كتب الدكتور مولود عويمر في تغريدة مشيرا إلى أحد التآليف الهامة التي تزين مكتبته في البيت (من ذخائر مكتبتي منذ كنت طالبا في القسم الإعدادي، وأنا أشتري الكتب والمجلات في المجالات المختلفة، ومن أوائل ما اشتريت منها كتاب بعنوان "الإنسان ذلك المجهول" للعالم الفرنسي-الأمريكي ألكسيس كاريل، وذلك في خريف عام 1985 بعشرة دنانير فقط. وهو كتاب ثمين في نقد الحداثة الغربية. وتضاعفت قيمة هذا الكتاب في عيني، لما قرأت بعد سنوات قليلة ما كتبه عنه سيد قطب وعلي شريعتي وأبو الحسن الندوي ووحيد الدين خان وغيرهم من العلماء والمفكرين المسلمين، ونوّهوا بمادته، والنتائج التي توصل إليها مؤلفه والتحقتُ متأخرا بهذه القائمة من الكُتاب في عام 2003 لما نشرت دراستي ألكسيس كاريل في فكر سيد قطب وعلي شريعتي" في مجلة "مرايا" الصادرة في باريس). أجل، الإنسان أدرك أسرار المادة لكنه لم يدرك أسرار ذاته، دوّخ العلم وأوقف عقارب الساعة عند الخير والجمال وحوّل مجرى التاريخ باتجاه الدمار والشرور والعنف. يملك الإرادة ليتجبر ويرحم ويتراحم، بقدر جلال سطوته قد لا يقدر على همّ أصاب تفكيره أو علّة دبّت في جسده.. يقوم بأدوار البطولة بأشكالها الرائعة والخسيسة، يمزج بين اللصوصية والقتل والريادة الرياضية تماما كما يمزج بين فتح البلدان والانتصار على الجيوش وإسقاط العواصم. يملك أن يحيي الفتن المذهبية والطائفية الدينية حتى ولو كان عمرها خمسة عشر قرنا كما يحدث اليوم في المنطقة العربية الإسلامية. يتحول إلى وحش في التاريخ أو إلى بطل له كل المعيارية والامتياز والتأييد، ويبث خطابا يلبس ثوب الدين و التوحيد والرسول الأعظم، و يشيع مديح الكراهية باسم المدنية والحريات و دفاعا عن الديمقراطية وحقوق الإنسان. ربما هو التدافع لكنه في النهاية وبعد رحلة قرون طويلة من معركة الحياة والحضارة المادية لا يفتأ أن يعود في النهاية إلى نقطة البداية بالتزامن مع ذاك كله.. يعود إلى توحشه وعنفه وإلى حروبه وفتنه كما لو كان البدء. أما بعد: "ولا تركنوا إلى الذين ظلموا!" قرآن كريم