يستعرض الكاتب والأديب واسيني الأعرج من خلال الحوار جديده الإبداعي في عالم نسج الرواية ويكشف لس صوت الأحرار ز أنه بصدد كتابة نص روائي جديد يتناول تجربته الشخصية ويروي جانب من معاناته وهو يسترجع شريط ذاكرته وهو طفل يشاهد كيف يلقي عناصر الجيش الفرنسي القبض على والده خلال الثورة الجزائرية وهو الوالد الذي لم يشاهده بعدها وأصبح شهيدا بدون قبر إلى اليوم كما يتحدث صاحب « شرفات بحر الشمال « عن مرارة الغياب وغيرها من القضايا . تعود في روايتك التي أنت بصدد كتابتها إلى جراح التاريخ ، والتجربة الشخصية ، ما هي مبرارات خياراتك وهل روايتك سيرة ذاتية ؟ توقفت لفترة وسأعود قريبا إليها ، العنصر الذاتي بالنسبة لي أحيانا تيمة مهمة ، و جزء كبير من الرواية حقيقي فالوالد رحمه الله شهيد مات تحت التعذيب عام 1959 في الفترة الإستعمارية وإلى اليوم لا نعرف أين دفن ولا قبر له لنزوره ....؟؟ ومنذ سنوات وأنا مسكون بهذا الغياب و أبحث وأفتش في تفاصيل هذا الغياب الصادم ، وانطلقت بعدها في البحث في الموضوع وتحصلت على معلومات حيث اتصلت بأشخاص كثيرين الذين عايشوا الحقبة وجايلوا الوالد حتى وصلت بعد جهد إلى الشخص الذي كان يشرف والمكلف بتنظيف وكنس زنزانات السجن الذي كان والدي متواجد فيه وقال لي أن آخر مرة شاهد فيها الوالد رحمه الله لما أخد منتصف الليل من زنزانته عنوة وعادة لما يؤخذ السجناء منتصف الليل فهم لا يعودون من جديد عادة ،وكشف لي أن مسؤول السجن طلب منه أن ينظف الزنزانة لإستقبال سجين جديد ، ولا أخفي ألمي وقد تأثرت كثيرا لهذه التفاصيل المؤلمة واشتغلت في ذاكرتي على هذا التفصيل وقد رويت ذلك لإبني وسيم الذي يدرس القانون الدولي والعلوم السياسية ومهتم بدراسة حقوق الإنسان بجامعة بباريس الغريب بفترة دخل إلى موقع على الإنترنيت خاص بالمنطقة التي أنحدر منا ومخصصة التي خصصت للمعلومات العسكرية خلال تلك الفترة بالذات واستطاع الوصول إلى قائمة تضم الضباط والعسكريين الموجودين خلال الفترة وحتى الضابط العسكري الذي كان يدير السجن حينها وهو طاعن في السن ودخل معه في محاورات لكنه لم يحكي له عن جده وتفادى بل ناقشه في قضايا سطحية حتى لا يثير شكوكه و بذلك استطاع تحديد الفترة التي شغلها العسكري في المنطقة التي أنحدر منها حيث شغل منصب كبير في الفترة الممتدة ومن 1957 إلى 1960 وسأله : هل هناك أحداث ميزت سنة 1959 فقال له العسكري الفرنسي أنه أحداث مهمة منها تم وضع سجناء ثوريين في السجن وأضاف له أنه هناك مناضلين تم إعتقالهم وكانوا مهمين بالنسبة للثورة فتم تسليمهم لجهات مختصة وكان لهم دور حاسم في المنطقة دون أن يعترف له أنه تم إعدامهم ، وفي هذه المرحلة من الحوار المتقدم والمتقدم طلب مني ابني إذا كان عليه أم لا طرح سؤال للمسئول العسكري على السجن بالمنطقة التي سحن فيه جده بالضبط خاصة وأن العسكري يمتلك وثائق ومعلومات حول المساجين الذين مروا على السجن الذي إختفى منه الوالد وسجلات ،و الأكيد يكون عارف فقلت له لديك حلين إما سؤاله أو لا لأن المهم يكمن في الجواب الذي سيكون إما الصمت أو أنه ستتحول أنت بالنسبة إليه إلى مرآة وسيرى فيك ماضيه وبالتالي ستتملكه الجرأة للحكي وذلك أمر نادر وقلت له أن الصمت أيضا هو إجابة، ومن هنا إنطلقت في كتابة رواية مبنية على المراسلات التي تتم بين الحفيد الذي يريد الحقيقة والجلاد الذي يمتلك الحقيقة ولا يريد الإعتراف بها حتى في آخر الرواية يقول له الجلاد شكرا أفلحت في أنك جعلتني أحكي على فترة غامضة وداكنة في حياتي والآن أستطيع أن أموت وأنا مرتاح بعدما كنت رافضا للحديث خاصة أنه في المستشفى ويعاني من مرض السرطان الذي ينخر جسده ، توجهي لرواية المراسلات ترجع أساسا إلى تأثري بإحدى روايات للكاتب كارلوس فوينتيس حول الديكتاتورية وأثرت في وبقيت في ذهني بعنوان « موقع النسر» ويحكي كيف يتحلل الديكتاتوري ويتفسخ وفكرة أدب المراسلات إستهوتني ودفعتني للكتابة لأنها تتوافر على عنصر الحميمية . هل إخترت عنوانا لروايتك القادمة ؟ لم أستقر بعد على عنوان بل هي مجرد عناوين فرعية وستصدر الرواية خلال موسم 2013 2014 روايتك تتناول جراح الذاكرة الشخصية ؟ فكرة الرواية بدأت منذ سنوات لكن إبني منذ سنتين وهو يبحث وينبش في الموضوع دفعني وحفزني لكتابة النص الروائي وبرمجت صدور الرواية موسم 2014 . تحمل الرواية دلالة بالنسبة لك باعتبارك إبن شهيد مجهول القبر هل تطالب فرنسا إبداعيا الإعتراف بالجرائم ؟ من الناحية الرمزية أدفع الجلاد إلى الإعتراف بما إقترفه من جرائم ولكن لا أحمل أي أحقاد أو ضغائن لأنني آومن أن الشعوب فيها الجيد والإنساني وفيها الشرير المجرم حيث هناك رجال كبار من فرنسا ذاتها ساندوا الثورة الوطنية و هناك شخصيات مؤثرة دعموها ضمنهم شبكة جونسون ومثقفين من طراز موريس أودان لكن في المقابل هناك فرنسيين مجرمين منهم السفاح لوبان والمفارقة أن كلا الرجلين فرنسي وبالتالي السؤال هل يشبه المناضل موريس أودان الجلاد والمجرم لوبان ؟؟ فموريس أودان ثوري ومناضل كبير والثاني جلاد ومجرم حرب ولهذا على الجزائريين الحذر يجب أن نحذر أن لا نضع الصديق في نفس مرتبة ومكانة العدو وبالتالي ليس لدي عداوة في المطلق بل العداوة ضد المجرم نعم ، المجرم يجب أن يدان أو ويجب أن يعترف بجريمته هناك مسافة التاريخ أجيال أخرى وقد ورثت لإبني عدم الحكم على الأشياء بل البحث عن الحقيقة وهو أساسي وبذلك عبر الرواية سيصل إليه وعن طريق المراسلات أوصلت الشاب إلى إكتشاف الحقيقة والتواصل مع الجلاد الذي أصبح يرى حقيقته في مرآة الشاب وإن كان الشاب حيادي ليس شاهدا بل بفضل الشحنات التي وصلته من خلال الشهادات ، أنا شاهدت كيف أخدوا الوالد ولم أشاهده وهو يتعذب ،ورغم أن ولدي من جيل ال 80 لكنه حامل للذاكرة الجمعية والتاريخ . تنهل روايتك «رماد الشرق « مجددا من منابع التاريخ التي لا تجف والخيبة العربية سياسيا وثمة إسقاط على الراهن العربي وثوراته الفصلية....لماذا ؟ نعم ثمة إسقاط بشكل مباشر في متن الرواية على الواقع العربي لأن ما نعيشه حاليا قد يحتاج إلى تمعن وتأمل أكثر وأشير أن ال 100 سنة الماضية هي التي صنعت هذا الراهن العربي وكواليسه ، من أين جاءت هذه التقسيمات ومن غرس الديكتاتوريات في العالم العربي ومن وراء تهميش المثقفين والممارسات ضد الحرية حتى الغرب وأطماعه في الماضي ، والغريب سميت سنة 1918 الثورة العربية الكبرى لأنها حاولت إخراج الإستعمار التركي والألماني بمساعدة إنكليزية وفرنسية بينما في السر ترمي إتفاقية سايكس بيكو إلى تقسيم بلاد الشام إلى لبنان والأرٍدن و سوريا الحديثة ولواء الأسكندرونة الذي منح لتركيا ، فالعرب لم يعرفوا بأن التقسيمات بهذا الحجم والأهداف وهنا يبرز دور لورانس العربي الذي إعتقد العرب أنه ساعدهم وهو شخصية محورية في الرواية لكنه كان في لحقيقة جاسوسا وكان يحقق أهداف بريطانيا وليس القضايا العربية وحينما إنتهت الثورة وهزم الألمان في الحرب العالمية الأولى أخرج الأتراك من بلاد الشام وقسم الوطن العربي شر تقسيم وما يحدث اليوم بصراحة فيه جزء منه ولا أقول أن الأنظمة العربية ليست ديكتاتورية بل ديكتاتورية ونصف ويجب أن لا تزول بل العكس جزء كبير منها لا بد أن تزول لكن بالمقابل للأسف و في الوقت نفسه البدائل التي تطرح ليس نحن العرب التي نضعها بل تصنع لنا في المخابر الغربية وعلينا أن نقبل بها .