يكشف كتاب الباحث لمجد ناصر المعنون ب''أحاديث مع أحمد علي مهساس'' أحد مهندسي ثورة التحرير، مجموعة من الحقائق الهامة المتعلقة بثورة التحرير المباركة بشهادة المجاهد الراحل مهساس ،الذي يفند الإشاعات التي تفجرت بعد سفره للعلاج في فرنسا سنة ,1966 ويؤكد أن الرئيس الراحل هواري بومدين هو من أمر بسفره إلى العلاج، وخصص له منحة قدرها 5 آلاف فرنك فرنسي، وهو ما تؤكد ه إحدى الوثائق التي تضمنها الكتاب لأول مرة بتوقيع بومدين وغيرها من الشاهدات التي تدخل في سجل تاريخ الجزائر. يعد الكتاب الصادر حديثا ضمن منشورات » دارالخليل القاسمي«، مساهمة قيمة في التعريف بأحد رواد الحركة الوطنية الثورية، وتسليط أضواء جديدة على جوانب حفية من حياته النضالية الغنية ومواقفه وارائه في عدد من القضايا الدقيقة والحساسة. كما يضم المؤلف الذي كتب مقدمته الباحث في التاريخ محمد عباس، شاهدات ووثائق تنشر لأول مرة تتعلق بمسار ثورة التحرير المباركة من خلال حوارات و لقاءات عديدة أجراها الكاتب المجاهد احمد مهساس. ومما جاء في تقديم الكتاب» المناضل أحمد مهساس شأنه شأن رفاقه في لجنة» شباب بلكور« أمثال بلوزداد ثمرة طيبة من ثمار حزب الشعب الجزائري وإيديولوجيته الثورية الواضحة في أبعادها التحريرية الاقتصادية الاجتماعية والثقافية. وهو يستمد من هذه الايديوليوجية آراءه في الأحداث و مواقفه من الأشخاص على غرار موفقه من حسين أيت أحمد رفيقه السابق في أركان المنظمة الخاصة. ومن رمضان عبان مساعده السابق في التنظيم السياسي لحركة انتصار الحريات الديمقراطية بالشرق الجزائري.« و قد يلاحظ القارئ منذ الوهلة الأولى، أن الكاتب وهو يحاور الراحل مهساس، قد نجح في استدراجه لتوضيح العديد من النقاط الغامضة على غرارخلافه مع بوضياف حول اللجنة الثورية للوحدة والعمل،وقضية» سليمان لا جودان« أين يكشف مهساس أن لا جودان بعد أن أوقع برابح بيطاط قائد المنطقة الرابعة في منتصف مارس ,1955 انتقل بتكاليف من المخابرات الفرنسية للنشاط في محور تونس-طرابلس، حيث أسس شبكة لرصد عمليات نقل الأسلحة والتبليغ بها وكانت من مهام مهساس الأولى غداة الانتقال إلى الجبهة التونسية الليبية التصدي إلى هذه الشبكة ، فتمكن بعد حين من تحييد عناصرها، قبل القضاء على لا جودان نفسه. فضلا عن قضية عبد الحي و الطالب العربي » قمودي«، أين يخبرنا مهساس أنه تلقى غداة مؤتمر» الصومام «أمرا من احمد بن بلة ومحمد خيضر، بعزل السعيد عبد الحي و الطالب العربي ممثلي الولاية الأولى بتونسي، وإسناد المهام بدلهما إلى ممثلي لجنة التنسيق و التنفيذ، لكنه رفض تنفيذ الأمر، معللا ذلك بسببين، أن عبد الحي أقام بتونس نظاما ثوريا ممتازا ،و انه كان مع عبد الحي والطالب العربي قريبين إيديولوجيا وسياسيا من صالح بن يوسف الخصم السياسي لبورقيبة يومئذ. ويقدم مهساس تفسيرا جديدا لكثير من قضايا الثورة. كما يخصص الكتاب فصلا توضيحيا هاما بعنوان »خلافي مع بومدين« يفند فيه مهساس الإشاعات التي تفجرت بعد سفره للعلاج في فرنسا سنة ,1966 ويؤكد أن بومدين هو من أمر بسفره إلى العلاج، وخصص له منحة قدرها 5 آلاف فرنك فرنسي، وهو ما تؤكد عليه إحدى الوثائق التي نشرها الكتاب لأول مرة بتوقيع بومدين. كما يتضمن الكتاب محطات من حياة الراحل و المجاهد احمد علي مهساس وأغلبها سبق وأن نشرت على طيات جريدة »صوت الأحرار« ويعترف المؤلف أن محتوى الكتاب هو مجرد رؤوس أقلام في مسيرة رجل من مهندسي ثورة التحرير و من أقطاب الحركة الوطنية قبل اندلاع ثورة التحرير. ويقول الكاتب » أحمد مهساس ليس من اليسر أن تقتفك منه تصريحا أو شهادة خاصة ،فيما يتعلق بمرحلة ما بعد الاستقلال، فلعل طبيعة نضاله السريان مرحلة الحركة الوطنية، وخلال الثورة، وحتى انضمامه للمعارضة بعد الاستقلال صقلت سيرته وجعلته ينجح إلى التكتم وينطق بنصف الكلمة، لكن رغم ذلك حين تفاتحه حول موضوع الواقع العربي أو قضايا الساعة في الوطن الجزائري يحدثك بلغة الملم بسائر جوانب الموضوع، بل يغوص بك في أعماق التاريخ ليصل بك إلى الرأي الذي يراه صائبا.« وعن شخصية الراحل يقول الكاتب»جد متميزة فبقدر ما تجده عنيدا ومتشبثا بقناعاته ومواقفه التي سببت له العديد من المتاعب طيلة حياته، والتي وصلت إلى حد تصفيته جسديا العديد من المرات، إلا أنه في المقابل تراه يصنف الرجال، فرغم خلافه العقائدي مع بومدين، والتشويه الذي تعرض له خلال هذه الفترة، فانه يعترف بأن الرجل حقق منجزات هامة في الجزائر. وذيل كتاب »أحاديث مع أحمد علي مهساس » الصادر في144 صفحة من الحجم المتوسط ،بمجموعة الوثائق والصورالفوتوغرافية للراحل وهو في أحضان أبناء الجزائر العميقة. للإشارة، فان الكاتب لمجد ناصر باحث في تاريخ ثورة التحرير للجزائرية له عدة بحوث تاريخية ومقالات سياسية نشرت في الصحافة الوطنية، صدر له كتاب عن فكر وحياة ونضال ناصر الدين دينيه سنة .2010