في اعتلاء كرسي قصر قرطاج، سارعت لتأييده في هذا المسعى على حساب رئيس المجلس التأسيسي الحالي، مصطفى بن جعفر، والظاهر برأي الاعلامي التونسي، مختار الدبابي، أن المصيدة بدأت من هنا لأن المرزوقي وقع في عزلة قصر قرطاج بينما تفردت حركة النهضة بالحقائب الوزارية والمناصب التنفيذية في الحكومة، ويضيف: " تحييد النهضة للمرزوقي تجسد أساس في الصلاحيات المسندة اليه في الدستور الأولي المنظم للبلاد، حيث افرغ بموجبه منصب رئيس الجمهورية من صلاحيات كثيرة، ولم يبق بيده الا قرار اعلان الحرب والسلم، وفي المقابل حاز رئيس الحكومة النهضوي على كل الصلاحيات والقرارات التنفيذية، مما جعل الصراع يظهر قريبا بين قرطاج والقصبة، وعرف الرأي العام المحلي أن حالة عدم الانسجام بين الرئاستين باتت جلية للعيان".
واستنادا لهذه التطورات فقد تفاقم " الضرب تحت الحزام " بين الطرفين، وكان في كل مرة يظهر طرف من الطرفين في صفة تقزيم " الحليف الغريم " فالحكومة تعمل على تقزيم شركائها أمام الرأي العام، بينما أبدى المرزوقي رفضه لسياسة الأمر الواقع، وهو ما تجلى في حالة ترحيل رئيس الحكومة الليبي السابق، البغدادي المحمودي، للمجلس الانتقالي، والذي أظهر أن الرجل ذهب ضحية صفقة سياسية بين الجبالي ونظرائه في طرابلس، بينما تجرع المرزوقي الأمر بمرارة وهو الحقوقي الذي ناضل كثيرا من أجل حقوق الانسان، وتفاقم الوضع في مؤتمر أصدقاء سوريا الذي احتضنته تونس في شهر فيفري المنصرم، حيث فاجأ المرزوقي حكومة الجبالي برفض التدخل العسكري في سوريا، وهو الطرح الذي أغاض حكومة النهضة ومن ورائها تحالفات راشد الغنوشي مع " امراء الخليج ".
ويرى ملاحظون في تونس أن المرزوقي بات متاكدا أن النهضة لن تعيد ترشيحه مجددا، في الانتخابات القادمة، سيما امام الخلافات الواضحة بين أطراف " الترويكا "، ولعل رفض ميزانية رئاسة الجمهورية من طرف نواب المجلس التأسيسي خير دليل على الطلاق البائن الذي وصل اليه ثلاثي الحكم في تونس الجديدة، وعليه فان كل طرف يحاول اعادة ترتيب أوراقه عبر نسج تحالفات جديدة في المشهد السياسي الجديد، خاصة وأن الكل أدرك أن تسيير المرحلة الانتقالية قد ألحق به أضرارا كبيرة، فقد اعترف راشد الغنوشي، أن شعبية حركته قد تراجعت وان تجربة الحكم قد بددت بريقها، أما حزب المؤتمر الجمهوري الذي يتزعمه المرزوقي والتكتل لمصفى بن جعفر فقد دفعا بدورهما فاتورة المرحلة، عبر الاستنزافات الداخلية والتمردات التي قادتها بعض الأجنحة الداخلية كتعبير منها عن رفضه لمشروع التحالف، وهناك منها من توجه لتأسيس كيانات سياسية جديدة.
ولتلافي هذه التداعيات تقول مصادر تونسية ان الرئيس المرزوقي يتوجه الى أصدقاء قدامى من التيارين اليساري والقومي، على غرار حمة الهمامي، وكتلة الوفاء من أجل ضمهم للتحالف الحاكم، تفاديا لأي " مفاجأة " قد تحدثها له حركة النهضة في أية لحظة، وجاءت فضيحة " الشيراتون " التي فجرتها المدونة " ألفة الرياحي " التي تذكر مصادر تونسية أنها مقربة من حزب المرزوقي، وكان بطلها، وزير الخارجية، وصهر الغنوشي، لتعمق الشرخ بين المرزوقي والنهضة التي تعتبر أن الفضيحة لم يكن لها أن تتفجر لولا " النيران الصديقة " في اشارة لحزب المرزوقي.
النفوذ القطري يتجذر.. والجنوب تحت تهديدات القاعدة
أحد الصحفيين التونسيين قال لي" : لحسن حظنا أننا جيران الجزائر، وأننا متيقنون أن الجزائر لن تترك الارهاب يهنأ في تونس"، وذلك في تعليق له على الزيارة الأخيرة لوزير الداخلية الجزائري، دحو ولد قابلية، الى تونس، والتي وجدت ترحابا واسعا لدى التونسيين الذين لا يملكون سوابقا في التعاطي مع الارهاب، كما تعول الحكومة التونسية كثيرا في الاستفادة من خبرة الجزائر في هذا المجال، حيث مكنت الزيارة من أفكار ومعلومات ميدانية حدت من نشاط الخلايا الناشطة في الجنوب التونسي وفي الحدود الجزائرية، ولعل أبرز ملامح ذلك جهود واعادة الانتشار الأمني التي نفذت بمناسبة احتفالات رأس السنة.
لكن ما يؤرق التونسيين هو يتسرب من معلومات حول النشاط السري للكثير من التنظيمات والجمعيات المدعومة من أطراف خارجية، لاستغلال شباب تونس في حمل الشباب التونسي للسلاح ل " الجهاد " فيما يعرف بدول الربيع العربي، حيث كشفت مصادر مطلعة ل " الجزائر الجديدة " أن سفارة قطر وذكرت السفير القطري شخصيا، سعد بن ناصر الحميدي، بالوقوف وراء احدى الهيئات الأهلية لتجنيد الشباب لحمل السلاح في دول العربي، وأضافت أن الأمر في غاية الخطورة، فنصف تعداد تنظيم " النصرة " المسلح في سوريا، هو من شباب تونس، وقالت أن التنظيم المذكور يستفيد من دعم دولة قطر ويملك شبكات أخطبوطية في تونس وليبيا وتركيا، ويتم التركيز على توظيف الأنصار والمتعاطفين مع التيار السلفي الحديث واللعب بعواطفه الدينية لاعلان التمرد على الحكومية المحلية، وشحنه بثقافة " الجهاد "، وهو الأمر الذي تقف وراءه أطراف خارجية قوية، تريد الاستفادة من الانفلات الأمني في ليبيا وتنامي التيارات المتطرفة في المنطقة، وكذا الانتشار المريب للسلاح حيث صارت قطعة بندقية الكلاشينكوف لا تتعدى مبلغ الألف دينار تونسي، وتكون الخلايا التي فككها الأمن التونسي في المدة الأخيرة في مدن القيروان وقفصة والقصرين احدى تجليات الوضع الأمني الحساس الذي تمر به البلاد، كما يشكل كتاب " وين ماشي بينا " كعنوان وسؤال في آن واحد لأمير دولة قطر، حدة الضجر والقلق الذي ينتاب بعض التونسيين ازاء دولة قطر التي يجزم هؤلاء أنها تؤدي دورا " قذرا " في المنطقة وفي تونس على وجه التحديد برأي هؤلاء.
علمانيون بدوائر نفوذ واسلاميون بقواعد عريضة.. تونس تبحث عن الخط الثالث
رغم أنه يفوق الثمانون سنة من العمر، فهو قطعة مهربة من الزمن البورقيبي، تريد قيادة التيار العلماني، المتمثل في حركة " نداء تونس " المدعوم بدوائر نافذة في المال والأعمال والمجتمع المدني، يحاول الباجي قايد السبسي لملمة شتات العلمانيين وتعويض الخذلان الشعبي والوقوف في وجه الامتداد النهضوي. وفي المقابل تحاول النهضة تعزيز " الترويكا " بتحالفات جديدة، لتعويض فشل الحكومة في تحقيق أهداف الثورة وارساء دولة مدنية تسودها الحريات والعدالة الاجتاعية وضمان الخدمات في اطار الهوية العربية والاسلامية لتونس، وأمام هذا وذاك يتدحرج " التوانسة " بين عهد بائد غير مأسوف عليه، وبين أسف على خذلان الثورة لتطلعاتهم، وأمالهم معلقة على ظهور خط ثالث يؤمن لهم الحياة الكريمة ويرسي لهم حرياتهم، بعيدا عن التجاذبات والسجالات التي لا تغني ولا تسمن من جوع. وما حصل في جربة من اعتداء على شاكلة موقعة الجمل في ميدان التحرير بمصر، حيث هاجم مجهولون بالهراوات والأحصنة المجتمعون من حركة " نداء تونس " في جربة، واحتجزوهم داخل الفندق لمدة أربعة ساعات.
وثار حينها الثائرون وتبادلوا التهم بين " النداء " والنهضة، وحتى أنصار المعارض التاريخي لبورقيبة، صالح سي يوسف، دخلوا على الخط، في حادثة لا زالت تسيل الكثير من الحبر على غرار الحوادث الأخرى ذات الخلفيات السياسية والعشارية والاثنية، وفي هذا الصدد صرح النّاطق باسم حزب حركة نداء تونس بجرجيس وأحد الشّاهدين على أحداث جربة، الصيّاح الوريمي، أنّ القائمة التهمة لم تصدر عن مصادر رسميّة بنداء تونس، لكنّها اجتهاد من بعض الأشخاص الحاضرين ذلك السبت، من خلال تحديد هويّة الأشخاص الّذين لاحظوا حضورهم بالمكان يوم الاجتماع. أما هاجر التّريكي المكلّفة بالاعلام بالمكتب الجهوي لحركة النّهضة بمدنين فصرحت بدورها أنّها لاتنفي إمكانيّة وجود عناصر من النهضة ضمن المشاركين في الاحتجاجات المذكورة لكن تبقى مشاركتهم تلك بصفتهم كمواطنين ينتمون إلى جزيرة جربة وليس بصفتهم الحزبيّة. وأضافت التريكي أنّ حزب حركة النّهضة لا علاقة له بالاحتجاجات الّتي رافقت اجتماع الحزب.
وبخصوص الأسماء الّتي تضمّنتها القائمة وعلاقتها بالنهضة، قالت هاجر التريكي إنّ بعض الأسماء هي بالفعل لأشخاص منخرطين بالحزب، لكن ليست لهم صفة أعضاء بأحد المكاتب المحليّة للنّهضة، كما ورد في القائمة على غرار فتحي دغسن ورشيد قرطبة وجمال الزيات. لكن في المقابل أكّدت محدّثتنا أنّه ليست لديها فكرة عن تورّط هذه الأسماء في الأحداث، مضيفة: " صحيح أنّ فتحي دغسن يواجه الآن قضيّة بتهمة الاعتداء اللّفظي على فتاتين يوم اجتماع نداء تونس، لكنّ اتهامه وغيره باعتماد صفتهم الحزبيّة يندرج ضمن الاتّهامات المجانيّة الّتي تطال حركة النّهضة".
أما لسعد الحجّام هو أحد الأسماء الّتي تضمنتها القائمة، وقد ورد اسمه فيها مقرونا بصفة رئيس رابطة حماية الثّورة. هذا الأمر نفاه الحجام إذ قال أنّه لا وجود لرابطة حماية الثّورة بجربة، حيث وقع حلّها مباشرة بعد انتخابات 23 أكتوبر2011. واعتبر الحجام أنّ القائمة هي مجرّد عمل استخباراتي لفلول التّجمّع. مؤكّدا في ذات الصّدد نّ أكثر من ثلثي الأسماء الّتي تضمنتها القائمة المتداولة لم تشارك في احتجاجات السّبت، مثل رئيس النّيابة الخصوصيّة عمار بوبكر الّذي لم يسمع بالاحتجاجات مطلقا، على حد تعبيره.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.