أكدت بن موفق نورية، طبيبة أطفال بمستشفى "بارني" بالعاصمة، ل"صوت الأحرار" أنّ داء التلاسيميا يعدّ مشكلا حقيقيا يمسّ الصحة العمومية، وشدّدت على ضرورة إجراء تشخيص واضح ودقيق له من خلال إلزام المقبلين على الزواج بالقيام باختبارات الدم اللازمة للكشف عن الدّاء الوراثي، تفاديا لحمل الأبناء له، وفيما كشفت أنّ عدد المصابين به في الجزائر يبقى مجهولا في ظل غياب سجل وطني لإحصائهم، اشارت إلى نتائج دراسة أعدّت على مستوى 5 مستشفيات بالجزائر سجلت 931 اصابة جديدة وسط الأطفال. كشفت بن موفق نورية، طبيبة أطفال بمستشفى »بارني«، ل»صوت الأحرار« على هامش دورة تكوينية لفائدة الصّحفيين، عن واقع جدّ مؤلم يعايشه الأطفال المصابون بداء التلاسيميا المزمن، أو ما يعرف بفقر الدّم الوراثي المنتشر خاصّة بحوض البحر المتوسّط، والذي يؤثر على كريات الدم الحمراء نتيجة خلل في الجينات بسبب فقر الدم، ومن أعراضه انتفاخ الكبد والطّحال وقصر القامة إلى جانب اصفرار شديد للجلد، ويصيب بدرجة كبيرة الأطفال لآباء يحملون الدّاء، ودعت بالمناسبة إلى إلزام المقبلين على الزواج بالقيام باختبارات الدم اللازمة للكشف عن الدّاء الوراثي، كونه يصيب الأطفال في مراحل عمرهم المبكرة، نتيجة تلقيهم موروثات جينية غير سليمة من الأب والأم، مع إمكانية الكشف عن حالة الجنين في الرحم ومعرفة ما إذا كان يحمل جينة المرض. الطبيبة تطرّقت إلى مشاكل عدّة يتخبّط تحت ثقلها مرضى التلاسيميا في الجزائر على غرار حاجتهم لعملية نقل دم منتظمة كل ثلاثة إلى أربعة اسابيع ممّا يدخل القائمين على المصالح المختصّة في دوّامة توفير أكياس الدم، ما يتطلّب، حسبها، تحسيس الناس بأهمية التبرع بالدم لإنقاذ حياة الكثيرين، شأنها شأن تمكين المصاب من الحصول على الخلايا الجذعية من عظم متبرّع، ناهيك عن تسجيل نقص وكذا غلاء في الأدوية اللاّزمة لعملية »استخلاب الحديد« الضرورية لإزالة المعادن الثقيلة من الدّم والتي تترسّب نتيجة تكرار عمليات نقل الدّم، وهو ما يهدّد المصاب بإتلاف الطحال وتأثر على القلب، البنكرياس، الكبد والغدد الصماء. فقر دم حوض البحر الأبيض المتوسط يعاني منه، حسب الدكتورة، وفق تقديرات غير رسمية 3000 مصاب الجزائر، فيما كشفت عن نتائج دراسة أعدّت تحت إشراف البروفيسور بلهاني مريم، رئيس قسم أمراض الدم في مستشفى بني مسوس، على مستوى مستشفيات نفيسة حمود »بارني« سابقا، الرويبة، بني مسوس، مصطفى باشا والبليدة، خلصت إلى إحصاء تواجد أكثر من 900 اصابة جديدة بالتلاسيميا بذات المصالح خلال 2014، توفّي منهم 135 مصاب، مقابل 750 حالة سجّلت سنة 2006، 375 منهم شباب و556 أطفال، أي بنسبة 59.7 بالمائة، و31.9 بالمائة منهم تتراوح أعمارهم بين 1 إلى 5 سنوات، وهو ما يؤكّد اصابة الأطفال به بدرجة كبيرة. في ذات السياق، أعابت بن موفّق غياب استراتيجية وطنية للتكفل بمرضى التلاسيميا وعلاجهم، وعدم وجود سجل وطني يحصي عدد الإصابات بالداء على مستوى القطر الوطني، وطالبت الجهات الوصية بتوفير الوسائل والامكانيات اللازمة للقيام بعمليات زرع تجنب المصابين رحلة الألم الطويلة، والتكفّل الجيّد بمرضى التلاسيميا ومن ثمّ توفير حياة كريمة لهم بالجزائر، خاصّة وأنّ معاناة المصابين تتضاعف بسبب نقص الهياكل القاعدية الصحية المتخصّصة.