يكشف الدكتور والإعلامي محمد لعقاب،" الوجه الآخر" في حوار صحفي أجرته معه " صوت الأحرار"، ويتحدث عن الصعوبات التي واجهته في طفولته والحرمان الذي عاشه آنذاك في إحدى قرى دلس ببومرداس، كما يعترف بدور زوجته في التي ساندته لتحقيق ما وصل إليه الآن، ويبرز أسماء ساهمت في بروزه كصحفي محترف. محمد لعقاب دكتور وإعلامي معروف، لكن الكثير منا يريد أن يغوص في سيرتك الذاتية، فكيف تعرفون بنفسكم للقراء؟ من الصعب جدا أن يعرف الإنسان نفسه للآخرين، فأنا لست في حملة انتخابية أقول للناس إنه بمقدوري أن أضع القمر بين أيديكم وأحقق جل أحلامكم وأقضي على كل مشاكلكم، لكن يمكنني أن أقول لهم إنني جزائري حتى النخاع بكل ما فيها وما عليها، أجتهد ولا أقصر في أداء واجباتي المهنية في الجامعة والصحافة والنشاطات الجمعوية، وأعمل قدر استطاعتي لأكون متوفرا لعائلتي، وأنا حاليا أساوي 22 سنة في التدريس الجامعي، وأكثر من 25 سنة في ممارسة الصحافة، وأزن في سوق التأليف 14 كتابا متنوعا بين الثقافة والسياسة والإعلام وتكنولوجيا المعلومات، ولدي ثلاثة أبناء ياسر ولينا وهديل. هل في طفولتك ما كان يشير في يوم من الأيام إلى أنك ستعمل في الصحافة؟ عندما ولدت عام 1966، لعائلة فقيرة في ضواحي مدينة دلس، كانت كل البيئة المحيطة تؤشر للفقر والحرمان، غير أنها في الوقت ذاته كانت المحرك القوي للتخلص من ذلك الإرث الإجتماعي والقحط الثقافي، وكانت المدرسة الإبتدائية في القرية أول مكان يفتح لنا آفاقا أخرى، وكانت المقولة حينها" إذا أردت أن تتحرر من الأعمال الشاقة في فلاحة الأرض فعليك بالتعلم «، لم يكن أي سبيل آخر للتحرر من الفقر والحرمان والمعاناة طبعا، وهكذا بدأت رحلة التحرر، وبدأت الأحلام تكبر، خاصة بعد انتقالي في السنة الرابعة ابتدائي للدراسة في مدينة دلس التي تعتبر بمثابة "ميتروبول" للقرى المجاورة لها، وفي مدينة دلس قرأت القرآن في مدرسة قرآنية صغيرة وسط المدينة اسمها »سيدي عمار«، وعرفت مؤخرا عن طريق مدير الثقافة لولاية بومرداس السيد مختار خالدي أنها »ثاني مدرسة« تنشئها جمعية العلماء المسلمين الجزائريين. وفي متوسطة محمد طوبال أصبحت الأحلام أكبر من أن يسعها المنطق، وكان يصدق علي المثل الصيني الشهير » إن الأطفال الصغار يحلمون دائما الأحلام الكبيرة«، وفي تلك المتوسطة بدأت أحلم بالصحافة، ولم يفلح بعض أساتذتي في ثانوية حي المجني 1956 بدلس عن وأد ذلك الحلم عندما كانوا يقولون لي »ستصبح بوقا من أبواق السلطة«. وهل أصبحت بوقا من أبواقها لاحقا؟ كما هو معروف، فإن الحقيقة ليست مطلقة، لذلك كنت ولا زلت بوقا لكل ما أعتقد أنه حقيقة، وبوقا لكل من أعتقد أنه على صواب، وبوقا ضد كل من أرى أنه مخطئ وأنه قد يؤدي بالبلاد إلى الخراب، ليس في الصحافة فقط بل حتى في الجامعة وحتى في النشاطات الأخرى بل حتى في حديث المقاهي. دعنا نعود أولا إلى الكيفية التي دخلت بها عالم الصحافة؟ طبعا بعد نجاحي في شهادة البكالوريا عام 1986، تخصص أدبي، بدأت أشعر أنني قاب قوسين أو أدنى من تحقيق الحلم، فاتجهت رأسا إلى معهد علوم الإعلام والإتصال بالجزائر العاصمة، وتفاجأت أن الإلتحاق به يتم عبر المسابقة، لأنه كان المعهد الوحيد للصحافة على المستوى الوطني، فشاركت في المسابقة، وبعد أسابيع وجدت إسمي ضمن قائمة الناجحين المنشورة في جريدة الشعب، وكنت في الوقت نفسه قد نجحت في مسابقة الالتحاق بمعهد العلوم السياسية والعلاقات الدولية، ومسجلا في معاهد أخرى، وهكذا لم أتردد في الإلتحاق بمعهد الإعلام والإتصال. الغريب أنني لم أنتظر لغاية التخرج لكي أصبح صحفيا، بل بدأت أكتب في الصحافة منذ دخولي الجامعة، وقد لعبت الأقدار في ذلك دورا كبيرا، حيث جاءت إلي الصحافة مثلما »جاء ربه موسى على قدر«، كما قال الشاعر. حيث أحد الزملاء في الثانوية كان يدرس في معهد ببومرداس، وكان يدرس معه أحد الشعراء الشباب حينها وهو »عثمان تازغارت « المغترب اليوم في فرنسا، وكان ينشر أشعاره في جريدة الوحدة، لأن في الثمانينيات لم تكن هناك صحف ومجلات كثيرة باستثناء الشعب والمجاهد ومجلات المنظمات الجماهيرية، وعثمان تازغارت هو الذي ساعدني على »التوغل« في الصحافة الجزائرية، حيث قدمني لمدير تحرير مجلة »الفلاح والثورة« السيد بوغارة الحاج، كتبت فيها العديد من الإستطلاعات الإجتماعية والثقافية قبل أن أعرف معنى الروبورتاج، تلك المجلة كان يكتب فيها العديد من الأقلام منهم الدكتور عمار صخري الذي أصبح وزير التعليم العالي لاحقا، وكنت أجلس إليه وإلى غيره وأنا في السنة الأولى أو الثانية في الجامعة. بعدها قدمني صديقي عثمان تازغارت لصديقي أيضا حميدة عياشي الذي كان حينها في مجلة "لمسار المغاربي"الأسبوعية، والحقيقة أن حميدة عياشي أعطاني فرصة لم أتوقعها ودفعا صاروخيا، حيث اكتشف في موهبة الصحافة، وكان ينشر لي في الأسبوع الواحد عدة أعمال صحفية " مقابلة مع فنان، عرض كتاب، تغطية معرض فني أو مسرحي، وغيرها من الإجتهادات«، وكنت حينها أتلقى مبلغا يضاهي أجرة الصحافي الدائم، ولذلك لابد اليوم أن لا أكون لئيما وأوجه تحية تقدير وامتنان لكل من عثمان تازغارت وحميدة عياشي. وبعد تخرجي عام 1990 توظفت بشكل رسمي في أسبوعية المسار المغاربي، في وقت كان العالم والجزائر أيضا يشهد غليانا كبيرا، كانت الجزائر تنتقل من نظام الحزب الواحد للنظام الحزبي المتعدد، وكان التوجه الإسلامي بلغ مداه، وكانت انتخابات 1990 ثم 1991 والعصيان المدني للإسلاميين، واستقالة الرئيس الشاذلي وبعدها الأزمة الأمنية الخطيرة، وعلى الصعيد العربي كان لإعلان العراق في عهد صدام حسين ضم الكويت وإعلانها ولاية عراقية، وما صاحبها من حرب على العراق بقيادة أمريكا جمعت لها 31 دولة منها عدة دول عربية مثل سوريا ومصر إلى جانب دول الخليج، وعندما كثرت الأحداث ازداد نشاطنا كصحفيين وازداد تعلمنا بسرعة، وقد تنقلت في حياتي الصحفية بين عشرات الصحف منها » صوت الأحرار، الحقيقة، الشروق العربي والثقافي، العالم السياسي، الجيل والحرية المحقق السري، والشروق اليومي «. من كان يبهر محمد لعقاب من الصحافيين الكبار؟ الإنبهار، كلمة كبيرة، في الحقيقة أنا كنت أقرأ كثيرا المجلات العربية مثل »العربي« وتعلمت كثيرا من كتاب المقال فيها، وخاصة الإستطلاعات، كذلك كنت أقرأ الجيل والحوادث ومنار الإسلام وغيرها من المجلات التي كانت تصدر في المشرق العربي، وكان يكتب فيها كتاب كبار مثل جهاد الخازن، أنور الجندي، محمد الرميحي، وغيرهم. وفي الجزائر هناك العديد من الأقلام الجيدة التي كنت أقرأ لها مثل سعد بوعقبة، احميدة عياشي، كمال بلقاسم رحمه الله، محمد عباس، عبد الله قطاف، عبد العالي رزاقي، بشير حمادي، نذير بولقرون، نور الدين خلاصي، فتيحة عقاب، محمد بوازدية، توفيق رباحي، سليمة غزالي، وسقية زايدي رحمه الله، وغيرهم كثير. من كان مثلك الأعلى؟ بشكل مباشر هم »القرويون« الذين ترعرت في أوساطهم، في جدهم واجتهادهم وتحديهم لصعاب الحياة بتعاونهم وتضامنهم، هم أمي وأبي اللذان تعلمت منهما كيف نصنع من »لاشيء أشياء كثيرة«. ما هي الصعوبات التي واجهتها في حياتك؟ أنا لم أولد في القطن ولا في الحرير، ولا بملعقة ذهبية في فمي، لكن الحياة بدون صعوبات لا طعم لها، فمن الصعوبات نتذوق حلاوة الحياة، فعندما تعرق من أجل بعض المال تشعر بلذة أكبر وأنت تستهلكه. شعورك عندما نشر اسم محمد لعقاب لأول مرة على صفحات الجرائد؟ من المؤكد أنه كان شعورا مميزا، وبدأت اشعر أن لي مكانة في المجتمع، فأن تقرأ لك الناس، يعني أنك أصبحت مهما. هل وقعت يوما ما في الكذب المنمق؟ الكذب مهما كان يبقى كذبا، ومن أخلاقنا كمسلمين أن لا نكذب، ومن أخلاق الصحافة الصدق، لكن التحليلات الإعلامية هي وجهات نظر بناء على ثقافتنا وتطلعاتنا، ولا يمكن أن نعتبر اختلاف وجهات النظر كذبا. أغلب كتاباتك تميل للسياسة، لماذا هذا التخصص في الإعلام السياسي؟ أنا كتبت في كل التخصصات، ماعدا الرياضة، لكن كل شيء في الحياة سياسية، كما أن الفترة التي عشتها كصحافي كانت سياسية بامتياز، مليئة بالأحداث الوطنية والدولية، ولم يكن ممكنا لصحفي أن لا يلتزم بهموم شعبه، ففي تلك الفترة أعرف بعضهم من انتقل من الرياضة إلى الصحافة السياسية. لكنك كتبت كتابا كاملا عن الرياضة " مصر التي أسقطتها كرة القدم "، أليس كذلك؟ نعم، وكان ذلك عام 2009 تفاعلا مع أحداث كرة القدم بين مصر والجزائر، فأمام تطاول الإعلاميين المصريين على الجزائر، شعبا وتاريخا وهوية وشهداء، كان لابد لي أن أدافع عن الجزائر، فكتب سلسلة من المقالات، ثم نشرتها في كتاب، لكن تلك المقالات كانت سياسية وليست رياضية، وقد توقعت فيها سقوط نظام حسني مبارك، وهو ما تدل عليه صورة الغلاف بوضوح. ما هي أكثر المقالات التي تعتز بها؟ وأين نشرت؟ كل ما كتبته هو قطعة مني، لكن المقالات الناضجة كتبتها في »صوت الأحرار«، »الشروق اليومي«، و»الخبر الأسبوعي«. وما هي أشهر كتبك بالنسبة إليك؟ هي أيضا كلها قطعة مني، هي أنا وأنا هي، وكلها مهمة بالنسبة إلي، لكن لكل منها جمهور خاص، فكتاب »الصحفي الناجح« موجه للإعلاميين والطلبة، وكتاب »تهويد الوعي« سياسي للجمهور العام، و»الصليبية الأمريكية« و»عهد حرب الحضارات« موجه للجمهور العام، وقضايا ساخنة موجه للنخبة تقريبا وهكذا. على ذكر كتاب الصليبية الأمريكية، لقد احتج عليه السفير الأمريكي السابق في الجزائر، أليس كذلك؟ نعم لقد احتج على المفهوم »الصليبية الأمريكية« وليس على الكتاب، وقد طالب بتنظيم مناظرة معي، وتمت فعلا المناظرة في المكتبة الوطنية عام 2008 نشطها الدكتور أمين الزاوي بحضور أزيد من 700 شخصية، وكانت حدثا ثقافيا بأتم معنى الكلمة، لكن التغطية الإعلامية كانت دون المستوى. لديك كتب عديدة حول تكنولوجيا المعلومات، هل تعتقد أن الصحافة الالكترونية ستطغي يوما ما على نظيرتها الورقية؟ نعم، لا أحد يستطيع أن يوقف الزحف التكنولوجي من جهة، ثم إن هناك عدة عوامل تهدد الصحافة الورقية منها، بروز القارئ على الأنترنيت وتراجع القراءة الورقية، غلاء سعر الورق في السوق الدولية، ارتفاع سعر الطباعة، وتوجه الإعلانات للأنترنيت والقنوات التلفزيونية. لكن دعيني أقول لك، أن تكنولوجيا المعلومات لا تقضي على الصحافة المكتوبة، بل إن حضارة الورق في طريقها إلى الزوال ليحل منحلها ورق من نوع آخر، إنه الورق الإلكتروني، مثلما هو الحال مع المتغيرات الأخرى، فالعملة الإلكترونية حلت محل العملة الورقية والمعدنية، والجريمة أصبحت إلكترونية والتعليم إلكترونيا والحروب إلكترونية والكتاب تحول من الورقي إلى الإلكتروني وهكذا. د. محمد لعقاب، يعرف عنك أنك أول من أدخل مادة تكنولوجيا المعلومات للجامعة الجزائرية، هل من توضيح بهذا الخصوص؟ نعم .. فبعد كتاباتي الصحفية حول الأنترنيت في التسعينيات، أشرت إليها في كتابي الأول »المسلمون في حضارة الإعلام الجديدة« الصادر عام 1996، أنجزت أطروحة دكتوراه حول »الأنترنيت ومجتمع المعلومات« عام 2001، كانت الأولى من نوعها في الوطن العربي، بعدها مباشرة فتحت تخصص »مجتمع المعلومات« للدراسات العليا، وتخرج على يدي العديد من الطلبة »الرقميين«، لكن المأساة أنه تم توقيفه بعد ثلاث سنوات، ثم فتحت تخصص آخر بعنوان الصحافة المكتوبة والملتيميديا للماستر والدكتوراه، لكن نفس إدارة جامعة دالي إبراهيم وبسبب خلافات معها عندما كنت رئيسا للمجلس العلمي نزعت مني التخصص وأسندته لأستاذ آخر ليس له أي كتاب حول تكنولوجيا المعلومات .. لقد كانت مأساة بالنسبة إلي. كيف ترى واقع الإعلام في الجزائر؟ من وجهة نظري المتواضعة، هناك تراجع في الآداء الإعلامي مقارنة بفترة التسعينيات رغم كثرة الصحف »150 يومية تقريبا وعشرات الأسبوعيات والقنوات الإذاعية والتلفزيونية«، ومع ذلك هناك مؤشرات مشرقة، فهناك تنوع كبير وهناك هامش واسع في الحرية، وهناك تبني للقضايا الوطنية، لكنني ألاحظ أيضا أن النظرية الليبرالية متحكمة في التوجه العام واقصد نظرية الإثارة، وليس هناك احتكام للقيم الإخبارية التي تخدم قضايانا الجزائرية. وضح أكثر.. نعم هناك تركيز كبير على السلبيات، وهذه النظرية غربية تقول أن الأخبار السيئة هي الأخبار الجيدة، لكننا في بلاد تختلف مشاكلها وأهدافه عن مشاكل وأهداف الدول الكبرى، لذلك ينبغي التركيز على الايجابيات وعلى التنمية أكثر من إثارة قضايا لا تفيد بل تؤثر سلبا على معنويات الشعب بطريقة سلبية، خاصة في مثل الظروف الدولية والإقليمية التي نعيشها حاليا. وما تفسيرك لهذه الأوضاع التي تحيط ببلدنا اليوم؟ يمكن أن نجد لها تفسيرات متناقضة، أولا أن الحكومات الوطنية فشلت في تحقيق التنمية وطموحات الشعب، ما ولد حالة من الإحتقان الشعبي تجسد في ما أصبح يعرف بالربيع العربي، ثم إن أحداث الربيع العربي انحرفت لتصبح كارثة عربية من خلال العمل على تغيير الأوضاع بقوة السلاح، هذا الوضع سهل التدخل الخارجي في الأوضاع الداخلية لهذه الدول بما في ذلك القوة العسكرية، ومعروف أن التواجد الأجنبي في المنطقة يولد أيضا الشرعية لدى التيار الجهادي فعزز العمليات التجنيدية في الجماعات الإرهابية، وهكذا أصبحنا نعيش فوق برميل بارود، وهو الأمر الذي يستدعي أن نعزز اللحمة الداخلية في الجزائر وتجنب كل ما يؤدي بنا إلى القفز في المجهول، خاصة وأننا حققنا نسبة معتبرة من النمو وحققنا تقدما كبيرا في المصالحة الوطنية، فضلا عن التقدم في محاربة الإرهاب وتحقيق السلم، وهي مكتسبات تحققت بصعوبة، ومع انهيار أسعار النفط، علينا أن نتجند جميعا للحفاظ على هذه المكتسبات. ماذا تعني الجامعة بالنسبة لكم؟ الجامعة هي عائلتي الثالثة بعد الصحافة، وتكاد تصبح العائلة الثانية، ويفترض فيها أن تكون الفضاء المولد للأفكار، لكنها بكل أسف لم تعد كذلك. ولماذا في رأيك؟ السؤال بحاجة لدراسة، لكنني أعتقد أن كل المعنيين لم يقوموا بواجبهم تجاهها، فالأستاذ لا ينتج فكرا، والطالب ينجح بدون جهد، والإدارة تهتم فقط بالتسيير الإداري، ونظام »أل أم دي« أثبت حدوده، وطريقة التوظيف خاطئة، والمفروض كل أستاذ لا ينتج فكر ينبغي تحويله من الفضاء الجامعي إلى فضاءات أخرى، فمستوى بعض الأساتذة في الجامعة دون مستوى المعلمين في المتوسطات والثانويات. محمد لعقاب، إلى أين يميل سياسيا؟ أنا "نوفمبري" التوجه، وأجد نفسي في كل حزب نوفمبري. تشهد البلاد حراكا سياسيا، ما هي قراءتكم للمشهد السياسي؟ فعلا، هناك تدافع كبير في الوقت الراهن، خاصة بعد التغييرات التي مست جهاز المخابرات، الذي أشبهه ب 11 سبتمبر 2001، فمرحلة ما قبل الجنرال توفيق ليست كما بعدها، لذلك هناك تدافع سياسي كبير، لتعزيز المواقع في هذه المرحلة الجديدة. وبدون شك، فإن المستفيدين من الوضع السابق، أي ما قبل سبتمبر 2015، سوف يقاومون ويستميتون في المقاومة دفاعا عن مصالحهم ومكانتهم التي يشعرون بأنهم يفقدونها تدريجيا، وهم في مواجهة مع اللذين كان يستشعرون أنهم في المرحلة السابقة كانوا مقصيين من لعب دور رئيسي على خشبة المسرح السياسي أو الثقافي أو الإقتصادي، إنه صراع طبيعي لكن لا يجب أن يصل إلى العصف بمكتسبات البلاد، فعندما أسمع السيدة لويزة حنون تصرح وتقول » أن المقاومة العسكرية بدأت « تزداد المخاوف على مستقبل البلاد، ويمكن القول أن بعض السياسيين يمارسون نقاشا غير مسؤول. وكذلك يحزنني أن أرى وأسمع وأقرأ تصريحات مسيئة للأشخاص والشخصيات وحتى للمجاهدين والشهداء وتاريخنا المجيد، يجب أن نترك المقدسات فوق الخلافات السياسية والشخصية. كذلك لست من أنصار دعاة المرحلة الإنتقالية التي تعني رئاسيات مسبقة لأن ذلك قد يكون قفزا نحو المجهول، أنا مع المسار السياسي الهادئ للمؤسسات بالطرق الشرعية والسياسية المعروفة في كل دول العالم. ماذا يعني الإرهاب اليوم بالنسبة لكم؟ الإرهاب هو الحلقة التي تحلق كل شيء، وتدمر كل مكتسبات الأمة، ولا يوجد أي مستفيد من الإرهاب ما عدا العدو، ولا يوجد أي علاقة للإرهاب بالإسلام، فالإرهابيون الذين يرفعون شعار الإسلام لا يفقهون في الإسلام شيئا، ومنحوا الفرصة للدول الغربية لكي تزيد في هجومها على الإسلام خاصة بعد أن أصبح تعداد المسلمين ينافس تعداد المسيحيين في العديد من دول العالم. كذلك أصبح الإرهاب اليوم جزء من السياسة الدولية، فالدول الغربية عندما تريد أن تتدخل في أي منطقة في العالم تضخم الوجود الإرهابي فيها، ثم تتهم الدولة بالضعف، وتعطي لنفسها حق التدخل لحماية مصالحها وأمنها، كما حدث في مالي، وليبيا وسوريا واليمن. يقال إن أسوأ من يعمل بالصحافة اليوم هم خريجو كلية الإعلام ؟ هل هذا صحيح؟ أنا لا أقول لك إن التكوين ممتاز، وفي ظل نظام تعليمي ناقص وأساتذة غير أكفاء ومسؤولين في غير محلهم، وإمكانيات شبه منعدمة، وظروف غير مواتية، وطلبة غير مهتمين .. من الصعب أن تنتج صحافيا ممتازا، ومع ذلك لا أعتقد أنهم هم الأسوأ، بل أن كل المؤسسات الإعلامية تشتغل بأكثر من 80 بالمائة من خريجي أقسام الإعلام، وعندما تتاح لهم الفرصة فإنني أعتقد أن بعضهم يستطيع أن يبدع بعد الخبرة النظرية المتواضعة التي اكتسبها في الجامعة. عرفتم في العديد من القنوات الجزائرية والأجنبية من خلال تحاليلكم للعديد من المواضيع السياسية وأخرى تتعلق بالأمن؟ هل تحب الأضواء من باب الشهرة أم ماذا؟ إن الشهرة غريزة إنسانية، لكن لديها ثمن، تصور أن بسبب تحليلاتك ومواقفك يتم تهديدك، وأحيانا سفراء دول يشتكونك لمسؤولي القنوات، لكن تصور كم تكون سعادتك عندما تلتقي بمن يحبون تحليلك ومواقفك. إن الإسهام في التحليلات السياسية هو التزام اجتماعي وسياسي، إن رأيي صوت يمثل توجهات سياسية وآراء يجب أن تسمع وتؤثر، إنني أعتقد دائما أن رأيي هو »الأصح« وعلى الجميع أن يأخذ به، وأواجه الآراء التي أرى أنها مضرة بمصلحة الجزائر، إن تحليلاتي السياسية هي امتدادا للتدافع الذي أشرت إليه سابقا، ولم تكن أبدا الشهر هي الدافع، فالشهرة تأتي لوحدها، ومن يبحث عن الشهرة من أجل الشهر فإنه يفقد الشهر ويفقد ذاته أيضا. ما هو آخر كتاب لك؟ من حيث التأليف »تهويد الوعي العربي« هو آخر كتاب صدر عام 2014، لكن الطبعة الرابعة من "الصحافي الناجح" صدر عام 2015 وهي طبعة ممتازة صراحة. ماذا تقصد بتهويد الوعي العربي؟ هو محاولة أنظمة عربية ووسائل إعلام عربية وكتاب عرب وروائيين عرب وفنانين عرب إقناعنا بأن إسرائيل دولة صديقة ومسالمة وأن بعض الدول العربية أو الأحزاب العربية هي العدو الأول للأمة العربية، وقد شارك في عملية تهويد الوعي حتى بعض الدعاة وشيوخ الإسلام ومؤسسات دينية عديدة. ما هي نصيحتك لكل إعلامي؟ على الإعلامي أن يكون ملتزما بقضايا الأمة، وأن يكون محترفا، متجنبا لعوامل التفرقة، مركزا على الإيجابيات أكثر من السلبيات. العائلة هي جزء لا يتجزأ من حياتكم وأجندتكم لا تخلو من المواعيد، كيف توفق بين العمل والواجب المنزلي؟ إنها أصعب معركة في حياتي، لكن زوجتي تلعب دورا هاما في تحقيق هذه المعادلة، بل إن هي التي تقود هذه المعركة. ومن انتصر في المعركة في نهاية المطاف؟ زوجتي هي المنتصر، أما أنا فإنني أجني ثمار النصر كلمة ليس لها وجود في قاموس محمد لعقاب؟ أنا أكره الحسد والبغض والكراهية خطأ وقعت فيه ولا تغفره لنفسك حتى الآن؟ من الأخطاء نتعلم دائما .. لكنني لحد الآن لم ارتكب خطأ لا يغتفر، لكن أحيانا يشعر الإنسان بالتقصير تجاه الواجب والأحبة من الناس مثل الوالدين وعائلتي الصغيرة. ممن تغار وكيف تكون غيرتك؟ والله لا أغار من أحد، لكن أغار من الدول التي حققت تقدما كبيرا وكان بوسع الجزائر أن تكون أفضل منها بكثير. وعلى ماذا تحزن كثيرا؟ الحزن يسكنني دوما عندما أشهاد مسؤولين يعبثون في مناصبهم.