هل يكمن اعتبار الزيارة المرتقبة لسكرتير الدولة المكلف بقدماء المحاربين في الحكومة الفرنسية جون مارك توديشيني لمنطقة سطيف في الذكرى ال70 لمجازر 8 ماي 1945 بالخطوة نحو الاعتراف الفرنسي بالجرائم المرتكبة في حق الشعب الجزائري أثناء الحقبة الاستعمارية؟. سؤال قد تجيب عنه الأيام القادمة خصوصا وأن هذه الزيارة التي تأخذ طابعا رسميا في سابقة أولى من نوعها. ومن شأن هذه الخطوة أن تفتح الباب أمام تداعيات أخرى لمسألة المطالبة بالاعتراف الذي تأبى السلطات الفرنسية التطرق إليه. ومن هذا المنطلق أوردت مجلة » Le Point« في عددها لنهار أمس خبر الزيارة الرسمية التي سيقوم بها سكرتير الدولة الفرنسي المكلف بقدماء المحاربين »كون مارك توديشيكني« لحضور الاحتفالات المخلدة للذكرى السبعون لمجازر 8 ماي 1945 بسطيف. وقد وصفت هذه الزيارة بالأولى من نوعها على هذا المستوى والتي تعيد إلى الأذهان المطالب المرفوعة خلال السنوات الأخيرة حول الاعتراف الفرنسي الرسمي بالمجازر المرتكبة في حق الشعب الجزائري في الوقت الذي بادرت فيه فرنسا بإصدار قوانين تمجد الاستعمار وتعطي كثيرا من الحقوق والامتيازات للحركى. وذكر نفس المصدر، أن »رحلة الذاكرة« التي تقود هذا المسؤول الفرنسي إلى الجزائر خلال الفترة الممتدة بين 19 و21 أفريل إلى سطيف ثم المرسى الكبير بوهران والعاصمة ستحمل رسالة حكومته، حسب ما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية، أنه »لا يمكن نسيان أية ذاكرة، ونحن اليوم أمام ذاكرة سلمية«. وفي نفس السياق كان سفير فرنسابالجزائر »هيبار كولين دوفيرديار« عبر عن اعترافه بفظاعة الجزائر الاستعمارية في الجزائر، مؤكدا مسئولية فرنسا في هذه المجازر واصفا إياها ب»المأساة التي لا تغتفر«. وفي سياق تداعي الأحداث والتردد الذي يطبع الموقف الفرنسي من مسألة الاعتراف المباشر بالجرائم الاستعمارية في حق الشعب الجزائري، تبقى الأيام القادمة كفيلة بالكشف عن معطيات أخرى قد تصب في سياق التحضير لدخول مرحلة جديدة في طي صفحة الماضي المؤلم الذي تسعى الجهات الفرنسية لتجاوزه من خلال التركيز على التعاون الاقتصادي والثقافي ومجالات أخرى أقل أهمية.
وللإشارة فان الاحتفالات المخلدة لمجازر سطيف وقالمة وخراطة لم تحضر فعالياتها السلطات الفرنسية بصفة رسمية لحد الساعة في حين دخلت مرحلة إذابة جليد العلاقات التاريخية من خلال المشاركة الجزائرية للمرة الأولى في احتفالات 14 جويلية بباريس العام الماضي لخطوة أولى نحو تطبيع هذه المشاركة الممزوجة برائحة علاقة استعمارية دامت 132 سنة.