حذرت شخصيات عربية، الجزائر من مؤامرة أجنبية تحاك ضدها تحت عنوان طائفي، بهدف زرع الفتنة فيها من خلال أحداث غرداية الأخيرة، مؤكدين أن الجزائر باتت مستهدفة من قوى عالمية وعربية لتمرير مشاريع التقسيم والتفتيت التي تحاك الآن للدول العربية، مشيرين إلى الدور الكبير الذي يؤديه الجزائريون لإحباط هذا المخطط من خلال رفضه الاستجابة لأدوات التحريض وباذري بذور الفتن. أضحت الأحداث الجارية في ولاية غرداية، والانزلاق الخطير الذي وصلت إليها الاشتباكات وما خلفته من قتلى وصل عددهم 22 قتيلا، مثار نقاش ومتابعة على المستوى العربي، إن لم نقل على المستوى العالمي، فلا تجد وسيلة إعلام عربية أو إقليمية إلا وأفردت مقالات أو تقارير إخبارية للحديث عن هذه الأحداث الخطيرة. في تعليقه على ما يحدث بغرداية، قال عبد الباري عطوان الكاتب الفلسطيني المقيم في لندن ورئيس تحرير جريدة »رأي اليوم«، أن الجزائر مستهدفة من دول عربية وأجنبية بهدف زرع الفتنة فيها من خلال أحداث غرداية لتكرار السيناريو الليبي والسوري، وأضاف عطوان في مقاله اليومي انه يملك معلومات تؤكد أن الجزائر باتت مستهدفة من قوى عالمية وعربية لتمرير مشاريع التقسيم والتفتيت التي تحاك الآن للدول العربية . وكتب عطوان »عندما نقول أن الجزائر مستهدفة، فإننا نعي ما نقول، ونملك المعلومات التي تؤكد ذلك، فالسيناريو الدموي المصحوب بالتدخلات العسكرية الخارجية، الذي رأيناه يتبلور في ليبيا، وبصورة أخرى في سورية، كان من المقرر له أن ينتقل إلى الجزائر بكل تفاصيله، ولكن فشله في سورية حتى الآن، رغم الدمار والقتل والتخريب والتمزق، هو الذي أجل وصوله إلى الجزائر، ونقول »أجل« لأننا ندرك، أن القوى التي تقف خلف هذا المخطط، وبعضها عربية للأسف، اعتقدت أن النظام في سوريا سينهار في غضون أيام أو أسابيع على الأكثر، قبل أن تنقل أدواتها إلى الجزائر، وهنا أشاد عطوان بالشعب الجزائري الذي يلعب -حسبه- دورا كبيرا لإحباط هذا المخطط سواء بسبب وعيه، ورفضه الاستجابة لأدوات التحريض وباذري بذور الفتن، أو لأنه تعلم من تجربة حرب التسعينات، واستوعب دروسها الدموية، وبات على قناعة راسخة بمقاومة أي تكرار لهذا الكابوس. كما نوه الكاتب بالتعايش بين الجزائريين والذي دام لقرون وفشل حتى الاستعمار الفرنسي في النيل منه، مستغربا كيف تظهر اليوم هذه النعارات المذهبية لتهدد وحدة الجزائر كبلد، وأعاب عطوان على السلطات عدم التنبه مبكرا لحال الاحتقان والتوتر الطائفي طوال الأعوام القليلة الماضية، وتبادر بخطوات استباقية لحفظ الأمن والاستقرار ومنع هذه الصدامات. من جهته، قال الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله في كلمة له أول أمس، بمناسبة يوم القدس العالمي، بأن مخططا خطيرا يحضر للجزائر تحت عنوان طائفي، لافتا إلى أن الغرب يريد تقديم الصراع في المنطقة على انه طائفي، وأكد أن إسرائيل تعبر عن سعادتها بالحروب الأهلية المنتشرة في المنطقة وتعمل وتساعد بمخابراتها على تسعير هذه الحروب، ووصلت وقاحتهم ? يضيف المتحدث- إلى الدعوة لتحالف إسرائيلي عربي لمواجهة الإرهاب . وتابع حسن نصر الله بقوله » ما يحضّر الآن للجزائر وللأسف الشديد تحت عنوان طائفي، كانوا دائما أنا ليس لدي معلومات تفصيلية، ولا أدعي الإحاطة بهذا الملف ولكن عندما كان يقع مشاكل في بعض المناطق كانت تتحدث بعض وسائل الإعلام عن خلاف عرقي أو على أساس عرقي، أي عرب وأمازيغ، ولكن أنا شاهدت في الأيام الماضية بعض الفضائيات الأجنبية الناطقة باللغة العربية تتحدث عن صراع بين المالكيين والأباضيين، أي أن الغرب يريد أن يقدم الصراع على أنه صراع مذهبي وطائفي، وهذا الذي يعمل عليه على مستوى المنطقة ككل«. وعلى خطى نصر الله، حذر الكاتب المصري فهمي هويدي الجزائريون من الإنسياق وراء مؤججي الفتنة في غرداية والتي تبث عبر وسائل الإعلام العربية والأجنبية، قائلا بأن الفتنة ظلت نائمة إلى أن تحدثت بعض الفضائيات الأجنبية الناطقة باللغة العربية عن صراع بين المالكيين والأباضيين وكتب فهمي هويدي في صحيفة »الشروق« المصرية، مقالا يتحدث بشكل مفصل عن أحداث غرداية، قائلا الفتنة أججتها وسائل إعلام عربية من خلال فتح النقاش حول الأباضية مما رفع من وتيرة الغضب وفجر الصراع بين الجانبين في غرادية، ومن ثم تحول الاشتباك بالكلام إلى اشتباك بالسلاح، اقترن بإحراق بعض المحلات التجارية ونهبها وباللجوء إلى الأعمال الانتقامية المتبادلة، التي استدعت إعلان الطوارئ في الولاية وتدخل الجيش للسيطرة على الموقف. وأشار هويدي إلى أنه ورغم أن المحللين تحدثوا عن تفاقم المشكلة العرقية وعن تدهور الأوضاع الاقتصادية في الولاية، إلا أن أحدا لم يختلف عن أن الخلاف المذهبي ظل حاضرا طول الوقت، وان خصومات للأباضية كان لها إسهامها الأكبر إن لم يكن الأول الذي أطلق العنان للفتنة في الولاية. وربط فهمي هويدي الأوضاع في غرداية بالواقع الاجتماعي وأن هشاشه وضعفه يجعل البيئة قابلة للاختراق والاحتراق، تماما كما يحدث لأي جسم ضعيف يعصف به أي فيروس مهما بلغت تفاهته، وأشار في مقاله أن الفتن التي يعج بها المشرق لم تكن كافية فتقدم نفر من أهل الغرب ليكملوا النصاب كي تعم البلوى.