الصراع في سوريا، وعليها، سياسي، وتدخل حزب الله في هذا الصراع سياسي أيضا، فلقد اختار الحزب أن يدخل الحرب دفاعا عن وجوده لأن سوريا هي من تضمن تزويده بالسلاح، وهي التي توفر له خطوط الإمداد، وعندما قرر أن يقاتل من أجل استعادة مدينة القصير الاستراتيجية كان يسعى إلى استرجاع خطوط الإمداد هذه التي تحولت إلى خطوط لإمداد المعارضة بالسلاح والمقاتلين القادمين من كل فج عميق. التدخل في سوريا لا يقلل في شيء من قيمة حزب الله كقوة مقاومة بامتياز، فهو يقاتل ضمن محوره الطبيعي الذي يواجه محاولة إعادة ترتيب المنطقة وفق الحسابات التي شكلت أهدافا لحرب 2006 والتي فشلت إسرائيل في تحقيقها عن طريق العدوان الشامل الذي استهدف لبنان وبنيته التحتية فضلا عن المقاومة وسلاحها، ومحاولة ربط ما يفعله الحزب بأهداف طائفية هو تضليل سياسي مقصود. النظام السياسي في سوريا علماني وهو بالتأكيد لا يشبه في شيء النظام القائم في إيران، والتحالف بين الطرفين سياسي، ومعهما تقف دولة لا علاقة لها بالإسلام هي روسيا، والحديث عن الطائفية والحرب بين الشيعة والسنة هو تحريف للحقائق وتشويه لها، فالصراع سياسي بين محاور معلومة، ومن سوء حظ المعارضة السورية أنها تلقى الدعم من المحور الأمريكي الإسرائيلي الذي تدور في فلكه مشيخات الخليج، وليس هناك من خيار، أما الحديث عن الجهاد في سوريا فهو مجرد هراء لأن الذين يجعلون من العلويين والشيعة أشد كفرا من اليهود والنصارى يقولون في بعض فتاويهم إنه لا يجوز الذهاب إلى سوريا للجهاد. لم يتحول الاختلاف المذهبي في سوريا، وهو قديم جدا، إلى صراع مسلح، والذين يقاتلون في سوريا اليوم باسم الإسلام أو دفاعا عن السنة يعتقدون أن كل الأنظمة العربية يجب أن تسقط لأنها كافرة، غير أن هذا لا يمنع بعض الحكومات من تحريك بعض الرموز الدينية لتبرير الدعوة إلى القتال باسم الدين في صراع سياسي يضع المسلمين وحدهم في مواجهة بعضهم البعض. عندما يصبح بعض المسلمين أشد كفرا من اليهود والنصارى فإن الخطوة التالية ستكون إعلان إسرائيل دولة شقيقة.