تتجه بكين نحو تغيير إستراتيجيتها فيما يتعلق بشراكتها الاقتصادية مع الجزائر، وذلك من خلال التوجه نحو الاستثمار المنتج سواء بالشراكة مع القطاع العام أو مع المؤسسات الخاصة الوطنية، وهي النية التي أبدتها السلطات الصينية على لسان سفيرها بالجزائر الذي أكد مؤخرا أن "بلاده تريد تجاوز العلاقات التجارية للاستثمار في قطاع الإنتاج". بعد أن أزاحت الاتحاد الأوربي وفرنسا على وجه التحديد من على رأس قائمة الدول الممونة للجزائر، وكذا فوزها بأهم الصفقات التي أطلقتها الحكومة لإنجاز عديد المشاريع الكبرى على غرار الطريق السيار »شرق- غرب« وجامع الجزائر الكبير ومعظم المشاريع السكنية والرياضية، نهاية بميناء شرشال الضخم الذي ستنطلق الأشغال به قريبا، تتجه الصين إلى تعزيز تواجدها بالسوق الوطنية، وهذه المرة من بوابة الاستثمار المنتج، بعد عقدين من الشراكة التجارية والخدماتية . ويتعزز هذا التوجه الجديد من خلال رغبة الصين في بناء شراكة ذات جودة عالية مع الجزائر، وهو ما أكده مؤخرا سفيرها يانغ غيونغيو وذلك بمناسبة التوقيع على عقد إنجاز مشروع الميناء التجاري الجديد المنتظر إنشاؤه في موقع الحمدانية شرق مدينة شرشال بولاية تيبازة، حيث قال إن بلاده على استعداد لمرافقة الجزائر في مسار تنويع اقتصادها وتبادل خبراتها الناجحة معها في مجال التصنيع، مشيرا إلى مشاريع أخرى منتظرة مستقبلا في مجالات الطاقات المتجددة وصناعة السيارات والمناجم، مضيفا أن الصين حققت بنجاح انتقالها إلى التصنيع وقد تعلمت عدة دروس وهي اليوم على استعداد ل»تقاسمها مع أصدقائنا الجزائريين«. وكانت الجزائروالصين قد وقعتا في أفريل 2015 -خلال زيارة رسمية للوزير الأول عبد المالك سلال إلي الصين- حوالي 20 اتفاقية تعاون ومذكرة تفاهم في مجالات المناجم الحديد والتجهيزات الكهرومنزلية والفندقة والميكانيك والفلاحة وصناعة الاسمنت والنقل البحري، وفي هذا الخصوص أوضح السفير الصينيبالجزائر أن هذه المشاريع تعرف تقدما جيدا، مشيرا إلى مشاريع أخرى منتظرة مستقبلا في مجالات الطاقات المتجددة وصناعة السيارات والمناجم. وقد شرعت الصين التي تستحوذ شركاتها العاملة بالجزائر حسب مصادر إعلامية على استثمارات فاقت 20 مليار دولار تشمل البنية التحتية والمنشآت الكبيرة، كما أنها تصنف منذ 2013 كأول شريك تجاري أجنبي للجزائر بواقع 8 مليارات دولار سنويا مزيحة بذلك فرنسا الشريك التجاري لعقود. في تغيير إستراتيجيتها الاقتصادية مع الجزائر وهو ما يتأكد من خلال نكفل الشريك الصيني بتمويل مشروع انجاز الميناء الضخم بنسبة 100 بالمائة حسب بنود الاتفاق، كما أنها تعتزم تجسيد العديد من المشاريع الاستثمارية سواء بالشراكة مع القطاع العام أو مع المؤسسات الخاصة الوطنية. وقد سبقت »النية« في تغيير إستراتيجيتها الاقتصادية مع الجزائر عدد من المؤشرات التي وصفها محللون اقتصاديون بالايجابية، خاصة مع قرار بنك الجزائر مؤخرا الذي رخص الاستعمال الحصري للعملة الصينية في تسوية فاتورات واردات الجزائر من الصين، وهو القرار الذي من شأنه التقليل من خطر تقلب سعر الصرف لصالح المستوردين الوطنيين، وذلك تزامنا وعقد عديد اتفاقات الشراكة في مجال الاستثمار المباشرة خاصة في مجال صناعة السيارات، الفلاحة، السياحة، البناء، والصناعة الالكترونية وغيرها.