قدم المسرح الوطني الجزائري محي الدين بشطارزي ، أول أمس، العرض الشرفي لعمل مسرحي جديد باللغة الامازيغية بعنوان ''تروي تبروي'' أو ''أختلطت و تعقدت''. تدور أحداث هذا العمل الجديد للمخرج احمد خودي و المترجم عن نص عالمي للكاتب المسرحي اوجين اونسكو بعنوان»هذيان اثنين« في شقة متواضعة تتحول إلى ميدان لمعركة شرسة بين زوجين تزداد حدتها بتبادل التهم و اللوم بين الرجل و زوجته على خلفية حرب دائرة على مقربة من بيتهما. لكن أصوات القنابل و الرصاص المتصاعد من حول البيت لا تثن من عزيمتهما في المضي قدوما في معركة دون رغبة أي طرف في غض الطرف حتى لما بدأت أجزاء من الجدران و السقف تتساقط فوق رأسيهما لم يبدي أي منهما رغبة في التراجع أو الاستسلام. والحوار بين الممثلين نبيلة إبراهيم و عبد النور يسعد وضع مأساة ما آلت إليه حالة الزوجين بعد 17 سنة من الحياة معا حيث أضحى واقعهما مسرحا لصراعات يومية لأتفه الأمور و لم يعد هناك مكان للحب أو التفاهم. ورغم الأحداث المأسوية التي تعالج المسرحية من خلال الزوجين اللذين يشكلان في واقع الأمر عالما مصغرا للمجتمع وللعالم لم يخلو الحوار من الطرافة والفكاهة وهو ما تجاوب معه الجمهور . فقد أبدى الممثلان انسجاما مع النص ونجحا في توظيف اللغة الامازيغية التي تتميز بخيال وصفي واسع وتمكنا من إبلاغ الرسالة بكثير من المرونة وخفة الظل أنسى المتلقي برودة وثقل بعض المواقف خاصة و أن الجو كان مثقلا بالضجيج وذوي الأسلحة و انفجار القنابل. واستمتع الجمهور على قلته بالعرض حيث أكد الكثير منهم ل»وأج «أن المسرح الناطق بالامازيغية الذي بدا يعمل حديثا مقارنة بالمسرح الناطق بالعربية أصبح مع الوقت أكثر نضجا. قام بترجمة النص الأصلي الذي كتبه المسرحي الفرنسي ذي الأصول الرومانية في 1962 الممثل ناصر موحاش و هو خريج »المعهد العالي لمهن السمعي البصري وفنون العرض« سنة 2008 ويشغل حاليا ممثلا حرا في المسرح والسينما و يهتم بوجه خاص بالكتابة المسرحية باللغة الامازيغة. و شارك في التمثيل قاسي شابي ومصطفى نايت علي . وقد صرح المخرج احمد خودي بخصوص اختياره لهذا النص انه يحب كثيرا أعمال يونسكو وسبق له وأن قدم مسرحيات لهذا المؤلف مثل ''الدرس ''سنة 2000 . وقال أن ما أعجبه في نص هذه المسرحية الجديدة هو تلك النظرة العميقة و الحزينة في نفس الوقت لطبيعة الإنسان انطلاقا من قصة زوجين وهما يمثلان في الواقع صورة مصغرة لما يجري في العالم من صراعات مضيفا أن هذا العمل يذكرنا أيضا بما تعرفه المنطقة العربية منصراعات. عن العنوان »تروي تبروي « قال انه استلهمه من أغنية اشتهرت في الستينات للمطرب القبائلي الراحل سليمان عازم. و ستعرض هذه المسرحية في كل من تيزي وزو و بومرداس و البويرة كما سيشارك بها المخرج الذي قدم أعمال أخرى بالامازيغية في الدورة المقبلة من مهرجان المسرح الامازيغي لمدينة باتنة من 10 إلى 18 ديسمبر. يذكر أن أحمد خودي خريج المعهد الوطني العالي لفنون العرض و التوزيع ببروكسيل عام1982 وهو اليوم مخرج مسرحي و أستاذ بالمعهد العالي لمهن السمعي البصري و فنون العرض لبرج الكيفان أخرج أكثر من 20 عملا للمسرح الوطني و المسارح الجهوية لكل من عنابةوبجاية و وهران. وكان مديرا للمسرح الجهوي بجاية من 1989 إلى 1992 و مدير فنيا للمهرجان الوطني للمسرح للجزائر طبعة 2006 و نال جائزة أحسن إخراج في مهرجان المسرح المحترف بمسرحية »دار برناردا البا« في 2011 كما فاز بجائزة الإخراج عن مسرحية بالامازيغية »اموين يترجون ربي« بمهرجان المسرح الامازيغي لباتنة.