يتناول الكاتب والمخرج المسرحي المالي حبيب ديمبلي المعروف ب» غيمبا» في حواره مع « صوت الأحرار» ، والذي سبق له الترشح للرئاسيات المالية 2002 والذي ينزل ضيفا كريما على المهرجان الوطني للمسرح المحترف عضوا في لجنة التحكيم وبعرض مسرحي مسوم ب» لكم الليل « قضية الإلتزام في المسرح ، دور المسرح في إسقاط النظام العسكري والدخول في غمار اللعبة الديموقراطية بمالي كما يفتح قلبه للحديث عن تجربته مع المخرج العالمي بيتر بروك وإطلالة على إقتراحه لحل الأزمة في مالي وأسباب عدم ترشحه في الإنتخابات القامة يوم 28 جوان وقراءة متأنية في الموقف الفرنسي الغامض وإدارته لملف مقاطعة كيدال وغيرها من الأسئلة في صميم الراهن السياسي والثقافي في مالي . ● ماذا عن المسرحية التي قدمتها لجمهور الموقار اليوم في إطار عروض المهرجان الوطني للمسرح المحترف ؟ ¯ هو نص بعنوان « لكم الليل « من تأليفي ويتعلق الأمر بنص طويل تراثي قمت بترجمته من اللغة الأصلية التي نتكلم بها في مالي إلى الفرنسية ويتناول تفاصيل ذاكرة الصداقة التي تجمع بين رجل وآخر وهي بسمات إنسانية عالية وقمت بإخراج العرض في شكل مونودراما وهدفي من العمل الذي قدمته بالجزائر هو تكريم واستحضار روح الحكواتي الإفريقي والقوال وهي تراث مشترك في الثقافة الإفريقية التي تعتمد على الشفوية والحكي وأردت أن أبرز الدور المهم الذي يقوم به الحكواتي في إستقرار المجتمع المحلي وأردت أيضا أن أنقل هذا الموروث الإفريقي إلى الأخر والغرب ليكتشفه وينتشر هذا النوع المسرحي في مالي كثيرا ،» لكم الليل « نص مسرحي مفعم إنساني يعكس ثقافة مجتمعية إفريقية تقيلدية وما يهمني هو هذا التراث الشفوي الذي يندرج في صميم تقاليدنا وتراثنا الأدبي الشعبي وانصب إنشغالي تقديم الروح والقيم الإفريقية للأخر والمرح وكيفية الحكي ●و ماذا عن الرؤية الإخراجية التي صممتها ؟ ¯إخترت فضاء عاري إلا من الإضاءة ، جد بسيط لأن في بيئتنا الحكائية الإفريقية تتغير بصورة عفوية وتتحكم في فضاء العرض وتغيره كما تشاء كما تتغير الصداقة بصور ة والمفصل الثاني هو طريقة قول القوال لدينا لغة جميلة وحية ، أنا ضد إلإفراغ الثقافي والتغريب الثقافي لأن ثقافتي المحلية قوية وواعية وأعتقد أن كل الرجال سواسية وكل اللغات والحضارات والثقافات سواء ، لو وضعت روح نملة والفيل ستتساوى أنا كاتب النص صدر لي الكتاب 2010 ، ووضعت النصين ومزجت بينهما ● تعاملت كثيرا مع المخرج المسرحي البريطاني البارز بيتر بروك بيتر بروك ، حدثنا عن التجربة ؟ ¯ لقد حالفني الحظ وأنا جد سعيد بذلك كون الأقدار جمعتني بالمسرحي المخرج بيتر بروك لأنه من أكبر المخرجين في العالم اليوم وإلى جانب المعرفة المسرحية ومفاتيحها التي أخذتها عنه هناك أيضا الجانب الإنساني وهو الأهم في هذه التجربة ، لأنني إكتشفت أن الإنسان والمسرح عنصران لا يمكن فصلهما واحد عن الآخر ، وأشير أن بيتر بروك بحد ذاته لا يريد أن نطلق عليه تسمية مدرسة والأكيد أنني تعلمت وتلقنت الدرس المسرحي والإنساني إلى جانبه و يعد بيتر بروك من أهم المخرجين المعاصرين الذين حاولوا تجديد المسرح الغربي من خلال تلقيحه بالأشكال الفرجوية لمختلف الثقافات والعمل مع المخرج بيتر بروك فرصة جيدة لرجل مسرح لأن بيتر صاحب تجربة كبيرة ، ومع بيتر نكتشف نتعلم الحياة والمسرح ونكتشف أنه الإثنين لا يمكن أن نفصل بينهما كحالتين . ● وكيف كان التأثير المبتادل بين الثقافة الإفريقية والغربية في التجربة ؟ ¯ الإنسان هو إنسان في أي مكان وفي أي زمان ، طرح سؤال على بيتر بروك في ندوة صحفية على هامش عرض مسرحي في ميلان بإيطاليا ، وسؤل لماذا تتعامل كثيرا مع المسرحيين الأفارقة فأجابهم أنا أتعامل مع ممثلين ، كما أعتقد أن شجرة بدون جذور لا تصمد وأنا جد فخور بتراثي الشفوي واللغوي الإفريقي. ● أنت عضو لجنة تحكيم الطبعة الثامنة للمهرجان الوطني للمسرح المحترف ، ماذا عن إنطباعاتك حول مستوى المسرح الجزائري ؟ ¯ إكتشفت تجارب مميزة وجميلة ، متنوعة الأشكال والتقنيات والجماليات والرؤى في مستويات الإخراج والسينوغرافيا كما أنه هناك نخبة كبيرة من الطاقات الشابة ولمست طاقات من الممثلين الأكيد أنه ثمة حركية وثراء في مختلف الأعمال التي شاهدتها تبشر بالخير، كما أنا جد سعيد لأنني التقيت ،بعناصر اللجنة وعهم ينضحون بالذكاء وتعلمت معهم الكثير وتبادلنا الرؤى والخبرات ، وسعادتي لا توصف لأنني تقاسمت معهم لحظات مسرح وثقافة سمحت لي السباحة في جو من المسرح المميز ، وضمنهم رئيسة اللجنة الدكتورة جميلة زقاي التي تمتلك معرفة أكاديمية عميقة للمسرح . ● وماذا عن راهن المسرح المالي في ضل الأزمة والحرب ؟ ¯للمسرح دوما كلمة قوية يقولها في مالي ،أنا ملتزم سياسيا وإلا لا معنى لوجودي ، وأعترف أنني جئت إلى عالم المسرح من باب السياسة و من جذبني للمسرح هي السياسة لأني إكتشفت أن المسرح من الأسلحة الأكثر قوة وفعالية في التغيير، جئت بالصدفة إلى المسرح ومن أبقاني وشدني في المسرح هي السياسة لأن المسرح سلاح ذو حدين ، وأسترجع هنا مقولة الشاعر الكبير فريدريكو غارسيا لوركا مفاده أن مسرح لا يأخد بالحسبان كل القوى هو مسرح فاشل ، وأؤكد أنه ثمة إهتمام كبير بالمسرح في المالي لأنه مسرح شعبي له جمهوره ومحبيه وكان في مرحلة ما يسود الإعتقاد أن المسرح سوى أداة للتسلية والضحك وكان ينظر لممارسي المسرح أنهم مجرد فكاهيين للتسلية ،لكن بعد النضج والوعي بأهمية المسرح تغيرت الرؤية وولد جيل من الممارسين أثبتوا أن المسرح هو وسيلة وأداة التغيير الديموقراطي وساهم المسرح وكان من الوسائل الأولى من خلال تنبيهاته للفساد والظلم والمعاناة في المالي ما ساهم في انهيار النظام الديكتاتوري والولوج إلأى الديموقراطية والمشاركة السياسية ● هل يعني ذلك أن المسرح إلتزام ؟ ¯ أنا رجل مسرح و رجل سياسي ومناضل من الدرجة الأولى فالمسرح ليس مجرد لعبة سطحية وعبث وضحك فقط بل أداة مهمة يساهم في تطور الإنسان وتفتح وعيه على الواقع والظواهر والحرية من خلال الرسائل التي تتضمنها الأعمال المسرحية وفي تجربة مالي ساهم المسرح بصورة كبيرة في تطوير وتغيير الإنسان وما نقوم به في الحياة فلا معنى له كشكل إلا في إذكاء ممارسة الحرية ،و الإنسانية لا تعني شيئا لو لا خدمتها للإنسان وقيمه وأضيف أنه في مالي ساهم المسرح في سقوط النظام الديكتاتوري وقال كل شيء على الركح وفضح كل الفساد قبل بداية إنهيار النظام وصعود الديموقراطية وقال المسرح وممارسيه ما لم يقله الكثيرين وقبل الجرائد والإعلام والإذاعات الخاصة وحينها قيل عنا نحن ممارسي المسرح منتحرين ، لأننا كنا في ضل نظام عسكري ديكتاتوري ، المسرح في مالي ملتزم نضالي ويناضل ضد كل أشكال اللاعدالة والظلم من أجل عالم أفضل تسوده قيم السلام والحرية . ● ترشحت سنة 2002 في الإنتخابات الرئاسية المالية هل ترشحت مجددا في الإنتخابات القادمة ؟ ¯ كنت مترشحا في رئاسيات 2002 ولم أترشح هذه السنة بل قررت أن أساند مترشح جديد أثق في مشروعه وهو المترشح سومانا ساكو ويعرف ب « زوو» واخترت دعمه لأنه أحسن مني وسيقدم برنامج جديد وكان في السابق وزير للإٌقتصاد ولكنه قدم إستقالته من الحكومة وهو الوحيد المستقيل ، خلال الفترة الديكتاتورية والحكم العسكري ولكن بالمقابل لا يعني إنسحابي من الساحة السياسية بل إنتظروني في السنوات القادمة حيث سأرشح من جديد لمنصب الرئيس ● وماذا عن التعاون الثقافي بين الجزائر و المالي ؟ ¯ أتمنى أ، تتوسع دائرة التعاون والتبادل الثقافي بين الدولتين ولمالا خلق توأمة ثقافية مع الجزائر بواسطة المسرح كحظوة أولى وأفكر الإتصال مع أشخاص لوضع ديناميكة ومشروع مسرحي ثنائي ، كما سأنهي كتاب جديد وعمل مسرحي جديد سيعرض في إيطاليا مع المسرحي دانيال بيناك وجولة مسرحية في فرنسا واللوكسمبورغ والبرتغال وفي شهر سبتمبر سأعرض مسرحية بإيطايليا بعنوان «بابالاجي « وهي نص جديد كتبته. ● كمثقف وسياسي ، ماذا تقترح كحل للخروج من الأزمة بمالي ؟ ¯ مال يحدث في مالاي وتداعيتها قضية جد حساسة وأعتقد أنه ثمة أمل في حل والقضية في طريقها للحل حيث الأمور تسير في طريق جيدة وهناك تطورات وتم إنشاء لجنة جديدة لكن الخطر و الملف الملغم هو كيفية تسوية ملف الطوارق وثانيا موقف فرنسا من حل الأزمة المالية الذي إتسم بعدم الوضوح وكان الموقف الفرنسي غامضا ، نعم كنا سعيدين وشكرنا في مالي فرنسا لأنها أنقذت مالي لكن ثمة ريبة وتخوف من موقفها إتجاه تسيير الأزمة في منطقة كيدال وهو من أدخل الخوف إلى قلب الماليين والشك في وهو ما أدخل ودفع بالماليين إلى التخوف من الدور الفرنسي وأنها تلعب لعبة ما وتسائلنا هل التدخل السريع لفرنسا في مالي هو تعويض عن المرحلة الإستعمارية ؟ لدينا بعض الشكوك في هذا ،وأضيف أنه للخروج من الأزمة علينا أن نكون حذرين من الإنتخابات الرئاسية التي ستجرى بالمالي يوم 28 جوان القادم لأنها موعد مصيري ومهم وخطير ويجب أن نكون حذرين كثيرا لأنه لو أخفقنا في هذه الإنتخابات الديموقراطية ستتطور الأمور وفي الأخير أعتقد أنه تاريخ مفروض