إن ما يشهده حزب جبهة التحرير الوطني، من شد وجذب بين قياداته، قد يكون مؤشرا إيجابيا على أن مسلسل الاختلاف في وجهات النظر قد يحد طريقه إلى تحكيم العقل وتغليب المصلحة العليا للحزب على المصلحة الذاتية،إدراكا من الإخوة الفرقاء بأنه في غياب أو إضعاف الحزب، لا مجال للحديث عن انعقاد دورة اللجنة المركزية. لقد تأكد للجميع، بعد أشهر من التمترس في الخنادق المتقابلة،أنه ليس من مصلحة أي طرف إجهاض الحمل قبل الأوان ولا في مرض الأم فضلا عن وفاتها، لأن ذلك سيكون كارثة على الجميع. إن دورة اللجنة المركزية المقبلة يجب أن تكون عرسا آخر من أعراس الأفلان، يتبادل فيه مناضلوه التهاني، لأن الأزمة قد ولت ولأن الدار العامرة بأبنائها قد استعادت حيويتها، ذلك أن الحزب حزبهم وهو ملك لكل إطاراته ومناضليه، لكن على أن لا يعني ذلك تدمير الحزب وتقديمه على طبق من فضة أو من ذهب إلى خصومه ومنافسيه. إن المناضلين لا يصدقون ما تراه أعينهم من مشاحنات وملاسنات بين مناضلين يضرب بهم المثل في النضال والتضحية والتماسك والتلاحم في ظروف ومنعطفات أخطر مما يعرفه الحزب منذ شهور، وما بالنا إذا كانت الأمواج العاتية التي تهز المحيط تتهدد السفينة ذاتها بينما زربانهاس غارقون في التخاصم. إن ما يتوجب على أبناء الأفلان، كل أبناء الأفلان، الانتباه له هو أن الظرف حساس ولا مجال للمغامرة بمستقبل الحزب الذي يمثل استقراره وتماسكه دعامة أساسية لاستقرار الوطن، وحري بكل قيادي وبكل عضو في اللجنة المركزية أن يدرك أن الأفلان يجتاز اليوم مرحلة صعبة، وإذا كان من الطبيعي أن تتباين الرؤى وتختلف التقديرات، بل وتتنافر المصالح، فإن النضال الصادق والانتماء الأصيل يفرض أن تتقاطع كلها وتلتقي عند المصلحة العليا للحزب، التي يجب أن تتجسد اليوم في الوحدة، مع الإصرار على جعل دورة اللجنة المركزية فرصة سانحة لتمتين هذه الوحدة وتحقيق الفوز للحزب وللجزائر. إن الاختلاف حول موعد انعقاد الدورة المقبلة للجنة المركزية والجهة المخولة باستدعائها، له ما يبرره من آراء ومواقف، ترتكز على تقديرات ورؤى كل طرف، لكن ينبغي أن يكون حسم هذا الاختلاف بالحوار والامتثال لنصوص الحزب والاعتماد على الوسائل الديمقراطية ووفقا لما يقرره ويتفق عليه أعضاء اللجنة المركزية، ومن هنا فإن مسؤولية الجميع مسؤولية عظيمة في الوصول إلى تفاهمات تستوعب كل الخلافات وتضمن الاتفاق على عقد الدورة في أجواء هادئة وفي ظروف ملائمة، وعندها فليتنافس المتنافسون. إن الساعة الآن لتوحيد الصف، حتى لا يكتب التاريخ عن هذا الطرف أو ذاك، أنه حقق الهزيمة ليس فقط لنفسه بل لحزبه، لأن الخسارة حينئذ ستكون من نصيب الجميع..إنه نداء لأعضاء اللجنة المركزية إسما إسما، حتى يتحمل كل واحد مسؤوليته التاريخية قبل فوات الأوان. إن الأفلان يستصرخ فيكم الضمير ويدعوكم إلى أن تكونوا على قلب رجل واحد ، من أجل حزبكم ووطنهم .