تجمع أمس أمام مقر وزارة الصحة في المدنية مئات الأطباء العامين والأخصائيين، والصيادلة، وجراحي الأسنان، والأخصائيين النفسانيين، وكانوا جميعهم يهتفون بشعارات منددة بوزارة الصحة ووزيرها، وطالبوا الوزارة الأولى بالتحرك من جديد لتدارك الوضع الذي هو اليوم في درجة الكارثية، جراء الإضراب المتواصل، والذي تسبب حتى الآن في تأجيل حوالي 3000 عملية جراحية يوميا، عبر 300 مؤسسة صحية واستشفائية على المستوى الوطني، هذا دون ذكر تعطيل الفحوصات والتحاليل والتصوير بالأشعة، وكل باقي العمليات الطبية الأخرى. لن نكون مبالغين إن قلنا أن القطاع الصحي يعيش وضعا كارثيا بسبب الإضراب الجاري منذ أزيد من ثلاثة أسابيع بشكل متواصل، وأن المرضى وأهاليهم في معاناة صارخة، ومنهم الكثير من الموت تسري في عروقهم بشكل واضح يوما بعد آخر في غياب الطبيب المعالج، والممرض الذي يساعده في عمله، والصيدلي الذي يمنحه قنينات التطعيم، والكمّادات القطنية، وخشيبات فحص الحلق، و ضمادات الجروح والكدمات، ومختلف الأدوية البسيطة. وفي غياب كل العمال الأخرين، وحتى هذه اللحظة لا النقابات والعمال تراجعوا عن إضرابهم المتواصل أسبوعيا ومنذ عدة أسابيع، ولا وزارة الصحة ولا الوزارة الأولى تقربت منهم وقالت لهم من جديد ماذا تريدون، وتدارست وإياهم مطالبهم بشكل عقلاني ، وبشكل جاد ومسؤول، هذا الوضع السائد بين النقابات والسلطات العمومية يعيش للأسف حالة»اللاحرب واللاسلم «، وهي كلها على حساب المريض، والمواطن البسيط. ومن جديد ومن أجل ممارسة المزيد من الضغط، قصد تحريك الوضع من حالة الجمود واللامبالاة التي عليها القطاع تجمّع أمس المئات من الأطباء العامين والأخصائيين، والصيادلة، وجراحي الأسنان، والأخصائيين النفسانيين، القادمين من جميع ولايات الوطن، أمام مقر وزارة الصحة في الحيّز الترابي الذي اعتادوا التجمع فيه. المتجمعون رفعوا العديد من الشعارات ، ونددوا بالصمت المتواصل للوصاية، وطالبوا الوزير الأول التدخل لإنهاء الأزمة بتلبية المطالب المرفوعة، التي أكد الدكتور يوسفي والدكتور مرابط والأستاذ كداد أن وزير الصحة نفسه كان أطلعهم في لقاء سابق على رسالة تعليمات وُجهت إليه من الوزير الأول عبد المالك سلال، ولأن الأمر كذلك هم متعجبون من حالة الصمت التي هي عليها وزارة الصحة، رغم هذا الضوء الأخضر الممنوح لها من الوزير الأول، ولاسيما ما تعلق منها وفق ما قال الدكتور يوسفي أمس بمطالب الخارطة الصحية، والمساكن الوظيفية، والضريبة على الدخل، وغيرها من المطالب الأخرى التي هي من اختصاصها.ونفى الدكتور يوسفي والدكتور مرابط و الأستاذ خالد كداد أن تكون وزارة الصحة بادرت بالاتصال بالنقابات المؤطرة للإضرابات عدا اللقاء الذي نظمته مع نقابة أساتذة التعليم شبه الطبي، والذي انسحبت بموجبه هذه الأخيرة من تنسيقية مهنيي الصحة، وأنهت إضرابها.وندد يوسفي ومرابط وكداد بإجراءات الخصم من أجور المضربين، ومختلف الإجراءات التعسفية الأخرى الممارسة في حقهم، ومنها الإعذارات الموجهة للأخصائيين المضربين في مستشفى بوفاريك، وعبروا عن تدمرهم واستنكارهم للاتهامات والأوصاف الخطيرة الاستفزازية، التي وُجهت لهم من قبل الوصاية والويزة حنون، وأطراف أخرى، حيث وُصفوا بكلمات نابية: »متطرفون«، »شرذمة« وغيرها. وفيما يخص منحتي العدوى والمناوبة، قال الدكتور يوسفي: هاتان المنحتان ليستا الأساس في مطالبنا، ونرفض أن تطبق بأثر رجعي من سنة ,2012 لا من 1 جانفي ,2008 ولماذا التمييز الحاصل في الضريبة على الدخل 35 بالمائة لنا و10 بالمائة للاستشفائيين رغم أننا نقوم بنفس العمل وفي موقع واحد، و ومن باب العدل نقول: كيف أن عاملة النظافة في مصلحة الأمراض المعدية تُمنح لها 4000 دينار فقط والطبيب العامل معها تُمنح له 7200 دينار. وحمّل كل من يوسفي ومرابط وكداد المواطنين مسؤولية الدفاع عن قطاع الصحة العمومية، ومعهم الصحافة والإعلام، والأحزاب السياسية والبرلمان، وعبّروا في ذات الوقت عن استغرابهم من مواقف بعض الجمعيات، وقالوا نريد أن تتحرك كل الناس للدفاع عن القطاع، وهو ليس للعمال الذين يعملون به، بل هو لكل المواطنين. ودق الدكتور مرابط ناقوس الخطر، وقال: قطاع الصحة العمومية مُهدد في كيانه ووضعه، هناك لوبيات يريدون تركيع وكسر القطاع، يريدونه هزيلا ضعيفا يعتمدون عليه في أبسط الأمور. ومطالبنا نحن هي مُرتبة، ويتقدمها تعديل القانون الخاص، وتطبيق المادة 19 من القانون الخاص، الضامنة لحق الترقية التي تهم أزيد من خمسة آلاف، وكذا الترقية للمستوى الثالث، ومعادلة شهادات جراحي الأسنان والصيادلة وغيرها. ومقرر أن تجتمع تنسيقية مهنيي الصحة، وهي من الآن مصرة على مواصلة الإضراب.