اعتبر وزير الشؤون الخارجية، مراد مدلسي، الاعتداء الإرهابي الذي استهدف الموقع الغازي بتڤنتورين بان أمناس بولاية إليزي ، منتصف جانفي الماضي، »مؤامرة إرهابية أريد منها النيل من أمن و استقرار الجزائر والتأثير على مواقفها الثابتة، وأكد أن الجزائر»لم تتأثر بما يجري هنا وهناك« بما أصطلح على تسميته ب»الربيع العربي«، مبرزا الظروف التي تعيشها وخصوصيتها. خاض رئيس الدبلوماسية الجزائرية في حوار خص به وكالة الأنباء القطرية في مواضيع كثيرة، وأبرز مواقف الجزائر تجاه عديد من القضايا، وعلق من جديد على الاعتداء الاراهابي الذي استهدف موقع تقنتورين يوم 16 جانفي الماضي والذي أودى بحياة 37 رهينة، بالقول إنه»مؤامرة إرهابية أريد منها النيل من أمن و استقرار الجزائر والتأثير على مواقفها الثابتة«، وأضاف أن الجزائر تصدت لها وعالجتها بكل حكمة وصرامة وبأقل خسائر ممكنة«، مرجعا ذلك إلى »تجربتها وحنكتها وكفاءة الجيش الوطني الشعبي وعناصر الأمن المختلفة«. وفي الموضوع ذاته، قال إن »معظم دول العالم، بما فيها تلك الدول التي كان لها رعايا وضحايا، قد عبرت عن استنكارها لهذه العملية الإرهابية وأكدت مساندتها للحكومة الجزائرية مشيدة بالأسلوب الذي تم به إنقاذ أرواح الأبرياء وتصفية الإرهابيين«،مشددا أن »علاقات الجزائر لم تتأثر بأي دولة، بل وجدنا كل التفهم والمساندة والتأييد والتصميم على مواصلة تطوير وتدعيم العلاقات والتأكيد في الوقت نفسه على ضرورة مكافحة الإرهاب بكل أشكاله، مضيفا أن» آفة الإرهاب باتت ظاهر دولية تستوجب التصدي الجماعي لها«. وحول ظاهرة الإرهاب وأهمية مكافحتها باعتبارها شأنا داخليا وكيف يمكن تحقيق ذلك في ظل علاقات عالمية متشابكة، رأى مدلسي » مكافحة الإرهاب شأن داخلي من حيث التصدي له ومقاومته داخل الإقليم السياسي للدولة«، موضحا أن »الإرهاب كونه ظاهرة دولية معقدة وعابرة للقارات فكراً وتنظيماً ووسائل بات يتطلب التصدي الجماعي له على كل المستويات وبكل الوسائل التقنية والمادية، وبذلك أصبحت هناك ضرورة ومصلحة دولية مشتركة تستوجب التعاون للقضاء على هذه الآفة الماسة بالأمن والاستقرار التي تستنزف إمكانيات وقدرات الأمم«. ''الشعب الجزائري اليوم منشغل بالتنمية ويتفاعل مع الديمقراطية'' وردّ وزير الخارجية عن سؤال حول شكل الحراك السياسي الذي تشهده الجزائر في ظل »ثورات الربيع العربي«، قائلا إن »الجزائر تسير بشكل عادي وحثيث نحو التطور والرقي ولم تتأثر بما جرى ويجري هنا وهناك«، ليضيف » أنه سبق للجزائر أن عاشت ربيعها العربي في نهاية الثمانينات من القرن الماضي وقامت على إثره بإصلاحات سياسية واقتصادية متتالية وعميقة وتقوم من حين لآخر بتقييم تجربتها وترقيتها وفقا لتطورات وظروف كل مرحلة بما يحصن البلاد من الهزات ويعمق الديمقراطية وينمي شتى مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية«، مشيرا إلى أن »الشعب الجزائري اليوم منشغل بالتنمية ويتفاعل مع الديمقراطية ونعتقد أن لكل بلد ظروفه وخصوصيته«. »قوات الجيش والأمن متواجدة على طول الحدود لمواجهة أي تهديد لأمنها القومي« وأوضح مدلسي بشأن وضعية حدود الجزائر مع الدول المجاورة أن »قوات الجيش والأمن الجزائرية متواجدة على طول الحدود الوطنية للدولة مع كل دول الجوار وهي تقوم بمهامها الدستورية في حماية الوطن من أي اعتداء أو اختراق بشكل فاعل وحاسم«، وأبدى قلق الدولة من» التطورات الخطيرة على الحدود نتيجة إفرازاتها الأمنية المتعددة«، مؤكدا اتخاذ الجزائر »احتياطات وتدابير صارمة على طول حدودها لمواجهة أي اعتداء أو تهديد لأمنها القومي أيا كان نوعه«، قائلا إنها »تعمل وبشكل نشط مع كل دول الجوار لوضع إستراتيجية مشتركة ترتكز على مقاربة شمولية يدمج فيها الجانب الأمني بالبعدين التضامني والتنموي، وذلك بهدف حماية أمن دولتنا ومصالح شعوبنا«. وأوضح وزير الخارجية في هذا السياق احتضان الجزائر اجتماعاً طارئاً لوزراء خارجية دول الاتحاد المغاربي في جويلية 2012 لمناقشة مشكلة الأمن في منطقة المغرب العربي وتشخيص المخاطر الأمنية التي تهدد السلم والأمن في منطقتنا المغاربية، مذكرا بجملة من التوصيات التي شملت الدعوة إلى تفعيل آليات التعاون الأمني. وفيما يتعلق بشكل العلاقات المغاربية في الوقت الراهن، أكد وزير الشؤون الخارجية ، أن »الجزائر وانطلاقاً من مبادئ ثورتها التحريرية المجيدة دعت منذ الوهلة الأولى إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وإلى ضرورة احترام إرادة الشعبين التونسي والليبي وتطلعاتهما المشروعة في بناء مؤسساتهم الديمقراطية وأعربت في حينها عن تضامنها الفعال وعملت مبكراً على تقديم دعمها اللازم للتخفيف من آثار وطأة الأحداث«، وأكد توفر الإرادة السياسية لدى جميع قادة الدول المغاربية لتوثيق عرى التضامن والأخوة وتعميق المصالح الاقتصادية للدول الخمسة، مستدلا بحركة التواصل واللقاءات والزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين المغاربيين. وأوضح وزير الشؤون الخارجية بأن القمة العربية ال24 التي ستحتضنها العاصمة القطرية الدوحة يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين، تنعقد في ظل ظروف تتميز ببروز عدة قضايا عربية تتطلب معالجتها توفر إرادة سياسية شاملة لدى كل الأطراف، مضيفا أن الظرف الذي تنعقد فيه يستوجب إيجاد الحلول المناسبة »لتبديد الهموم العربية التي أصبحت تؤثر سلبا على الواقع العربي«. و أكد مدلسي أن القادة العرب »حريصون على الارتقاء بالعمل العربي المشترك إلى أفضل المستويات الممكنة خصوصا في هذه الظروف العصيبة«، وأوضح بأن قمة الدوحة ستعكف على دراسة عدة ملفات مدرجة في جدول الأعمال وعلى رأسها تطورات القضية الفلسطينية و مستجدات الصراع العربي- الإسرائيلي حيث تشهد عملية السلام انسدادا بسبب التعنت الإسرائيلي، كما ستتطرق القمة من جهة ثانية حسبه إلى محاور أخرى تعني العمل العربي المشترك و تطوير الجامعة العربية و منظماتها المتخصصة بما فيها إنشاء المحكمة العربية لحقوق الإنسان. ''لايزال أمام الجامعة العربية هامش يمكن استغلاله لحل الأزمة السورية'' وفي حديثه عن الأزمة السورية، أوضح وزير الخارجية »إنه من المنتظر أن تشكل هذه الأزمة أهم البنود السياسية على جدول الأعمال في القمة العربية، حيث يتطلب الوضع العربي الراهن تكثيف الجهود وتوحيدها بإيجاد أرضية للتفاهم والحوار بين أطراف الأزمة السورية تسهم في إيجاد الحل المنشود الذي يأخذ في الاعتبار تطلعات الشعب السوري الشقيق في الحرية والديمقراطية والتغيير السلمي، وبما بحفظ سيادة سوريا واستقرارها ووحدتها«، مقيّما أداء الجامعة العربية قائلا إنها »تعاملت مع الأزمة السورية منذ نشوبها قبل سنتين وقدمت مقترحات لم تنل رضا هذا الطرف أو ذاك من أطراف الأزمة وذلك قبل أن ينقل الملف برمته إلى مجلس الأمن الدولي الذي لم ينجح حتى الآن في حله بسبب تباين المواقف بين أعضائه الدائمين«. ورأى مدلسي أنه »لايزال أمام الجامعة العربية هامش يمكن استغلاله لحل الأزمة السورية من خلال دعم جهود المبعوث المشترك الأخضر الإبراهيمي لجلوس الطرفين على طاولة الحوار للتوصل إلى حل سياسي يلبي طموحات الشعب السوري في السلم والحرية والديمقراطية ويحفظ سيادة سوريا ووحدة ترابها« وعلق على مسار ثورات الربيع العربي، بالقول إن» الثورات العربية ظرف طارئ على الحالة العامة في البلدان العربية، ومادامت هذه الثورات تهدف في جوهرها إلى تغيير الممارسات القائمة بالطرق السلمية والمشروعة ولا تسعى لتصدر إفرازاتها إلى دول أخرى تنعم بالاستقرار والهدوء ، فإن مسألة الرضا عن مسار أي ثورة تخص بالأساس الشعوب التي قامت بالثورة من أجل تغيير أوضاعها نحو ما تراه أفضل«.