في آخر عرض مسرحي يدخل المنافسة الرسمية لفعاليات المهرجان الوطني لمسرح الهواة في طبعته ال46 إستمتع جمهور دار الشباب ولد عبد الرحمان كاكي بالعرض المميز » إفريقيا 50 35 » لورشة التكوين المسرحي التي أدارها المسرحي المخرج بوجمعة الجيلالي رئيس فرقة الموجة بصلامندر عن نص المؤلف والمخرج المسرحي ولد عبد الرحمان كاكي الموسوم » إفريقيا قبل واحد » وجزء من نص المسرحي الكونغولي مكسيم نديبيكا وقال المخرج بوجمعة الجيلالي أن العمل عبارة عن ورشة تكوينية تضم نخبة من هواة المسرح من ولايات عديدة واستمرت 7 أشهر من التربص كما أن العمل إستنفذ ميزانية قليلة جدا ويعكس أن المسرح لا يحتاج إلا للإيمان بجدواه كما أن دلالة العنوان مرتبطة بالذكرى ال50 لاسترجاع السيادة الوطنية والذكرى ال35 لتأسيس فرقة الموجة المسرحية . استطاع العرض أن يعيد إلى الحلقة قوتها وللجسد المسرحي جدوته وعنفوانه خاصة من خلال حركات وتفاعل الشباب من الممثلين الذين لم يبخلوا على الجمهور بالاهازيج والحركة التي أبهرت الجمهور خاصة أنها جدست الحلقة بعيدا عن الركح المسطح لخلق الحميمية مع الجمهور وإقحامه في العملية المسرحية وتواصلت مغامرة جيلالي بوجمعة مخرجا وممثلا حيث تجربته الأولى مع المسرح بدأت من بوابة التكوين، وهو في الأصل متخصص في تدريب الممثلين وتهيئتهم جسديا حتى يكونوا أكثر مرونة في أداء أدوارهم، وبعد سنتين من تأسيس مسرح مستغانم للهواة سنة 1967 على يد الراحل الجيلالي بن عبد الحليم وآخرين، وجد جيلالي بوجمعة نفسه ضمن فرقة فن الخشبة التي سرعان ما غادرها ليؤسس مسرح الإشارة مع الفنان جمال بن صابر، لكنه غادر تلك الفرقة باحثا عن نوع من المسرح يشبهه. تعد تجربة الموجة من بين التجارب الأكثر نجاحا في اكتشاف نموذج لمسرح جزائري أصيل شعبي الجوهر نابع من أصالة وتقاليد هذا الشعب، حيث تستعيد الأشكال المسرحية الماقبلية أغاني المآثر الشعبية حيويتها، وتكيف للعرض المسرحي إذ خلص كاكي الذي تستند له الرؤية المسرحية للعرض إلى إبراز اللغة المسرحية التي تتخذ هويتها وميزتها من التراث الثقافي الشعبي الذي يستلهمه،وتهذيب الوسيط الفني الملائم والمدروس الذي يوحي به في تأسيس وتأصيل خطاب مسرحي جزائري له شكله وقالبه الفني الخاص به، والمغاير للشكل المسرحي الأوروبي. السمة الغالبة على مسرحيات كاكي، هي إيجاد الوسيط الفني الذي يحول لغة المآثر المفتوحة على عدة دلالات إلى صور مجسدة بالحركة والصوت على خشبه المسرح، اقتناعا منه بان المسرح هدفه العرض بالدرجة الأولى، لذا ينبغي تلخيص الكلام المطول واختزاله بحركات الممثل وإيحاءاته التي تترجم بصدق وبصيغة فنية موافقة للشخصيات وردود أفعالها، فعلى هذا الأساس تغير أسلوب المسرحية عند كاكي إلى أسلوب جديد، هو اعتمادها على الحركات والإيحاءات وإبراز مواقف الشخصيات بطريقة محكمة، فاختار بحثه المسرحي بمحاولته الدائمة لإعادة راهنية الطرق التبليغية المهددة اكثر فاكثر بالزوال، وبفعل عصرنة المجتمع الجزائري عن طريق استعماله للغة تعبيرية درامية تجمع بين الأصالة والمعاصرة يتجه بها إلى الأوساط الشعبية ليدرس عادتها وتقاليدها. لقد وظف ولد عبد الرحمن كاكي لغة محكية خاضعة لمنطق السرد أنها لغة تراثية مشحونة بالإيحاءات والرموز تفيد في تطوير المعاني والأفكارهذه اللغة الشعرية الملحونة التي جاءت على لسان المداح أرادها كاكي أن تكون لها دلالة تراثية والأساطير والقصائد في أعماله المسرحية، وارتباط مسرحه بالتراث الشعبي جعل من مسرحياته عبارة عن لوحات تاريخية أو أسطورية .