لم يكن الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عمار سعداني، خلال إشرافه على اللقاء الذي جمع نواب الحزب بغرفتي البرلمان، لم يكن متشنجا ولا متوترا ولا غاضبا، بل على العكس من ذلك كان هادئا ومرتاحا ولم يلق بالا إلى الإشاعات والأقاويل، وفضل التركيز على الأساسيات، واضعا النقاط على الحروف، بخصوص عديد القضايا، ذات الصلة المباشرة بمواقف حزب جبهة التحرير الوطني، من خلال تأكيده على: - احترام الشرعية الدستورية وعدم المساس بها، لاسيما فيما يتعلق بمنصب رئيس الجمهورية والبرلمان بغرفتيه. وإن الذين يسعون للمساس بمنصب رئيس الدولة قصد الوصول إليه بشتى السبل، عليهم أن يدركوا أن رئيس الجمهورية تم انتخابه بطريقة شرعية من قبل المواطنين ليس فيها أي لبس، وما عليهم إلا انتظار تاريخ انتهاء عهدته سنة 2019. - إن مهمة أحزاب المعارضة منحصرة في البحث عن كرسي الرئاسة دون سواه، إن ما يدعو للاستغراب هو أن الأحزاب التي تسمى ب»التنسيقية« ترفض الانقلاب الذي حدث في مصر وتريده أن يقع في الجزائر. - إن مطالبة المعارضة بحل البرلمان لكونه- حسب رأيها- "غير مؤهل للنظر في وثيقة الدستور"، عمل سياسي خبيث، لأنها تريد المساس بأهم مؤسسة دستورية. - إن رئيس الجمهورية »مازال« في انتظار الأحزاب المعارضة لتقديم اقتراحاتها المتعلقة بالتعديل الدستوري، حتى يكون دستورا توافقيا، تمنح من خلاله صلاحيات أوسع للبرلمان وللحكومة دورا أكبر وللأحزاب المعارضة صلاحيات أكثر. - إن حزب جبهة التحرير الوطني ما يزال ينادي جميع الأحزاب السياسية إلى الحوار والعمل معا من أجل تقوية الجبهة الداخلية وحماية البلاد من الأخطار التي تحدق بها. - إن معارضة جبهة القوى الاشتراكية تستحق الإشادة، لأنها تهدف إلى بناء الوطن وليس إلى تهديمه أو تعطيل دور الدولة. هذا الحسم الذي أبداه الأمين العام، يؤكد أن حزب جبهة التحرير الوطني قد أدار ظهره للانقسامات وأن الحراك الداخلي الذي يعيشه الحزب، ومهما كانت آثاره وتداعياته، ومهما كان حجم وطبيعة الجدل السياسي الذي يثيره لدى الرأي العام، لن يثني الحزب من الخروج نهائيا من حالة »الشد والجذب« وأن يتجه نحو المستقبل، موحدا ومتماسكا، راسخا في مبادئه ومحافظا على كيانه كحزب وطني، متجاوزا صراع الأشخاص ومؤسسا للنضال المجدي، المرتكز على الوحدة التي تقوم على التنوع والتنافس بالأفكار والجدارة من أجل خدمة الحزب والجزائر.
لقد كان لقاء الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني بكتلة النواب بغرفتي البرلمان ناجحا بكل المقاييس، حيث تميز بحضور مكثف للنواب وساده نقاش ديمقراطي، وكانت المناسبة فرصة مواتية لتجديد التأكيد على جملة من الثوابت التي لا مساومة فيها ولا تنازل عنها. لم تحدث المقاطعة التي روج لها البعض، بل إن النواب، من خلال حضورهم القوي في الاجتماع، سفهوا أحلام أولئك الذين راهنوا على حدوث الانقسام، فالنواب لم يترددوا، عن وعي وقناعة، في التأكيد على دعمهم وتأييدهم لقرارات القيادة، وعلى رأسها الأمين العام عمار سعداني. لقد كان النواب في الموعد وكانت مواقفهم واضحة، لا لبس فيها، حيث دعوا إلى ضرورة توحيد الصف من أجل حماية الحزب من الذين يريدون السطو عليه لتحقيق مآربهم الشخصية، واعتبروا أن سبب المشاكل التي يعاني منها الحزب يعود إلى الأطراف التي تريد أن يظل الحزب في أزمة غير متناهية.