تتعرض العديد من السيدات المتزوجات للعنف من طرف أزواجهن، ولكل منهن حكايتها الخاصة والمؤلمة في آن واحد، حيث يواجهن يوميا الضرب المبرح والسب والشتم، وكذا التهديد بالقتل ورغم تلك الظروف الصعبة التي تعيش فيها إلا أنهن تفضلن التكتم وتحمل تلك السلوكات خوفا من لقب »مطلقة« في مجتمع لا يرحم. ناديا موظفة إدارية بإحدى الشركات الخاصة، واحدة من النساء اللاتي تقربت »صوت الأحرار« منهن، حيث روت لنا قصتها قائلة بأنها تتعرض للضرب المبرح من زوجها بشكل متكرر إلى درجة أنها اعتادت على ذلك، والسبب في الكثير من الأحيان يكون تافها ففي أحد الأيام وبمجرد دخولها المنزل بعد عودتها من العمل طلب منها زوجها تحضير القهوة له، فردت عليه بأنها ستحضرها له ولكن بعد أن تستريح قليلا، فبدأ بالصراخ والسب والشتم، وخوفا من هذا الأخير طلبت منه الهدوء واعتذرت منه ليقوم بصفعها صفعة » شفت النجوم من خلالها« على حد تعبيرها كما قام بسحبها من شعرها، مضيفة بأنها ترجته حتى يتركنها لكنه زاد غضبا، وقام بتكسير جميع الأواني المنزلية ورميها في ساحة المنزل، ولحسن الحظ لم يكن الأبناء في المنزل. الضرب والشتم قدر العديد من النساء هذه ليست القصة الوحيدة التي تمثل أشكال العنف الممارس من طرف الأزواج ضد زوجاتهم، فهناك نساء يصلن إلى حد التهديد بالقتل وهو حال زهرة طالبة جامعية تدرس لتتحصل على شهادة الماجستير، وبحسب ما ورد على لسانها فقد أقدم زوجها على تهديدها بالقتل بسبب رفضها منحه المال، ففي كل مرة يطلب منها تأمين مبالغ خيالية يصرفها في القمار، وأضافت الضحية وهي تذرف الدموع »لم أكن أعلم بأن زوجي يتعاطى المخدرات والكحول ويمارس القمار«، مشيرة إلى أنها لا تتمكن من البوح بسر تعرضها للضرب والتهديد من طرف زوجها لأنها تخاف من ردة فعل أبيها وزوجته، قائلة »لو كانت أمي حية لما عانيت ما أعانيه الآن، لا يمكنني العودة إلى منزل والدي مطلقة فإن فعلتها لطردتني زوجة أبي« مشيرة إلى أن زوجها يعاملها بطريقة لا يتقبلها العقل ولا المنطق، فهو يشبعها بوابل من السب والشتم ويحاول في العديد من المرات ضربها بأية أداة تتواجد بقربه. الضرب والشتم ليس الشكل الوحيد للعنف الذي تتعرض له المرأة بل يتعدى ذلك إلى الحرق وإحداث تشوهات جسدية، وهو ما تعرضت له مليكة التي ترقد الآن بمستشفى مصطفى باشا الجامعي بعد تعرضها لجروح بليغة في مناطق مختلفة من جسمها، حيث روى لنا ابنها مراد قصة أمه الحزينة قائلا بأنه مع اقتراب موعد العشاء دخل والده إلى المنزل وهو في حالة غضب شديد حيث اتجه إلى المطبخ مباشرة أين تتواجد الوالدة وطالبها بمبلغ مالي كبير، وعندما رفضت منحه إياه قائلة له بأنه سيستخدمها لشراء المخدرات، أصر عليها ثم تهجم عليها محاولا خطف السلسلة الذهبية من رقبتها، ويضيف مراد أنه حين سمع صراخ أمه قام بالتدخل، لكن والده قام برفع القدر الذي كان فوق الفرن وسكبه على جسد الأم وأصابها بحروق بليغة، ولم يكتف بذلك بل ثار غضبا وأخذ يلقي بالأواني الزجاجية هنا وهناك بحيث أصيب مراد ووالدته بجروح جراء تناثر الزجاج، مشيرا بأنها ليست المرة الأولى والوحيدة التي تتعرض أمه للضرب والاعتداء من طرف والده. في الكثير من الأحيان يكون سب العنف ضد المرآة هو تعاطي الزوج لأشكال مختلفة من المواد المسكرة والمخدرة وهذا حال صبيحة أستاذة الأدب العربي بإحدى ثانويات العاصمة والتي تعرضت للضرب والتعذيب من طرف زوجها. حيث أكدت صبيحة أن زوجها يتعرض لها بشكل يومي بالضرب والتعذيب ناهيك عبارات السب والشتم، وعمليات الطرد التي تتعرض لها في كل مرة خاصة وأنها يتيمة الوالدين وليس لديها مكان تلجأ إليه، لكن القطرة التي أفاضت الكأس وجعلتها تتقدم بشكوى ضده هو ما حدث لها بسبب حالة السكر التي كان عليها زوجها، حيث قام باستفزازها وشتمها نظرا لتأخرها في تقديم الطعام، لتفاجأ بردة فعله لما انهال عليها بالضرب بواسطة عصا مكنسة، متسببا في فقدان أحد أسنانها ونزيف حاد، مشيرة إلى أنها قدمت شهادة طبية تثبت عجزها مدة 20 يوما، وعلى هذا الأساس تم توقيف المتهم بأمر من وكيل الجمهورية. وفي نفس الموضوع قالت مريم محاسبة بإحدى الشركات الوطنية بأنها نجت من الموت المحتم جراء اعتداء زوجها عليها، حيث قام هذا الأخير بضربها ضربا مبرحا، بسبب طلبها منه أن يقوم بإخراجها ودعوتها إلى التنزه كونهما متزوجين حديثا لكنه رفض الأمر ورد عليها بأسلوب عنيف، ليحدث بينهما نزاعا فحين رفعت صوتها عليه قام بضربها ضربا مبرحا ولولا تدخل حماتها لكانت تعرضت للموت المحتم، وبناءا على ما حدث سارعت إلى مركز الشرطة وقامت بإيداع شكوى ضد عريسها بتهمة الضرب والجرح العمدي، مشيرة إلى أنها كانت واعية بضرورة عدم التعرض للعنف وحقها في العيش الكريم. وللرجال رأي أخر حول الموضوع فمنهم من قال بأن الرجل الذي يتعرض لزوجته بالضرب المبرح والمؤدي إلي إحداث ضرر جسدي لها فهدا الخلل يكمن فيه، حيث قال زكريا بأنه ضد ضرب المرأة إلا في حالة واحدة حين ترتكب خطأ فادحا ويجب أن يكون الضرب تأديبي وليس مبرحا، في حين قال سمير بأنه لا يقوم بضرب أخته حتى لو قامت بفعل يزعجه فكيف يقوم بضرب زوجنه وشريكة حياته، ولرضوان رأي أخر في الموضوع حيث قال بأنه يجوز ضرب المرأة وهو يقوم بضرب زوجته كلما أخطأت، فهو يعتبر الضرب لتربية المرأة لتصبح تخاف من الرجل. على المرأة المعنفة زيارة طبيب نفسي ومن جهتها اعتبرت الأخصائية النفسانية حميدة.م بأن المرأة المعنفة تعاني في اغلب الأحيان من مشاكل نفسية عديدة أهمها الاكتئاب المزمن والقلق الشديد، وهذا ينعكس سلبا على حياتها اليومية وعلى علاقاتها بأفراد المجتمع وخاصة أولادها، ناهيك عن وجود عدوانية في تصرفاتها مع أفراد المجتمع فهي في الكثير من الأحيان تعاني من الخوف والرعب، كنتيجة لذلك فهي تلجأ في الكثير من الأحيان الى الانتحار وفي نظرهن هي الطريقة المثلى للتخلص من العنف الممارس ضدهن، لذا يتوجب على المرأة التي تعاني العنف بزيارة طبيب نفسي، قبل أن تصل الى حالات الانتحار. وليس العنف الجسدي فقط الذي تعاني منه المرأة بل حتى العنف المعنوي وهو أخطر عنف ممارس ضد المرأة تقول حميدة بحيث يتم إسماع المرأة كلمات تضعف شخصيتها وكيانها كامرأة، وهذا يحدث لها خلل في شخصيتها حيث تصبح ترى نفسها وكأنها لا شيء وهذا الشعور يؤدي الى هدم شخصيتها، فعلى المرأة تحدي كل الصعوبات وفرض شخصيتها وكيانها كامرأة حرة تستحق كل الاحترام. أما من الناحية القانونية فيقول المحامي»سيد علي.ن« بأنه على المرأة التي تتعرض الى العنف بإيداع شكوى ضد الزوج المعتدي عليها مفادها التعرض للضرب والجرح العمدي، ليتم من خلالها استدعاء الجاني أمام وكيل الجمهورية ليتم سماعه وفي حال ثبوت التهمة المنسوبة إليه فهو معرض للحبس لمدة تتراوح ما بين 6 أشهر الى 5 سنوات حسب الضرر المسبب للضحية.