سبق للجمعية الجزائرية للدفاع عن اللغة العربية، أن أصدرت بيانا باللغة العربية تحت عنوان سطوة اللوبي الفرنكفوني تمتد إلى المدرسة قلعة الوطنية. وقد رأت الجمعية أن توجه رسالة إلى قراء اللغة الفرنسية، نشرها موقع Le Quotidien d'Algèrie ، وإلى القراء ترجمة هذه الرسالة وهكذا يحاوَل من جديد مناهضة العاميات للعربية الفصحى وذلك من أجل زرع الشك في وضع اللغة الفصحى في المنظومة التربوية الجزائرية. لقد نُشر تكذيب من طرف وزيرة التربية. لكنه غير مقنع تماما، والتحرك الحيّ الذي حدث من الرأي االعام هو الذي أدى إلى هذا التراجع. لكنه تراجع مظهري فقط.. لأن تك القرارات للندوة الوطنية لم تصدر بالصدفة. إنها تؤكد أنه يوجد مشروع يهدف إلى زعزعة وضع اللغة العربية الفصحى في التعليم. ويتستر هذا المشروع وراء حجج تقنية وبيداغوجية تحت عنوان جزأرة التعليم، كما ورد في قرارات الندوة المذكورة، التي جرت لتمريرها مع اختيار زمن العطل، وتعمد عدم مشاركة ممثلي غالبية الأسرة التعليمية، مع إعطاء حصة الأسد للإطارات ذات الحساسية الفرنكفونية. إن الشعار الداعي إلى مناهضة مزعومة للعامية للغة الفصحى تعود إلى العهد الاستعماري الذي حاول بدافع من خوفه من القوة الحضارية والثقافية للعربية الفصحى، فهو يرى أن الفصحى هي القادرة وحدها على مواجهة اللغة الفرنسية في الميادين الاجتماعية والإدارية والاقتصادية. واللوبي الفرنكفوني الجزائري عمل منذ الاستقلال على رفع شعارات وحجج المستعمرين الفرنسيين. إن حجة استعمال العامية "كاللغة الأمّ" لتسهيل تعلّم العربية ما هي إلا مغالطة خبيثة . فالعربية الدارجة والعربية الفصحى يعودان للعربية. ليستا لغتان كما يحاول بثه اللوبي الفرنكفوني وذلك من أجل هدف واحد وهو تثبيت اللغة الفرنسية كلغة ثالثة في الجزائر. إن التحدث بالعربية الدارجة في المنزل ما هو إلا إعداد طبيعي لعربية المدرسة، لكنه ليس إعدادا لتعلّم الطفل الجزائري للغة الفرنسية. ومن الغريب أن هؤلاء يصيرون فجأة مناصرين لتعليم اللغة الفرنسية الفصيحة دون المرور على دارجتها. في بلدان العالم بما فيها فرنسا فإن الحجج البيداغوجية تقول بأن لغة المدرسة هي الأفضل مستوى، فهم يرون أن تعليم اللغة الأدبية هو الأفضل وذلك بتعميمها ودمقرطتها في المجتمع من أجل رفع المستوى الثقافي كما يتم في سائر البلدان المتقدمة. إن بلدنا يعرف في ميدان التربية وضعا غير مسبوق سواء على المستوى الوطني أو العالمي: والمتمثل في وزيرة التربية التي لا تعرف لغة المدرسة. وهذا هو الذي يفسر تصرفاتها. وفي هذا المستوى لا يمكن لنا أن نتكلم عن كفاءة تقنية تكون معزولة عن الكفاءة الثقافية. إنه ببساطة عبارة عن عنصر أساسي يتمثل في اللاّكفاءة المتجسّمة في عدم قدرة هذه الوزيرة على تسيير الجهاز التربوي الوطني ومحاورة سائر عناصره. إن تخليها عن الوزارة يأتي كضرورة منطقية. وعلى كل حال، فإن هذه المرحلة من مسيرة الحصار الدائم التي تعاني منه لغتنا الوطنية، يتطلب الضرورة العاجلة لوضع حد للتدهور المستمر الذي يمثل عدوانا على الدستور. لقد لفتنا في عدة مناسبات انتباه السلطات إلى هذا العدوان المتمثل في إبعاد اللغة العربية عن الحياة الاقتصادية، والتهميش الجماعي والدفع للبطالة لحاملي الشهادات باللغة العربية، وإلى بث لغة مشوهة عربية فرنسية في وسائل الإعلام، وعدم احترام الوزراء أنفسهم للوضع الدستوري للغة العربية كلغة رسمية، إلى آخره... من أجل كل هذا فإننا نطلق نداء إلى سائر الأحزاب والمؤسسات والشخصيات الوطنية، الغيورين على الثوابت الوطنية سواء أكانت بالسلطة أو بالمعارضة، أن يهبوا لعقد ندوة وطنية للدفاع عن اللغة العربية والرقيّ بها. د. عثمان سعدي رئيس الجمعية الجزائرية للدفاع عن اللغة العربية