السادة أعضاء مكتب المؤتمر السيد الممثل الشخصي لرئيس الدولة زملائي في المكتب السياسي السيدة والسادة الرؤساء والأمناء العامون للأحزاب السياسية السادة والسيدات الوزراء والوزيرات، سيداتي أنيساتي وسادتي مؤتمري ومؤتمرات حزب جبهة التحرير الوطني القادمون والقادمات من المناطق النائية من بلدينا العزيز، ضيوف المؤتمر الأفاضل الذين أبو إلا أن يشاركونا هذا التجمع العظيم لحركتنا، عائلة الإعلام المحترمة، إخواني، أخواتي
إن المؤتمر هو بمثابة برلمان الحزب وأنتم قرابة 5000 شخص في هذه القاعة لتمثيل القاعدة الكبيرة المناضلة والمؤيدة لتشكيلتنا السياسية. وربما هي أول مرة في تاريخ مؤتمر حزب جبهة التحرير الوطني الذي يجمع هذا العدد الكبير من المندوبين والحمد لله على ذلك. ولذلك فإنه لشرف كبير لي أن أتوجه إليكم من أعلى هذا المنبر، أنتم مندوبي المؤتمر العاشر لحزب جبهة التحرير الوطني. كما أنني أعتز باللحظات الشيقة التي أتقاسمها معكم تحت قبة القاعة البيضوية ولما يمثله هذا الالتفاف السياسي من آفاق التجمع حول ما يجمعنا ضمن هذا الحزب الكبير الذي لازال ولا يزال يمثل حزب جبهة التحرير الوطني، فهذه اللحظات التي لا تنسى إنما تدل على أن هذا المؤتمر قد وضع تحت شعار التجديد والتشبيب، مع كل ما يمثله من الفرص المتاحة لهذه الشرائح الكبيرة من مجتمعنا المتمثلة في الشباب والنساء المدعوون والمدعوات لإعادة حمل مشعل سابقيهم ولمواصلة بنجاح النضال من زجل التنمية والحرية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي. لقد حان الوقت لأن تسند قيم نوفمبر الخالدة، هذا التراث الغير مادي والذي لا يمكن حصره والمشترك لأمتنا جمعاء والذي لازالت تتغذى منه الضمائر الوطنية والمنتزع بالتحضحيات الجسام وبدوم ملايين الشهداد الأبرار منذ 1830 إلى غاية 1962، لحماية شبابنا الذي تقع علي عاتقه مسؤولية الامتلاك والسهر بكل غيرة على هذا الميراث الغالي ألا وهو كفاحنا ضد الاستعمار من أجل انتزاع الحرية.
إخواني، أخواتي،
إن هذا المؤتمر العاشر للهيئة العليا لحزبنا هو فرصة الاجماع والتلاحم في روح الأخوة والتعايش والتعارف فيما يسننا من أجل تبادل الأفكار والآراء حول قضايا الساعة وتوحيد الرؤئ حول المخاظر المرتبطة بالبرنامج السياسي لحزبنا والمساهمة جميعا في توحيد وتوطيد صفوف حركتنا وتعزيز وتقوية الروابط الخلقية للتضامن الذي يميليه انتماؤنا المشترك لنفس التشكيلة السياسية، هذه التشكيلة التي أستت تاريخها في فجر ثورتنا المباركة.
إخواني، أخواتي، يتشرف حزب جبهة التحرير الوطني أن يتواجد ضمن صفوفه مناضلا شهما نود أن يكون بيننا اليوم في هذه القاعة وأقصد هنا أول المنتخبين الجزائريي، المجاهد عبد العزيز بوتفليقة، رئي الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبي المنتخب بكل جدارة وساتحقاق لرئاسة الجهورية في شهر أفريل 1999 والذي أعيد انتخابه بشعبية ونسبة كبيرة خلال انتخابات 2004 و2009 و2014 للعهدة الرابعة. وبفضل انتخابات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة كرئيس جمهورية والثقة التي منحها الشعب بكل عفوية لحزبه، فإن حركتنا تضم في صفوفها أيضا منذ سنة 2012و آلاف من المناضلين الوطنيين والمحليين. إن الوسائل الدستورية المتلاحمة التي منحنا إياها الشعب في توجيه الانسجام، يمكن تحويلها إلى ميزة من شأنها مضاعفة القوي المسخرة في هذه المعركة الكبيرة التي يخوضها الحزب من أجل تنمية بلادنا وذلك طالما تم التلاحم السياسي وانسجام الاهداف وتنيق النشاطات في مختلف الأصعدة من التمثيل الانتخابي، بدءا من رئيس الجمهورية إلى أعضاء المجالس الشعبية البلدية.
إخواني، أخواتي،
إن حركتنا السياسية هاته إن قامت بكل هذه المبادرات خلال السنوات الأخيرة فذلك يعود لكون حزب جبهة التحرير الوطني لم يستوعب فكرة عدم وجوده في الصفوف الأولى من الخيارات السياسية الكبرى للوطن وعدم تمكنه من مواصلة تزعمه المكانة التي منحته إياها صناديق الاقتراع وشرعية رئيس الجمهورية. إن حزب جبهة التحرير الوطني لا يمكنه مسايرة الحركة، طالما أن تاج المجد الذي وضعه التاريخ فوق رأسه يفرض عليه الوجود في المقدمة كلما تطلب الأمر ذلك. إن مكانة الجبهة في الجبهة، كل الجبهات ولتذكير الأمة كلها بهذا التزعم، كان من الواجب اتخاذ مواقف مباشرة وجريذة بتبيان الطريق الذي ينبغي اتباعه في الساحة السياسية الوطنية، بخصوص الحلول الواجب ايجادها لتحديدات الساعة. كما يسرني أن ألاحظ بأن العديد من التشكيلات السياسية والشخصيات والأصوات المصرح بها في الساحة السياسية الوطنية قد لبت نداءنا حول شتى القضايا كما أود أن أهنئ الجميع للمواقف التي اتخذوها والتي تتلاءم مع رويتنا. أقول هذا وأنا معتز بكل من كانت له نفس النظرة سوء داخل أو خارج حزب جبهة التحرير الوطني وذلك ليس لكون هذه الخيارات هي خيارتنا وإنما لكونها خيارات عادلة إذ أن أي خيار لكي يكون عادلا لابد أن يكون مشتركا. فجبهة التحرير الوطني التي نادرا ما أساءت الاختيار في المراحل الحساسة من تاريخنا، تحرص على تسطير الطريق مع تحمل كل المسؤوليات الواقعة على عاتقها. فذلك ما فعل في نوفمبر 1954 حيث سطر الطريق الذي مكن الشعب الجزائري من تقرير مصيره . لقد قام بذلك كلما تعين الأمر الاختيار بين طريق وطنية الدولة العنيدة فيما يخص قضايا السيادة والكرامة والمساواة والعدالة الاجتماعية، وطريق اللبرالية الجامحة علي الصعيدين السياسي والاقتصادي، والتي كادت تغرق الأمة في جو من الاضطراب واللا استقرار وترك الشعب الذي عاني من نير الاستعمار وإن خرج منه منتصرا بعد 132 سنة من الكفاح والنضال. كما قام بذلك في 1989 عندما وضع البلاد على طريق التعددية السياسية التي سجلها في الدستور باسم المثال الديمقراطي المكرس ضمن اعلان نوفمبر1954 ذاته. وقام بذلك أيضا في 1999 و 2004 و2009 و2014 باقتراح المشرح لرئاسة الجمهورية ألا وهو رئيس حزبه، فخامته السيد عبد العزيز بوتفليقة، الذي تمت تزكيته عدة مرات في الانتخابات الشعبية. مثلما قام بذلك عندما دعم الوفاق والمصالحة الوطنية والاصلاحات الدستورية لسنتي 2002 و2008 بالاضافة إلى البرنامج التنموي الطموح المبادر به من قبل رئيس الجمهورية والذي ساهمة في التقدم الذي يشهده المواطن في حياته اليومية. وقد قام بذلك مؤخرا عند التطرق مبكرا إلى العديد من القضايا الاجتماعية التي كانت موضوع النقاشات العمومية سيما مكانة الراية الوطنية والزي الرسمي لقواتنا العسكرية عند الاحتفالات التذكارية التي تقام بالخارج، وكذا عند تطرقه إلى العدد غير الحقيقي المصرح به لضحايا مأساة 8 ماي 1945، ووجهة نظر حزب جبهة التحرير الوطني حول الدولة " المدنية" والمرتكزة على الفصل بين السلطات وعلى ضرورة ممارسة مختلف أقطاب الحكم أو القرار لصلاحياتها في الإطار الذي تحدده النصوص? إن حزب جبهة التحرير الوطني الذي كما تعلمون وخلافا لما تزعمه بعض الأصوات المحترمة، قد كان أول حزب قد عبر في الساحة السياسية الوطنية عما يجب تكريسه من خلال الإصلاح الدستوري، سرعان ما أعلن رئيس الجمهورية عن تلك المبادرة. ومقيدا بروح الإصلاح الذي ميز الخطاب الذي ألقاه رئيس الجمهورية في 15 أفريل 2011 وعبد تجسيد هذا الخطاب في القوانين التي تم إصدارها في جانفي 2012، قام الحزب باقتراح تعديلات دستورية مع مراعاة التجربة المكتسبة من تطبيق دستور 1996 وعدم تجاهل الإصلاحات العالمية ومالها من انعكاسات إيجابية بالنسبة للجزائر وذلك بالنظر لخصوصياتنا بطبيعة الحال. إن هدف حزب جبهة التحرير الوطني هو الخروج من دستور 1996 الذي ميزه الظرف المضطرب الذي شهد نشأته، وإن كان محتواه يظل في العديد من جوانبه المحتوى الضروري لإرساء قانون أساسي يكون ظرفيا وسياسيا أكثر استمرارية. كما أن اقتراحات حزب جبهة التحرير الوطني تهدف عموما إلي تعزيز دولة القانون سيما من خلال إجراءات ترتكز على توازن السلطات المؤسساتية داخلها وفيما بينها، أي إجراءات تقوم على تعزيز استقلالية العدالة تجاه الأقطاب الأخرى من السلطة وتوسيع كل من مهام البرلمان وأجهزة الرقابة وكذا ميادين صلاحيتها. إن اقتراحات حزب جبهة التحرير الوطني التي تريد أن تكون مجردة من كل نوايا إيديولوجية أو دو غماتية تبقى مخلصة للمبادئ الثابتة التي يرتكز عليها الحزب منذ نشأته وللثوابت الوطنية التي ذكر بها فخامة رئيس الجمهورية في تقريره حول مشروع التعديل الدستوري. ففي المجموع، تم اقتراح 32 تعديلا من قبل حزب جبهة التحرير الوطني بصة رسمية ويطالب الحزب علي وجه الخصوص بما يلي:
1 - دسترة اللغة الأمازيغية لغة وطنية ورسمية
2 - عدم توقيف الأحزاب السياسية، والجمعيات والمقابلات التي تحظى باعتماد من السلطات العمومية، أو حلها إلا بموجب قرار نهائي تتخذه العدالة بعد ممارسة جميع الطعون القانونية.
3 - الاعتراف بحق المواطن في تقديم الشكاوي للسلطات العمومية والتوقيع عليها.
4 - دسترة الحقوق السياسية للمعارضة البرلمانية 5 - أن تدوم العهدة الرئاسية خمس (05) سنوات وأن تكون قابلة للتجديد مرة واحدة فقط. 6 - أن يكون الوزير الأول منبثقا من الحزب الفائز بالأغلبية في الانتخابات التشريعية. 7 - أن يكون من صلاحية المجلس الشعبي الوطني الفصل نهائيا في أي نص قانوني يكون موضوع خلاف دائم بين غرفتي البرمان، 8 - أن يخول للبرلمان دستوريا صلاحية متابعة تطبيق القوانين 9 - أن يستبدل المجلس الدستوري بمجلس قضاء دستوري تكون الإحالة عليه موسعة لأعضاء غرفتي البرلمان عندما تستوفي شروط العدد الأدنى من التوقيعات، ولأطراف الدعوى القضائية عندما يثبت بأن حل النزاع متوقف على تبيق قانون يكون محل ضمان دستوري. إخواني، أخواتي، وراء المخاطر المرتبطة بالتعديل الدستوري المقبل، يحدد حزب جبهة التحرير الوطني نفسه أمام تحديات جديدة تتطلب القيام بخيارات جديدة حتى يكون الحزب بمثابة التشكيلة السياسية الكبرى التي كان ولا يزال يمثلها، وجعل تنظيمه وأفكاره مواكبة لعصره. إن برنامج عصرنة الحزب هذا الذي أقترحه علي المؤتمر اليوم يتمحور على عشرة أهداف وهي: 1 - عصرنة الحزب: لأن الحزب لا ينبغى أن يكون ذلك الجهاز المتصلب الذي يشبه البرج السري، وإنما ينبغي أن يكون منفتحا على المواطن وللمواطن وعلى العالم وللعالم. 2 - توحيد صفوف الحزب: إن قوة حزب جبهة التحرير الوطني في ماضيه الثوري كانت تكمن في قدرته علي توحيد صفوف عدة حركات سياسية ولمها حول جبهة واحدة من أجل مواجهة العدو المشترك. إن حزب جبهة التحرير الوطني قد فاز البارحة وسيفوز غدا وإن تم تشتيته فلن يكون سوى حزبا مثل الأحزاب الأخرى. عندما أتحدث عن توحيد صفوف الحزب ينبغى تحديد هذا الهدف في مفهومه الواسع أقصد الواسع على مستوى اختلاف الشخصيات التي يوجه لها نداء التوحيد هذا دون أي إقصاء والواسع أيضا لأن هذا التوحيد يمكن أن يرجع إلى الماضي وأن يخص الشخصيات البعيدة أو التي ابتعدت عن الحزب منذ زمن طويل. فإن النداء إلى توحيد صفوف الحزب، هذا النداء الذي أكرره اليوم أمامكم إخواني وأخواتي المؤتمرين، لا يعني أبدا توحيد وجهات النظر، لأن كل واحد حر بطبيعة الحال، في التعبير عن أفكاره وذلك في ظل احترام قيمنا ومبادئنا المشتركة? إن هذا النداء إلى توحيد صفوفنا والذي يوجه أيضا للأعضاء الذين لا شك أنهم لازالوا من المناضلين الأغراء لحزبنا، إنما هو مزدوج بنداء إلى انضمام أو إعادة انضمام كل من كان قريبا من حزبنا أو مؤيدا لآرائنا، بما فيهم أولئك الذين كانوا في الماضي يناشدون بمثلنا ومبادئنا في هياكل الحزب نفسها والذين قاموا بتأسيس حركات سياسية أخرى عندما لم يسمح لهم الظرف أو السياق بتبوء مناصب قيادية داخل حزبنا. إن كرة توحيد صفوفنا تعني الانفتاح على تشكيلات سياسية أخرى والتحالف الذي يمكن للحزب تحقيقة حول أفكار أو مشاريع أو برامج أو طموحات أو مصالح مشتركة وهذا بطبيعة الحال دون أن يفتقد كل عضو من أعضاء هذا التحالف، حريته،أو شخصيته. وعلى أية حال، فإن باب الأمين العام للحزب سيظل مفتوحا طالما كان لي الشرف لتوجيهه تخت سلطة رئيس جمهوريتنا وسيظل هذا الباب مفتوحا لكل شخصية أو مناضل يرغب صراحة، ودون زي أفكار مسبقة، في مناقشة أفكارنا أو حتى مسايرتنا. 3- إعادة إحياء هيئات وهياكل الحزب: يجب علينا الإعتراف بأن الأجهزة المركزية والهياكل المحلية وهيئات الحزب قد فقدت من حيويتها نظرا لما عانته من جراء الانتقال من الحزب الواحد إلى التعددية الحزبية ومن جراء النزاعات المتداخلة والمختلفة? إنني لا أريد أن أتهم أي أحد بل بالعكس أريد مكافحة التهميش والإقصاء من أجل توحيد الصفوف، وإن كانت هنا وهناك وضعيات مؤسفة، فالمسؤولية تقع على عاتقنا نحن جميعا، كما يتعين علينا جميعا مواصلة معالجة هذه الأوضاع المزرية وإني سأواصل معكم هذه المهمة مسخرا كل قواي. 4- تحسين إدارة وتسيير الحزب: كنت أقول دائما ومازالت أقول اليوم بأن المثل العالمية للحكم لا تطبق على الدولة وإدارة وتسيير المؤسسات والأجهزة والإدارات العمومية كما لا تطبق على عالم المؤسسات فحسب، بل تطبق على منظمات المجتمع المدني كالأحزاب السياسية بصفتها تشكيلة سياسية تقصد تزعم الساحة السياسية الوطنية، فإن حزب جبهة التحرير الوطني عليه ضرب المثل في هذا المجال على غرار المجالات الأخرى. 5- توسيع القاعدة النضالية للحزب: إن توسيع القاعدة النضالية للحزب إنما يمثل المؤشر الأول الذي يبين قدرة أفكارنا على إيجاد الصدى لدى المواطنين، كما أنه يستدعى أيضا تنويع قنوات الترابط والعلاقات التي تربطنا بالشعب الذي نخدمه والذي نمثله منذ أول نوفمبر 1954. 6- ترقية الدور التاريخي للحزب: إن حزب جبهة التحرير الوطني قد ساهم في صنع التاريخ المعاصر لوطننا كما لم يسبق لأي حزب في العالم القيام بذلك. فإن ترقية الدور التاريخي لحزب جبهة التحرير الوطني يعني المساهمة في كتابة تاريخ العالم بتسجيل الملحمة الجزائرية في فصل ثورات الشعوب في تقرير مصيرها، وإن كان التاريخ يمثل التقدم في ضمير الحريات وذاكرة الشعوب، فيجب على كل شعب تبيان نظرته الخاصة حول تاريخه حتى وإن اضطر إلى توجيه صلب عينيه إلى المستقبل لأن تحديات اليوم تتبلور في المستقبل، كما يجب عليه الحفاظ على ذاكرة ماضية من أجل استخلاص العبر في المستقبل. إنه لمن المؤسف جدا تجاهل التاريخ أو عدم امتلاكه ونقله للأجيال المستقبلية، لأنه من الواجب علينا معرفة تاريخنا وفهمه وتسجيله للأجيال القادمة. ذلك هو واجبنا نحو الشعب الجزائري الذي نحن جزء منه. 7- الحفاظ على سمعة الحزب: إن الحفاظ على سمعة حزبنا يعني الحفاظ على الميراث السياسي العريق اللامثيل له والذي ورثناه من أجدادنا الذين ضحوا بالنفس والنفيس من أجل حريتنا ولأجل أولئك والحمد لله الذين لازالوا على قيد الحياة راجين من الله أن يطيل أعمارهم? إن سمعة حزبنا السياسي يستنبط جذوره من الكفاح من أجل استقلالنا وذلك في الأبعاد الثلاثة: أ - الكفاح المسلح ضد القوات العسكرية وشبه العسكرية للاحتلال، ب - الكفاح على مستوى الجبهة السياسية والاجتماعية الداخلية بما فيها جاليتنا بالخارج من أجل إحياء الضمير الوطني الجزائري ومن أجل توحيد التيارات السياسية والقوى الوطنية تحت ظل الجبهة الموحدة للتحرير الوطني. ج - المعركة الدبلوماسية التي خاضها حزب جبهة التحرير الوطني في المحافل الدولية بجنيف ونيورك وعلى الساحة الدولية بالقاهرة وتونس وبندونغ وبكين وموسكو وأديس أبيبا وطنجة وطرابلس وجكرتا وبلغراد وفي العديد من المدن الأخرى بالعالم وخلال كل المؤتمرات المضادة للإمبريالية? إن هذا التنظيم الوحيد من نوعه هو الذي استطاع إدماج الكفاح المسلح بالنضال السياسي والعمل الدبلوماسي وذلك باسم الحرية والكرامة الإنسانية التي توجت حركتنا بالمجد ورفعت أبطالها إلى مقام الرجال والنساء الذين حرروا الإنسانية. هاته السمعة التي تعد موروثا ثمينا لا يفنى بالنسبة للأجيال القادمة لا يمكن تبديده أو تحويله من ركائزه، وأتعهد بصفتي أمينا عاما للحزب وباسمكم جميعا بالحفاظ عليه وحمايته بكل غيرة وشغف. 8- تثمين المثل العليا للحزب: يجب تثمين المثل العليا للحزب لكونه مخزون من المبادرات كما أنه يمثل طريقة ومسعى ومشروعا اجتماعيا ينبثق منه مصيرنا المشترك لكل الجزائريين والجزائريات. وسيعكف الحزب على مواصلة دمقرطة الحقوق الموجودة والحقوق الجديدة مثل الحق في الكرامة والتعليم والتكوين والعلاج والسكن والعمل والحماية الاجتماعية، أي الحق في العيش الكريم. كما سيواصل حزبنا تدعيم عصرنة القدرات الجزائرية في مجال حماية الحدود وأمن وطننا وشعبنا. وبصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع الوطني، ومنذ توليه زمام الحكم في أفريل 1999، لم ينفك الرئيس عبد العزيز بوتفليقة شخصيا بالعمل على تطوير وعصرنة جيشنا كونه يمثل أداة مواكبة لمتطلبات الساعة في مجال حماية وحدتنا الحدوية وضمان سيادتها وأمن مواطنيه وحماية اقتصاده فحسب وإنما يمثل زيضا مؤسسة تعكف على ضمان استمرارية قيم نوفمبر الخالدة بحمل مشعل سالفه، جيش التحرير الوطني المجيد، والمساهمة من خلال مهام المواطنة والجمهورية في تدعيم أسس الدولة. وتحت رعاية رئيس الجمهورية، يتم تدريجيا بناء جيش محترف، جمهوري ومنبثق من المواطن، منسجم أتم الانسجام مع الشعب الذي يخدمه، علما أن الخدمة الوطنية تبقى دائما مصدر تكوين التلاحم الوطني وضمير المواطنة ضمن المجتمع، كما أنها زداة قوية لتعزيز روح المواطنة، في بلادنا. إن القوات المسلحة التي كانت في الماضي صانعة النصر ضد الإرهاب والتي كانت في الصفوف الأولى من الكفاح ضد بقايا الإرهاب هذا، هي اليوم معنية كليا بالنشاط الإنساني وتسيير الكوارث الطبيعية الكبرى التي عرفتها البلاد، كون حضورها في قلب الحدث كان في كل مرة بمثابة الدعم الكبير والمواساة العميقة للمنكوبين. دائما في إطار الأفكار الواجب تثمينها، فإن الليبرالية الإجتماعية هي الوسيلة التي اعتمدها الحزب للقيام بجميع المبادرات الممكن دون المساس بالإرادة الشرعية للشعوب المتطلعة لعيش أفضل? ويجب إعطاء الأولوية للقطاعات ذات الحيوية مثل قطاع الإنتاج الصناعي العمومي الذي يدعم الحزب مشاريعه الخاصةبإعادة التأهيل إعادة التصنيع مثلما يحيى جهود الجيش الوطني الشعبي على مساهمته في إعادة التأهيل التكنولوجي للقطاع الصناعي العمومي. كما يقترح حزب جبهة التحرير الوطني حضور الدولة في القطاعات الاستراتيجية كالمحروقات والمناجم والصناعات الحساسة المولدة لمناضب المل كصناعة الحديد والصناعات الميكانيكية والكيماوية. ويقترح أيضا تحرير القطاعات الأخرى عن طريق فتح رأس المال الخاص الوطني منه والأجنبي. هذا وينوي حزب جبهة التحرير الوطني قطاع الخدمات الذي يساهم بصفة نوعية بنسبة النمو. كما يعمل الحزب لصالح الخدمات العمومية الأكثر نوعية في مجالات التربية والتكوين والبحث العلمي والسكن والطاقة والنقل والتضامن والحماية الاجتماعية. إن حزب جبهة التحرير الوطني يريد توفير المسكن والماء والطاقة والعمل والكرامة لكل مواطن كما يريد توفير التعليم والخدمات الصحية للجميع. يريد أيضا وضع مخططات جديدة للنهوض بالاقتصاد ولدعم النمو، مخططات تكون أكثر طموحا في حجمها ومضمونها من سابقيها وأكثر جرأة في أهدافها وأكثر تنسيقا في تطبيقها وأكثر انسجاما في مسعاها وأكثر مرونة في مسراها وأكثر اندماجا مع المخططات الوطنية للتنمية القطاعية. إن محاربة البطالة والشغل الفوضوي يمر حتما بسياسة الشغل المعاد التفكير فيها للنظر للنتائج المتحصل عليها في اليمدان خلال العشرية السابقة وهي السياسة التي أصبحت أكثر طموحا في أهدافها وأكثر انسجاما وتطابقا في نصوصها. إنه لمن الضروري أيضا أن تعكف الدولة على تثمين الفرص الوطنية التي تتيحها القطاعات الحساسة لاقتصادنا كالمحروقات التقليدية وغير التقليدية، والسياحة والفلاحة والخدمات من خلال خلق مناصب شغل دائمة لفائدة الشباب. 9- تعزيز ريادة الحزب في الساحة السياسية الوطنية: إن حزب جبهة التحرير الوطني ومنذ 2002، يظل دائما وأبدا القوة الأولى التي تنشط الساحة السياسية الوطنية وستبقى كذلك. إن النتائج الباهرة المتحصل عليها في الاقتراع العالمي المباشر والسري لرئيس حزبنا في أفريل 1999 وأفريل 2004 وأفريل 2009 وأفريل 2014، قد فتحت المجال للنجاح الذي حققته حركتنا خلال انتخابات 2002 و2007 و 2012 ، الخاصة بالمجالس الوطنية والمحلية ولمشاركتها في الأجهزة التنفيذية المتعاقبة. منطقي مع نفسه، إن الشعب وفي كل مرة زكى فيها رئيس حزبنا إلى منصب القاضي الأول للبلاد، قد منح لرئيس الدولة الأغلبية البرلمانية للحزب ضمن الهيئات التشريعية أغلبية شاملة للحزب ضمن المجالس المحلية. وهكذا تم تنسيق وجهات النظر فيما بين السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية، مما ساهم في توحيد الرؤى ونجاعة التنظيم الداخلي للسلطات العمومية ونشاطها على أرض الواقع. لذا، يجب بذل كل الجهود من أجل الاستمرار في هذا النهج، كون الهدف يكمن ليس في التشبت بالحكم مبدئيا وإنما في مواصلة خدمة الشعب بكل عطاء ووفاء وروح مسؤولية بغية تحيق نجاحات أخرى مستقبلا. ومن أجل تعزيز تزعمنا، سوف نواصل على منهج الوطنية في مفهومه النبيل وفي طريق الإصلاحات السياسية في سياق خطاب 15 أفريل 2011 لرئيس الجمهورية، كما سنواصل في درب الأفكار والطرق المؤدية إلى التنمية في كل أشكالها والمتمثلة في بناء اقتصاد السوق القوى والمتنوع خدمة للمجتمع، تحت حماية الدولة ومن أجل حمايتها، حتى لا تكون عرضة لتذبذب الاقتصاد الخارجي المترتب عن تسويق محروقاتنا. 10- دعم حضور الحزب على المستوى الدولي: إن العلاقات الدولية والقنصلية والاقتصادية والتجارية الجيدة التي تربطنا بالدول الشقيقة والصديقة، ينبغي أن ترتكز على مثالية العلاقات السياسية بين الأحزاب سيما تلك التي تشاطر نفس المثل الديمقراطية ونفس القيم الاجتماعية، كما ينوي حزبنا دعم حضوره دوليا ليس من خلال التوقيع على بروتوكولات الصداقة والشراكة الثنائية مع الأحزاب السياسية الأخرى بل وكذلك من خلال المشاركة الفعلية في أشغال المنظمات السياسية الكبرى سيما تلك التي تتقاسم معنى نفس الرؤى و الأفكار، إذ أن هدفنا يتمثل في الاندماج في السياسة الخارجية للجزائر المسيرة دستوريا من قبل رئيس الدولة معتمدا على التكتلات الحزبية ومواضيع السياسة الدولية المتماشية مع سياسة الجزائر الخارجية? إخواني، أخواتي، إنه وخارج قبة هذه القاعة البيضوية التي جمعت بيننا اليوم وفوق جبالنا الشاهقة وفي سهولنا وهضابنا وفي عمق صحرائنا الحبيبة وفي مدننا وأريافنا وقرانا ودواويرنا النائية والمعزولة، في الشمال والجنوب، في الشرق والغرب وبجانب حدودنا وما وراءها، يعيش و يطمح في العيش الكريم ما يزيد عن 40 مليون من مواطنينا الأعزاء. لقد تجمع هؤلاء المواطنين تحت نفس الراية، راية الجزائر الخالدة وراية الجمهورية الواحدة والموحدة الممثلة في نفس الوقت لفضاء مصيرهم المشترك وعمق تاريخهم وشخصيتهم المشتركة? إنهم أولئك الذين بالأمس ضحى بروحهم ومن أجلهم آباؤنا وأجدادنا والذين يضحي اليوم من أجلهم حزبجبهة التحرير الوطني وبكل وفاء وإخلاص. فمن أجل هؤلاء الأبناء الأبرار أطلب منكم إخواني، أخواتي، توحيد القوى الحية للحزب بمناسبة انعقاد المؤتمر العاشر الذي ارتأينا وضعه تحت شعار التجديد والتشبيب والذي أرجو أن يكون تظاهرة ديمقراطية لوحدة الأهداف والنشاطات، من أجل تحليل الحاضر وإعادة تنشيط النقاش الديمقراطية لأفكارنا ووضع أسس الديمقراطية الحقة والتشاركية التي تجمع كل مناضلي حزبنا، بغية التحكم في مصير بلدنا، بناء المستقبل بمشاركة الجميع بروح الانسجام والتلاحم وبهدف جعل النجاح في موعد الالتزامات التي اتخذها حزب جبهة التحرير الوطني وتعهد بها أمام الشعب الي أوصله إلى السلطة عن طريق الصندوق. إن هدفنا وهدف مهمتنا العظيمة والنبيلة نحن جميعا المناضلون هو إعطاء الشعب آفاق مستقبلية حقيقية بتمكينه من تحقيق ما يصبو إليه من أشكال التقدم الإنساني. أشكركم إخواني، أخواتي، على حسن إصغائكم، حفظ الله رئيسنا وأعانه وأكده بطول العمر من أجل القيام بمهامه وتحقيق طموحاته النبيلة تجاه الشعب الأبي. يحيا حزب جبهة التحرير الوطني، المجد والخلود لشهدائنا الأبرار،